في عالم الحيوانات المفترسة، يبرز الدب البني (Brown bear) كرمز للقوة والبقاء.
هذا المخلوق الضخم، الذي يمكن أن يزن حتى 780 كجم، يعيش في تنوع بيئي يمتد من الغابات الكثيفة إلى الجبال الشاهقة.
وفي هذه المقالة، سنستكشف حياة الدب البني، بدءاً من تاريخه الطبيعي وصولاً إلى التحديات التي يواجهها في عالم يتغير بسرعة.
الاسم العلمي | Ursus arctos |
الأسماء الشائعة | الدب البني، الدب الأسمر |
الفصيلة | الدببة |
الموطن | قارة أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا |
الغذاء | آكلات لحوم ونباتات |
حالة الحفظ | غير مهدد بالانقراض |
محتويات
موطن الدب البني
ينتمي الدب البني إلى فصيلة الدببة، ويعد أكثر أنواع الدببة انتشاراً، حيث يمكن العثور على هذا النوع في أمريكا الشمالية، خاصة في ألاسكا وكندا.
كما يتواجد في أوراسيا، بما في ذلك روسيا والدول الاسكندنافية ورومانيا.
ويتواجد أيضاً في مناطق متفرقة من آسيا مثل الصين والهند، وحتى في بعض الأجزاء من الشرق الأوسط في إيران و فلسطين. [1]
البيئة
يفضل الدب البني العيش في الغابات الكثيفة والجبال، حيث يجد وفرة من الموارد الغذائية والملاجئ.
و يتميز بقدرة هائلة على التكيف مع مختلف البيئات، من الغابات المعتدلة إلى التندرا القطبية، ومن السهول إلى الجبال.
كما يمكنه العيش في المناطق ذات درجات الحرارة المنخفضة جداً والمرتفعات الشاهقة.
وذلك بفضل فرائه الكثيف وطبقة الدهون السميكة التي تحميه من البرد القارس. [2]
الدب البني السوري
الدببة البنية السورية نوع فرعي أصغر من الدب البني الأوراسي، تاريخياً، كان الدب السوري موجوداً في الشرق الأوسط من تركيا إلى تركمانستان .
واليوم، ويعتبر الدب السوري نادراً للغاية وربما غائباً في سوريا التي تحمل اسمه، وقد تم القضاء عليه من الأردن وفلسطين وشبه جزيرة سيناء.
ولا يتواجد إلا في أرمينيا وأذربيجان وجورجيا وإيران والعراق وتركيا وتركمانستان، خاصة حول جبال القوقاز.
بينما في سوريا، تم تسجيل آثار أقدام الدب البني في الثلوج في جبال لبنان الشرقية في عام 2004 لأول مرة منذ خمسة عقود.
وفي فبراير 2011، تم تسجيل آثار أقدام الدب مرة أخرى في هذه المنطقة.
ويتميز الدب السوري بفرو فاتح اللون، عادة ما يكون بنياً فاتحاً، مع وجود بقع أغمق على الكتفين وأطراف الأرجل.
ومن السمات المميزة لهذا الدب، مخالبه البيضاء الفريدة.
ويتعرض هذا النوع للتهديد الشديد بسبب فقدان بيئته الطبيعية، والصيد الجائر، والنزاعات المسلحة في المنطقة.
وفي السنوات الأخيرة، شهدنا حوادث مؤسفة لقتل الدببة البنية السورية في العراق وإيران، مما يزيد من الضغوط على هذا النوع المهدد بالانقراض. [3]
الأنواع الفرعية للدب البني
يُعرف الدب البني بتنوعه الكبير في الأنواع الفرعية، حيث يشير التحليل الجيني الحديث إلى وجود ما لا يقل عن خمس مجموعات رئيسية تضم جميع الدببة البنية الموجودة.
بينما كشفت دراسة وراثية عرقية أُجريت في عام 2017 عن تسعة فروع حيوية، بما في ذلك فرع يمثل الدببة القطبية. ومن أشهر هذه الأنواع :
- الدب الأشهب (Grizzly bear): يوجد في أمريكا الشمالية.
- الدب الكودياك (Kodiak bear): أكبر أنواع الدببة البنية، ويوجد في جزيرة كودياك في ألاسكا.
- الدب البني الأوروبي (Eurasian brown bear): ينتشر في أوروبا وآسيا.
- الدب البني السوري (Ursus arctos syriacus): ينتشر في الشرق الأوسط وغرب آسيا الوسطى، وخاصة حول جبال القوقاز.
شكل الدب البني
- يعد من أكبر الحيوانات البرية في العالم، ويختلف حجمه بشكل كبير حسب المنطقة الجغرافية ونوع الغذاء المتوفر.
- يبلغ وزن الدب البالغ بين 130 – 700 كجم، ويصل طوله إلى 2.8 متر.
- يتميز بفراء بني كثيف يغطي جسده بالكامل، ويختلف لونه من البني الفاتح إلى البني الغامق، حسب المنطقة الجغرافية.
- يمتلك رأساً كبيراً وأذنين صغيرتين مستديرتين وعيوناً صغيرةً سوداء اللون.
- تعد حاسة الشم لديه قوية جداً، حيث يمكنه شمّ رائحة الطعام من مسافة بعيدة.
- يتميز بوجود سنام عضلي بارز على أكتافه، يعطيه قوة إضافية عند الحفر أو تحريك الصخور.
- يمتلك مخالب قوية غير قابلة للطي، يستخدمها في الحفر وتسلق الأشجار واصطياد الفرائس.
- يمتلك أرجلاً قوية وقصيرة نسبياً، تُمكنه من المشي والركض بسهولة في التضاريس الوعرة.
طريقة حركة الدببة
الدببة البنية هي حيوانات برية بشكل أساسي، وتتحرك ببطء ولكنها قد تتحرك بسرعة كبيرة ويمكنها أن تصطاد الدب الأسود بسهولة.
كما يمكنها السباحة وافتراس الأسماك في الماء وتسلق الأشجار، ولكن الدببة البالغة لا تستطيع تسلق الأشجار.
الاختلافات في الحجم بين الدببة
تشير الدراسات إلى وجود اختلافات ملحوظة في حجم الدببة البنية حسب المنطقة الجغرافية ونوع الغذاء المتوفر.
فعلى سبيل المثال، تعد الدببة البنية في ألاسكا أكبر حجماً من تلك التي تعيش في جبال البرانس، وذلك بسبب توفر كميات أكبر من سمك السلمون في ألاسكا. [1]
سلوك الدب البني
تنشط الدببة البنية على مدار اليوم، ولكنها تبحث عن الطعام بشكل عام في الصباح والمساء وتستريح في الغابات الكثيفة خلال النهار.
وقد لوحظت أيضاً هجرة موسمية، حيث تسافر الدببة البنية في الخريف لمئات الكيلومترات للوصول إلى المناطق التي تتوفر فيها إمدادات غذائية مناسبة. مثل تيارات السلمون أو المناطق التي يكثر فيها إنتاج التوت.
النظام الاجتماعي
تتداخل مناطق الدب البني مع بعضها البعض، و لا يوجود دليل على الدفاع عن الأراضي، وتُعرف الدببة البنية بأنها حيوانات انعزالية.
حيث تقضي معظم وقتها بمفردها، باستثناء فترة التزاوج ورعاية الصغار.
وعلى الرغم من ذلك، قد تتجمع الدببة البنية في مجموعات صغيرة في الأماكن التي تتوافر فيها مصادر الغذاء بكثرة، مثل مناطق صيد سمك السلمون.
وفي ظل هذه الظروف، عادةً ما يتشكل تسلسل هرمي للهيمنة ويتم الحفاظ عليه من خلال العدوان.
حيث تكون الدببة الأكثر عدوانية هي الإناث التي لديها صغار، بينما الذكور البالغون الكبار هم الأعلى مرتبة.
أما الأفراد الأقل عدوانية والأقل رتبة فهم الصغار واليافعون. [2]
السبات عند الدب البني
تكون الدببة البنية غير نشطة من أكتوبر إلى ديسمبر وتستأنف نشاطها من مارس إلى مايو.
وفي المناطق الجنوبية، قد تكون فترة الخمول هذه قصيرة جداً أو قد لا تحدث على الإطلاق.
ومن مميزات هذه الفترة أن الدببة تدخل في سبات عميق لخفض درجة حرارة أجسامها بعدة درجات.
وهذا ليس سباتاً حقيقياً ويمكن إيقاظ الدببة من نومها الشتوي بسهولة.
التواصل بين الدببة البنية
يمتلك الدب البني أحد أكبر الأدمغة بالنسبة لحجم الجسم مقارنةً بحجم أي حيوان آكل للحوم موجود.
وقد ثبت أنها تستخدم الأدوات التي تتطلب مهارات معرفية متقدمة.
بينما تتواصل هذه الحيوانات بشكل رئيسي عن طريق الشم والصوت وحركات الجسم، مثل الهدير والزمجرة والوقوف على أرجلها الخلفية.
كما أنها تخدش وتفرك الأشجار وغيرها من المعالم الأخرى لتحديد حدود المنطقة.
غذاء الدب البني
يصنف الدب البني ضمن الحيوانات آكلات اللحوم، ولكنه يتغذى على مجموعة متنوعة من الأطعمة.
تشمل النباتات والفواكه والتوت والحشرات والأسماك والحيوانات الصغيرة.
كما تأكل اللحوم بشدة، حيث تصطاد الأيائل والموظ والأغنام الجبلية والماعز الجبلي، وتتغذى على الجيف والدببة السوداء في بعض الأحيان.
كما شوهدت دببة بنية تفترس المجموعات الضعيفة من أسماك السلمون التي تبيض في الصيف. [2]
النظام الغذائي المتنوع
يلعب تنوع النظام الغذائي للدب البني دوراً هاماً في بقائه على قيد الحياة في مختلف البيئات، حيث يمكنه التكيف مع توفر الموارد الغذائية المختلفة.
فعلى سبيل المثال، خلال فصل الربيع يتغذى على النباتات الخضراء والحشرات.
بينما يعتمد في فصل الصيف على الفواكه والتوت، وفي فصل الخريف يبحث عن المكسرات والبذور لتخزين الدهون لفصل الشتاء.
وتُظهر الدراسات أن الدببة البنية التي تعيش بالقرب من الأنهار والبحيرات تستهلك كميات كبيرة من سمك السلمون.
بينما تعتمد تلك التي تعيش في المناطق الجبلية على النباتات والجذور المتوفرة بكثرة في بيئتها.
افتراس الدببة البنية
لا يتم افتراس الدببة البنية في كثير من الأحيان بسبب حجمها الكبير وعدوانيتها تجاه التهديدات.
وقد تعرضت الدببة البنية للاضطهاد من قبل البشر على مر التاريخ الحديث.
كما تتعرض بعض الصغار للهجوم من قبل دببة أخرى أو أسود الجبال أو الذئاب، على الرغم من أن هذا نادر جداً.
تكاثر الدب البني
تبدأ فترة التزاوج للدببة البنية في فصل الربيع، وتستمر لمدة تتراوح بين بضعة أسابيع وبضعة أشهر.
وتتنافس الذكور على الإناث، وقد تحدث معارك شرسة بينها للحصول على فرصة التزاوج.
ويتزاوج الذكر المنتصر مع أكثر من أنثى، وعادةً ما تمر الأنثى بعملية “تأخر الزرع“.
حيث تنفصل البويضات الملقحة الأنثوية في عملية انغراس متأخر وتطفو بحرية في الرحم لمدة 6 أشهر.
وخلال فترة السكون الشتوي، يلتصق الجنين بجدار الرحم، وتبلغ فترة حمل إناث الدببة البنية حوالي 6-8 أشهر.
وتلد في فصل الشتاء، عادةً ما يكون عدد الصغار 1-3 جراء.
العناية بصغار الدب البني
يسمى صغير الدب البني “ديسم”، ويبقى الصغار مع أمهاتهم لمدة تتراوح بين 18 شهراً – 3 سنوات، وتعتمد عليها بشكل كامل في الغذاء والحماية والتعليم.
بينما يصل الصغار إلى مرحلة النضج الجنسي بعد 4-6 سنوات، ولكنها تستمر في النمو حتى عمر 10-11 سنة.
ويمكن للدببة البنية العيش 20 – 30 عاماً في البرية، ومن المعروف أنها تعيش حتى 50 عاماً في الأسر. [2]
حالة حفظ الدب البني
يُصنف الدب البني حالياً على أنه “غير مهدد بالانقراض” من قِبل الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN)، وذلك بفضل جهود الحفاظ على الأنواع والموائل.
ومع ذلك، تواجه بعض السلالات المحلية خطر الانقراض بسبب الصيد غير المشروع وفقدان المواطن الطبيعية، مثل الدب البني السوري.
الدور في النظام البيئي
يعد الدب البني عنصراً حيوياً في النظام البيئي، حيث يلعب دوراً مزدوجاً كمفترس رئيسي وآكل للجثث.
ومن خلال هذه الأدوار، يساهم في تنظيم أعداد الحيوانات الأخرى والحفاظ على التوازن الطبيعي.
كما يساعد في انتشار بذور النباتات، مما يعزز من التنوع البيولوجي ويساعد في نمو النباتات الجديدة.
تهجين الدب البني والدب القطبي
يعد الدب القطبي الرمادي الهجين نتيجة تزاوج غير معتاد بين الدب البني والدب القطبي، وقد تم توثيقه في كل من الأسر والبيئة الطبيعية.
ففي عام 2006، تم تأكيد وجود هذا الهجين في البرية لأول مرة من خلال تحليل الحمض النووي لدب ذي مظهر فريد تم العثور عليه في القطب الشمالي الكندي.
ومنذ ذلك الحين، تم تحديد العديد من الدببة الهجينة الأخرى في المنطقة نفسها، مما يشير إلى أن هذه الظاهرة ليست نادرة كما كان يعتقد سابقاً.
وداعاً، أيها الدب الكبير
في ختام الحديث عن الدب البني، يجب التأكيد على أن استمرارية هذا النوع تعكس صحة النظم البيئية التي يعيش فيها.
وأن الحفاظ على الدب البني لا يقتصر على حماية النوع نفسه، بل يمتد ليشمل الحفاظ على التوازن الطبيعي والتنوع البيولوجي.
ويجب أن نستمر في دعم هذه الجهود لضمان مستقبل مستدام لكل الكائنات الحية على كوكبنا.
ننصحك بالتعرف على”الأسد : دراسة شاملة حول هذه الكائنات الرائعة بالصور“