هل سبق لك أن تساءلت عن ذلك الكائن المخطط الذي يقطن الجبال والأراضي القاحلة؟
إنه الضبع المخطط، أو ما يُعرف بالضبع العربي “Striped hyena”، حيوان ليلي غامض يحمل بين طياته أسراراً كثيرة.
دعنا ننطلق في رحلة لاستكشاف عالم هذا الكائن الفريد، ونتعرف عن قرب على شكله المميز، وغذائه المتنوع، ودورة حياته المعقدة.
الاسم العلمي | Hyaena hyaena |
الأسماء الشائعة | الضَبُعُ المُخَطَّطَة، العَرْفاء، الضبع العربي المخطط، جيل، جعار، حفصة، نوش الخسيسة |
ألقاب الضباع عند العرب | أم خنور، وأم طريق، وأم عامر، وأم القبور، وأم نوفل، والذكر أبو عامر، وأبو كلدة، وأبو الهنبر |
الفصيلة | الضبعيات |
الموطن | قارة أفريقيا وآسيا |
الغذاء | آكلات اللحوم |
حالة الحفظ | مهدد بالانقراض |
محتويات
موطن الضبع المخطط
ينتمي الضبع المخطط إلى فصيلة الضبعيات، ويعد ثالث أكبر أنواع الضباع وأكثرها شهرة بعد الضبع المرقط.
تاريخياً، كان الضبع المخطط يتواجد في مناطق شاسعة تمتد من أفريقيا حتى شبه القارة الهندية، مروراً بشبه الجزيرة العربية وآسيا الوسطى.
إلا أن هذا التوزيع الواسع قد تقلص بشكل كبير في العصور الحديثة، حيث تقطعت أوصال موطنه الأصلي إلى مناطق متفرقة ومعزولة.
خاصةً في غرب أفريقيا، الصحراء الكبرى، وأجزاء كبيرة من شبه الجزيرة العربية وآسيا الوسطى.
وعلى الرغم من ذلك، لا يزال الضبع المخطط يحافظ على أعداد كبيرة نسبياً في بعض المناطق مثل إثيوبيا وكينيا وتنزانيا.
بينما تظل المعلومات حول توزيعه في دول مثل باكستان وإيران وأفغانستان غير دقيقة.
أما في الهند، فيُعتقد أن أعداداً كبيرة منه تعيش في المناطق المفتوحة من هضبة “الدكن”. [1]
البيئة
يتنوع موطن الضبع المخطط ما بين المناطق الجبلية القاحلة ذات الغطاء الشجري المتفرق.
حيث يختبئ في الشقوق الصخرية والوديان، وبين السافانا المفتوحة ذات المراعي الكثيفة.
ومع ذلك، فإن توزيع الضبع المخطط يتأثر بشكل كبير بوجود أنواع أخرى من الضباع، مثل الضبع المرقط، الذي يهيمن على المناطق المفتوحة.
مما يدفع بالضبع المخطط إلى التراجع إلى المناطق الجبلية والوعرة التي يصعب على منافسيه الوصول إليها. [2]
شكل الضبع المخطط
- يبلغ طول الضبع البالغ من الرأس إلى الذيل 85 – 130 سم ، و يزن 22 – 55 كجم.
- تختلف أحجام الضباع المخططة باختلاف المناطق الجغرافية.
- يغطي جسمه شعر رمادي مع خطوط سوداء، كما يوجد شعر قابل للانتصاب يمتد من أعلى الرقبة إلى نهاية الظهر.
- يساعد فراءها الرمادي بخطوط سوداء على تمويهها في العشب الطويل.
- تمتلك رأس ثقيل وضخم، وأذنين كبرتين، وعيون صغيرة.
- لديهم فكوك قوية بشكل استثنائي لمضغ العظام والقرون والحوافر، كما تمنحها قوة عض كافية لتفتيت عظم فخذ الجمل.
- تكون الأرجل الخلفية أقصر من الأرجل الأمامية، مما يؤدي إلى انحدار الظهر نحو الأسفل.
- أرجلها الأمامية أطول من أرجلها الخلفية، مما يسمح لها بمشية متعرجة توفر الطاقة أثناء السفر لمسافات طويلة بحثاً عن الطعام.
- تمتلك جهاز هضمي متطور يمكنه من قتل البكتيريا الموجودة في الجيف.
- تمتلك كيس من الجلد العاري عند فتحة الشرج تستخدمها لنشر رائحتها ، تسمى “الغدة الشرجية”.
- تمتلك الأنثى 6 حلمات، و تكون الأعضاء التناسلية لأنثى الضبع شبيه بعضو الذكر بشكل عابر.
الأعضاء التناسلية لدى الضبع
الأعضاء التناسلية لأنثى الضبع تشبه إلى حد كبير الأعضاء التناسلية للذكر.
حيث يشبه البظر قضيب الذكر، وهو قضيب كاذب قادر على الانتصاب.
كما أنه متصل بالقناة البولية التناسلية المركزية ، حيث أنها تتبول و تتزاوج و تلد من خلاله.
سلوك الضبع المخطط
ينشط الضبع المخطط في الليل و يعيش منفرداً أو في أزواج، كما يمكن أن يعيش في قطعان صغيرة لا تتجاوز عشرة أفراد.
وعادةً ما يترك عرينه فقط عند حلول الظلام الدامس، ويعود قبل شروق الشمس.
وهي ليست حيوانات إقليمية بشكل عام، حيث تتداخل نطاقات موطن مجموعات مختلفة غالباً مع بعضها البعض.
ويبني أوكاره في الكهوف والشقوق الصخرية أو في الجحور التي كان يشغلها النيص والذئب العربي، وغالباً ما تستخدم الأوكار لفترات قصيرة.
لذلك نادراً ما تحتاج إلى الدفاع عنها، ويمكن التعرف على أوكار الضباع من خلال وجود العظام عند مداخلها. [2]
التواصل بين الضباع
يحدد الضبع المخطط منطقته عن طريق إفرازات الغدد الشرجية والتي تعرف باسم “ زبدة الضبع “ و تضعها على العشب والحجارة وجذوع الأشجار.
بينما لا يصدر الضبع المخطط الكثير من الأصوات، على عكس باقي أنواع الضباع الصاخبة، و تتواصل فيما بينها عن طريق شم بعضها البعض.
حيث تعد عملية عرض الغدة الشرجية سمة بارزة في التواصل الاجتماعي لدى الضباع، وتعكس مراتب الهيمنة والتبعية بين أفراد المجموعة.
وتبدأ هذه العملية بـ”التحية” التي تشمل شم الأنف، ثم تنتقل إلى شم المنطقة الشرجية التناسلية بشكل دقيق.
ويظهر الصغار خضوعهم للبالغين بشكل تلقائي، بينما قد يظهر البالغون الخضوع المتبادل في بعض اللقاءات.
وفي حال نشوب نزاع، تلجأ الضباع إلى مبارزات طقسية تتمثل في محاولة كل فرد الإمساك بوجه الآخر، مع محاولة تجنب الإمساك بوجهه هو.
وعادةً ما يعرض الخاسر في هذه المبارزات غدته الشرجية إيذاناً باستسلامه وتقبله للمرتبة الأدنى.
غذاء الضبع المخطط
يتغذى الضبع المخطط بشكل رئيسي على جثث ذوات الحوافر مثل غزال الريم، و العظام الطازجة والغضاريف ونخاع العظام.
فهو قادر على سحق العظام الطويلة إلى قطع صغيرة و بتلاعها، مما جعل برازه أبيض اللون بسبب المحتوى العالي من الكالسيوم في نظامه الغذائي.
وفي حال عدم توفر الجيف، يهاجم ويقتل أي حيوان يمكنه التغلب عليه.
حيث يصطاد الفريسة عن طريق دهسها، والإمساك بجوانبها أو فخذها وإحداث جروح مميتة عن طريق تمزيق الأحشاء.
وعادةً ما يقوم بصيد الخنازير البرية أو الأرانب البرية، كما يتغذى على بعض أنواع الفواكه والحشرات.
و يحتاج الضبع المخطط إلى كميات كبيرة من الماء بعكس المفترسات الأخرى.
وذلك بسبب نظامه الغذائي، حيث يستهلك الضبع المخطط الماء كل ليلة إذا كان متوفراً.
ولكن يمكنه البقاء على قيد الحياة بدون ماء لفترات طويلة والعيش في الظروف الصحراوية.
أعداء الضباع
الضبع المخطط ليس من أنواع الفرائس المفضلة لأي حيوان مفترس.
حيث إنهم يحافظون على مسافة آمنة، عادةً حوالي 50 متراً بينها وبين القطط الكبيرة مثل الأسود والنمور.
كما لديهم أيضاً القدرة على مطاردة الفهود أو إبعادها عن مصادر الغذاء.
وقد يتنافس الضبع المخطط مع الثعالب الحمراء على الجثث الكبيرة.
ورغم أن الثعالب قد تحاول طرد الضباع، إلا أن الأخيرة غالباً ما تنتصر بفضل قوتها البدنية.
وفي بعض الحالات النادرة، قد تهاجم الثعالب الضباع بشكل عدواني دون سبب واضح.
وعلى الرغم من أن الضباع المخططة قادرة على قتل كلب بسرعة بعضة واحدة.
إلا أنها عادةً ما تتظاهر بالموت عندما يكون الهروب من كلاب الصيد مستحيلاً، وستظل في هذه الحالة لفترات طويلة، حتى عندما تتعرض لعضة شديدة. [1]
العلاقة بين الضباع والذئاب
يتنافس الضبع المخطط مع الذئب الرمادي على مصادر الغذاء والمأوى، في آسيا الوسطى، يمثل طعام الذئب مصدراً غذائياً رئيسياً للضبع، إذ يتغذى على جثثه بشكل كبير.
وفي فلسطين، تسود حالة من التعادل بين النوعين في المنافسات الفردية، بينما تستطيع قطعان الذئاب طرد الضباع المنفردة من الجيف.
ورغم التنافس الشديد، إلا أن هناك حالات استثنائية لتكوين تحالفات مؤقتة بينهما، حيث يستفيد كل منهما من قدرات الآخر في الصيد والحصول على الغذاء.
وكان العرب القدماء يقولون إذا اجتمع الذئب والضبع في الغنم سلمت لأن كل واحد منهما يمنع صاحبه.
كما كانت العرب تقول في دعائهم: اللهم ضبعاً وذئباً، أي: أجمعهما في الغنم لتسلم. [1]
تزاوج الضبع المخطط
تتكاثر الضباع المخططة بشكل غير موسمي و يختار الذكر أنثى واحدة تكون شريكةً له.
بعد ذلك يبدأ الزوجين بإنشاء الوكر معاً، ويساعد الذكر في تربية الصغار وإطعامهم عندما تولد.
بينما تستمر فترة الحمل 90 – 91 يوماً، و تضع من 1 – 6 أشبال يكونون عميان، و تفتح أعينها بعد 7 – 8 أيام.
العناية بصغار الضباع
يسمى صغير الضبع بـ “الفرغل” ويتشارك كلا الوالدين في إطعام الصغار بعد مرور شهر من ولادتهم.
وتفطم الصغار بعمر الشهرين لكنها تستمر بالرضاعة من أمهم، بينما يبقى الصغار مع والديهم قرابة السنة.
و يصلون لمرحلة النضج الجنسي بعد 2 – 3 سنوات، في حين يمكن للضبع المخطط العيش 12 عاماً في البرية. بينما في الأسر، من المعروف أنها تصل إلى 23 عاماً.
حالة حفظ الضبع المخطط
يواجه الضبع المخطط خطر الانقراض، إذ صنفه الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة ضمن الأنواع المهددة.
حيث لا يتجاوز عدد أفراده البالغة عشرة آلاف فرد على مستوى العالم.
ويتعرض الضبع المخطط للاضطهاد من قبل الإنسان، سواء كان متعمداً أو عرضياً، بالإضافة إلى تناقص في مصادر غذائه.
مما يهدد بانخفاض أعداده بنسبة 10% على الأقل خلال الأجيال الثلاثة المقبلة.
دور الضباع في النظام البيئي
يلعب الضبع المخطط دوراً مفيداً في البيئة، إذ يتغذى على الجيف والنفايات التي يتركها البشر، مما يساهم في نظافة البيئة وتقليل انتشار الأمراض.
ففي بعض المناطق الأفريقية، تعتبر الضباع المخططة جزءاً من نظام التخلص من النفايات، حيث تترك القرى قمامتها لتتغذى عليها هذه الحيوانات.
وداعاً، أيها الحيوان المهيب
في الختام، الضبع المخطط ليس مجرد حيوان مفترس، بل هو جزء أساسي من النظام البيئي.
وإن فهمنا لسلوكه وبيئته يساعدنا على تقدير دوره الحيوي في الحفاظ على التوازن الطبيعي.
دعونا جميعاً نساهم في حماية هذا الكائن المذهل من خلال نشر الوعي بأهميته، ودعم الجهود المبذولة للحفاظ على بيئته.
ما هي الخطوات التي تعتقد أنها ضرورية لحماية الضبع المخطط؟ شاركنا رأيك في التعليقات.
ننصحك بالتعرف على “الضبع البني : تعرف على أندر أنواع الضباع بالصور“