الغزال الدرقي “Goitered gazelle”، المعروف أيضاً بالغزال الفارسي، هو أحد أكثر الكائنات البرية إثارة للاهتمام في مناطق الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.
في هذا المقال، نأخذكم في رحلة شيقة لاكتشاف عالم الغزال الدرقي، من خصائصه الجسدية المميزة إلى سلوكه وموطنه الطبيعي.
الاسم العلمي | Gazella subgutturosa |
الأسماء الشائعة | الغزال الدرقي، الغزال الأسود الذيل، الغزال الفارسي |
الفصيلة | البقريات |
الموطن | قارة آسيا |
حالة الحفظ | معرض للخطر |
محتويات
موطن الغزال الدرقي
ينتمي الغزال الدرقي إلى جنس الغزلان، وهو جنس ضمن فصيلة الظباء، وسميت بهذا الاسم بسبب التضخم الشبيه بتضخم الغدة الدرقية في حنجرتها.
وتنتشر الغزلان الدرقية في مناطق واسعة تمتد من جنوب شبه الجزيرة العربية، وعبر جنوب كازاخستان ومنغوليا إلى شمال غرب الصين. مع وجود مجموعات صغيرة في غرب وجنوب أفغانستان وباكستان.
ومع ذلك، انخفضت أعدادها بشكل كبير في العديد من المناطق، حيث توجد الآن غالباً في المناطق النائية أو المحميات الطبيعية.
وتتركز تجمعات أكبر في جنوب شرق تركيا، وشمال المملكة العربية السعودية، وصحراء الربع الخالي، ورمال وهيبة في عُمان.
كما بدأت أعدادها في التزايد في الصحاري الوسطى بإيران بفضل جهود الحماية.
بالإضافة إلى ذلك، تم إدخال هذه الغزلان إلى جزر بارسا-كيلميس وأوغورشينسكي في بحر آرال وبحر قزوين. وكذلك إلى مواقع مختلفة في الإمارات العربية المتحدة. [1]
البيئة
يعيش الغزال الدرقي في مجموعة متنوعة من البيئات الصحراوية وشبه القاحلة، بما في ذلك سفوح التلال والوديان الجبلية.
حيث يرعى على أطراف الأراضي المزروعة ويتجنب المناطق المستخدمة للزراعة أو رعي الماشية.
وتتراوح مواطنه من التربة الطينية والرملية إلى الصحاري البازلتية والسهول الملحية، ويمكن أن يسكن مناطق شبه خالية من النباتات أو تلك التي تدعم الأعشاب والشجيرات.
في الشمال، يقتصر وجوده على المناطق التي لا يتجاوز عمق الثلوج فيها 10 – 15 سم خلال الشتاء.
حيث يلجأ إلى الوديان العميقة أو الأخاديد الجبلية أو الشجيرات الكثيفة للاحتماء من الرياح.
ويتراوح موطنه الجغرافي من مستوى سطح البحر حتى 3500 متر، مع وجوده في إيران حتى ارتفاع 2100 متر، وفي باكستان بين 1050-2100 متر، وفي أفغانستان تحت 1000 متر.
وخلال الصيف، غالباً ما ينتقل إلى ارتفاعات تصل إلى 3000-3500 متر في جبال كازاخستان ومنغوليا والصين. [1]
شكل الغزال الدرقي
- عبارة عن غزلان متوسطة الحجم وخفيفة البنية، ولكنها أكثر قوة مقارنة بمعظم أنواع الغزلان الآسيوية الأخرى.
- يتراوح وزن الذكور البالغين بين 20 – 43 كجم، بينما يتراوح وزن الإناث بين 18 – 33 كجم.
- يختلف لون الفراء جغرافياً من الأبيض إلى البني مع ظلال رمادية وحمراء وصفراء.
- الفراء الشتوي أطول وأسمك وأفتح لوناً من الفراء الصيفي.
- الذكور لديهم قرون سوداء طويلة تتراوح بين 20 – 34 سم، بينما الإناث عادةً بلا قرون.
- الذكور أكبر من الإناث ولديهم قرون أطول وتضخم أكبر في الغدة الدرقية.
- تتميز بآذان طويلة، وعيون سوداء كبيرة، وأرجل نحيلة تنتهي بحوافر سوداء صغيرة.
- لديها عضلة مفصل فخذ قوية تساعدها على الجري في الأراضي الوعرة.
- تمتلك غدداً أربية ورسغية وإبهامية وفي محجر العين. وتفرز الغدد الأربية والرسغية مادة صفراء شمعية ذات رائحة مسكية، بينما تنتج غدد محجر العين إفرازات سوداء.
الأنواع الفرعية
تم وصف العديد من الأنواع الفرعية من الغزلان الدرقية، وتم التمييز بين أربعة أشكال رئيسية كانت تعامل سابقاً كأنواع منفصلة.
في عام 2011، تم تحديد أن غزال الرئم (Gazella marica)، الذي كان يعتبر سابقاً نوعاً فرعياً، كنوع مستقل، وتم تحديد ثلاثة أنواع وهي: [2]
- الغزال الفارسي (Gazella (subgutturosa) subgutturosa): يتواجد في جنوب شرق تركيا، أذربيجان، جورجيا، سوريا، شمال وشرق العراق، إيران، جنوب أفغانستان، وغرب باكستان.
- غزال تركمانستان (Gazella (subgutturosa) gracilicornis): ينتشر في كازاخستان (منطقة بوزاشي) شرقاً حتى بحيرة بلخاش، بالإضافة إلى تركمانستان وطاجيكستان.
- غزال ياركاند (Gazella (subgutturosa) yarkandensis): يعيش في شمال وشمال غرب الصين (شينجيانغ، تشينغهاي، شنشي، قانسو، ومنغوليا الداخلية)، بالإضافة إلى منغوليا. يشمل هذا النوع الفرعي أيضاً النوع الفرعي المعروف باسم “هيليريانا”.
غزال الرئم العربي
غزال الرمل العربي أو الرئم العربي (Gazella marica) هو نوع من الغزلان يعيش في صحراء غرب آسيا.
بما في ذلك مناطق في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان وجنوب شرق تركيا، مع وجود أعداد صغيرة في الكويت والعراق والأردن وسوريا.
ويُقدّر عددها في البرية بأقل من 3000، بينما يوجد أكثر من 100,000 في الأسر أو المحميات.
وكان يعتبر سابقاً نوعاً فرعياً من الغزال الدرقي، لكن الدراسات الوراثية الحديثة أكدت أنه نوع مستقل وثيق الصلة بغزلان شمال أفريقيا مثل غزال الأطلس وغزال الريم.
سلوك الغزال الدرقي
تنتقل الغزلان الدرقية في مجموعات عائلية صغيرة تتراوح بين 2 – 9 أفراد، رغم وجود قطعان كبيرة تصل إلى الآلاف في بعض الأحيان.
وخلال موسم التكاثر، تتجمع الإناث والصغار في قطعان تصل إلى 10-30 فرداً، بينما تصبح الذكور البالغة منعزلة وإقليمية.
حيث تحدد مناطقها باستخدام الروث والبول وإفرازات الغدد أو عن طريق كشط الأرض بقرونها.
وفي الربيع، تنفصل القطعان إلى مجموعات أصغر، وتصبح الإناث الحوامل منعزلة قبل الولادة.
بينما تتغذى هذه الغزلان في الصباح الباكر وبعد الظهر في الصيف، وقد تصبح ليلية في المناطق التي تتعرض للصيد فيها بكثافة.
وفي الشتاء، ترعى بشكل شبه مستمر مع فترات راحة قصيرة، وغالباً ما تقطع يومياً مسافات تتراوح بين 10 – 15 كم بين مناطق الرعي وأحواض المياه ومناطق الراحة. [1]
التواصل
يتواصل الغزال الدرقي عبر مجموعة من الأصوات مثل الخوار والصفير والهسهسة، حيث تصدر الإناث أصواتاً منخفضة لاستدعاء صغارها.
وقبل الجري، غالباً ما تصدر هسهسة أنفية كإنذار، وخلال موسم التكاثر، تصدر الذكور صفيراً منخفضاً يسمع من على بعد 100 – 150 متراً.
بالإضافة إلى ذلك، تستخدم الذكور الإفرازات الغدية لوضع علامات إقليمية والتواصل مع أفراد النوع، خاصة في موسم التكاثر.
غذاء الغزال الدرقي
الغزلان الدرقية هي حيوانات عاشبة تعتمد في غذائها بشكل رئيسي على الأعشاب، ويشمل نظامها الغذائي النباتات الملحية والمركبات والبقوليات والأعشاب البحرية والقرع وغيرها.
وفي المناطق الزراعية، تتغذى أيضاً على الفواكه والمحاصيل مثل الشعير والذرة والقمح.
وتحصل على معظم احتياجاتها المائية من النباتات التي تتناولها، وتبدي تفضيلاً للنباتات الغنية بالبروتين.
بينما في الأسر، تُغذى بالبرسيم والشوفان، وتتميز هذه الغزلان بامتلاكها معدة رباعية الحجرات (حجرة حقيقية وثلاث زائفة) تمكنها من هضم السليولوز وتخزين الطعام بشكل مؤقت. [1]
المفترسات
الذئاب الرمادية هي المفترس الرئيسي للغزلان الدرقية، خاصة في فصل الشتاء عندما يزيد الغطاء الثلجي من ضعفها.
بالإضافة إلى ذلك، يفترس الببر الغزلان عند أحواض المياه، بينما تصطادها الفهود في تركمانستان.
كما تتعرض صغار الغزلان للافتراس من قبل الثعالب والكلاب الضالة والطيور الجارحة مثل العقاب الذهبي.
وعند الشعور بالتهديد، تقوم بسلسلة من القفزات بأرجل مستقيمة، وعند الجري بسرعات عالية، تمد أعناقها وترفع ذيولها.
تكاثر الغزال الدرقي
خلال موسم التكاثر الذي يمتد من سبتمبر إلى ديسمبر، تتنافس ذكور الغزلان الدرقية على الأراضي وتحددها بوضع فضلاتها في حفر صغيرة تحفرها بحوافرها.
وتبدأ المغازلة عندما تبقى الإناث في أراضي الذكر طوال الليل، وتشمل العروض رفع الأنف وإطلاق الفيرومونات واتخاذ وضعيات معينة.
ويتزاوج الذكور عادة مع 2 – 12 أنثى، ويستمر الحمل حوالي 5 أشهر، وتلد الإناث عادةً توأماً بين مارس ومايو. [1]
العناية بالصغار
تلد الغزلان الدرقية صغاراً قادرة على الوقوف والرضاعة خلال 10 – 15 دقيقة بعد الولادة.
وتميل الأمهات إلى الرعي على بعد 50 – 500 متر من صغارها، وتغير مكان اختبائهم بعد كل رضعة.
وإذا أنجبت توأماً، تبقيهما منفصلين بمسافة 50 – 1000 متر خلال الأيام الأولى.
ويتم إرضاع الصغار من 2 – 4 مرات يومياً في الأسابيع الستة الأولى، وتستمر الرضاعة لمدة 3 – 6 أشهر.
وتبدأ الصغار في الرعي وشرب الماء بعمر 4 – 6 أسابيع، وتنمو بسرعة كبيرة، حيث يحدث 50% من نموها خلال الأيام العشرة الأولى.
بينما تصل معظم العجول إلى حجم البالغين بعمر 18 – 19 شهراً، وتبدأ قرونها بالنمو بعمر 3 – 6 أشهر، وتكتمل بحلول عام إلى عام ونصف.
فالذكور تستمر قرونهم في النمو حتى عمر 6 سنوات، بينما تصل قرون الإناث للحجم الكامل بعمر 2 – 3 سنوات.
في حين يصل الغزال الدرقي إلى النضج الجنسي بعمر سنة واحدة، ويمكن أن يظل نشطاً تكاثرياً لأكثر من 10 سنوات.
ويبلغ أطول عمر معروف للغزلان الدرقية في البرية 12 عاماً، بمتوسط عمر يبلغ 6 سنوات، ويبلغ أطول عمر معروف للغزلان الدرقية في الأسر 20 عاماً.
حالة حقظ الغزال الدرقي
كانت الغزلان الدرقية منتشرة بكثرة في عام 1900، حيث عاشت في معظم المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.
ومع ذلك، شهدت أعدادها انخفاضاً حاداً من نحو مليون غزال في منتصف القرن العشرين إلى حوالي 120-140 ألف غزال بحلول عام 2001، مع انخفاض بنسبة تزيد عن 30% خلال العقد الماضي.
وتصنف هذه الغزلان الآن على أنها “معرضة للخطر” بسبب الصيد الجائر وتدمير الموائل الناجم عن التنمية الاقتصادية والزراعية، بالإضافة إلى تأثيرات الشتاء القاسية.
على الرغم من الجهود القانونية وبرامج التربية في الأسر، لا تزال أعدادها تتراجع، خاصة في مناطق مثل تركمانستان وكازاخستان وجنوب شرق تركيا.
وتشمل الحلول المقترحة لحمايتها تقييد رعي الماشية في موائلها الشتوية لضمان بقائها. [1]
الدور في النظام البيئي
تلعب البقريات، مثل الغزلان الدرقية، دوراً حيوياً في النظام البيئي كمصدر غذائي رئيسي للعديد من الحيوانات آكلة اللحوم، بما في ذلك الفهود.
ومع انخفاض أعداد هذه الغزلان بسبب فقدان الموائل والصيد، تنخفض أعداد الحيوانات المفترسة التي تعتمد عليها.
على سبيل المثال، أدى تراجع أعداد الغزلان إلى توجه الفهود نحو افتراس الماشية، مما يعرضها للقتل كآفات.
لذلك، يعد استعادة أعداد الفرائس البرية، خاصة الغزلان، أمراً أساسياً لحماية الفهود والحفاظ على التوازن البيئي.
وداعاً، أيها المخلوق الرشيق
الغزال الدرقي، أو الغزال الفارسي، ليس مجرد كائن يعيش في البرية، بل هو جزء لا يتجزأ من النظام البيئي الذي يعكس جمال الطبيعة وقدرتها على التكيف.
من خلال فهمنا لخصائصه الفريدة ودوره البيئي، ندرك أهمية الحفاظ على هذا النوع وحمايته من التهديدات التي تواجهه.
ندعوكم لمشاركتنا آرائكم وأسئلتكم حول الغزال الدرقي في التعليقات أدناه.