على قمم الجبال الشاهقة ، حيث تلامس السحب هامات الجبال، يعيش حيوان صغير يعرف باسم الوبر الصخري “Rock hyrax”.
ويعد هذا الحيوان من الحيوانات النادرة التي تعرف بقدرتها على التكيف مع بيئة الجبال القاسية.
و في هذه المقالة ، سنبحر في عالم الوبر الصخري، ونكشف عن ميزاته الجسدية الفريدة، وسلوكه الاجتماعي المعقد، ومهاراته المذهلة في التكيف مع بيئة الجبال.
انضمّوا إلينا في هذه الرحلة الشيقة، و لنتعرف على متسلق الصخور الصغير معاً!
الاسم العلمي | Procavia capensis |
الأسماء الشائعة | الوبر الصخري، أرنب الصخور، طبسون، الدَّمَانِيَّات |
الفصيلة | الوبريات |
الموطن | أفريقيا وشبه الجزيرة العربية |
المواصفات الشكلية | عبارة عن حيوان بري متوسط الحجم يشبه الأرنب و ليس له ذيل |
السلوك | ينشط في النهار وهو حيوان اجتماعي يعيش في مجموعات |
الغذاء | آكلات الأعشاب |
المفترسات | الفهود، الثعابين، النسور، البوم، ابن آوى، النمس، القطط البرية |
الخصائص المميزة | قادر على التكيف مع بيئة الجبال القاسية |
حالة الحفظ | أقل إثارة للقلق |
محتويات
موطن الوبر الصخري
ينتمي الوبر الصخري إلى فصيلة “الوبريات” وهو حيوان ثديي أرضي متوسط الحجم يشبه حيوان الكوكا. ويعيش هذا الحيوان في معظم أنحاء أفريقيا وشبه الجزيرة العربية.
ويشمل التوزيع مناطق واسعة من الوطن العربي. حيث يتواجد في جنوب الجزائر وليبيا ومصر والسعودية، والأردن ولبنان وفلسطين. [2]
البيئة
يتواجد الوبر الصخري بشكل شائع في موائل الأراضي الجافة بما في ذلك الصحاري والغابات والجبال، ويفضل العيش في المناطق الصخرية.
حيث تكثر فيها الشقوق والكهوف التي يستخدمها كملجأ له، حيث أنه لا يحفر الجحور ويسكن في الكهوف المهجورة، و لا يبتعد عن المناطق التي تتوفر فيها أماكن كثيرة للاختباء.
شكل الوبر الصخري
- عبارة عن حيوان بري متوسط الحجم يشبه الأرنب و ليس له ذيل .
- يبلغ طول الوبر البالغ 30.5 – 55 سم، و يكون الذكر أكبر من الأنثى .
- يمتلك رأساً مدبباً ورقبة قصيرة وأذنين مستديرة، وله شوارب سوداء طويلة.
- يكون الفرو كثيف وخشن لونه رمادي إلى البني المصفر أو الداكن.
- هناك رقعة على الظهر محاطة بشعر طويل غامق توجد تحتها غدد رائحة تستخدم في وضع العلامات على الصخور.
- يمتلك زوجاً بارزاً من القواطع العلوية الطويلة المدببة التي تشبه الناب.
- يحتوي باطن القدم على وسائد كبيرة سوداء اللون يتم ترطيبها بواسطة الغدد العرقية، مما يزيد من تماسكه على الصخور.
سلوك الوبر الصخري
ينشط الوبر الصخري في النهار وهو حيوان اجتماعي، يعيش في مجموعات تصل إلى 80 فرداً، وتتكون المجموعات عادةً من ذكر واحد مسيطر وعدة إناث وذرياتهن.
كما أن المجموعات قد تتكون من عائلات متعددة يقود كل منها ذكر بالغ، حيث تتبع قاعدة “صديق صديقي هو صديقي”، وغالباً ما يتم طرد الذكور عند عمر السنتين من المجموعة. بينما تبقى الإناث في المجموعة ويتم قبول الإناث الجديدات بشكل طبيعي. [2]
الراحة وانتشار الذكور
يقضي حيوان الوبر الصخري معظم وقته، حوالي 95%، في الراحة والاسترخاء، وغالباً ما يستمتع بأشعة الشمس الدافئة. ويتكدس مع أفراد مجموعته لتكوين أكوام دافئة، مما يساعده على تنظيم درجة حرارة جسمه.
ويمكن تصنيف ذكور الوبر الصخري إلى ثلاث فئات سلوكية رئيسية، كل فئة من هذه الفئات لها سلوكيات وتفاعلات اجتماعية مميزة:
- الذكور المهيمنة: التي تدافع عن أراضيها.
- الذكور الانفرادية: التي تجوب المنطقة بحثاً عن فرص لكي تستولي على المجموعة عندما يغيب الذكر المهيمن.
- الذكور الشابة: التي تترك مجموعة الولادة في سن مبكرة أو متأخرة.
لماذا تعيش مجموعات الوبر الصخري معاً؟
وجد الباحثون أن حيوانات الوبر الصخري التي تعيش في مجموعات مترابطة بشكل متساوي تعيش لفترة أطول من تلك التي تعيش في مجموعات غير متوازنة.
ومما يميز حيوانات الوبر الصخري هو كونها أول كائن غير بشري يُكتشف لديه مفهوم “التوازن الاجتماعي”. فهي تتبع قاعدة بسيطة مفادها أن “صديق صديقي هو صديقي”، مما يجعلها تتجنب أي علاقات اجتماعية قد تؤدي إلى اختلال التوازن في مجموعتها.
ويرى العلماء أن السبب وراء التنظيم المتساوي في هذه المجموعات يعود إلى أهمية تبادل المعلومات بين جميع أفرادها. ففي بيئة متغيرة ومتفرقة مثل موطن الوبر، فإن نظاماً هرمياً صارماً قد يعيق تبادل هذه المعلومات الضرورية لبقاء المجموعة. [2]
التواصل
تمتلك حيوانات الوبر الصخري حواساً متطورة، رغم أن الرؤية القريبة لديها قد تكون أقل حدة مقارنة بحواس أخرى.
وعلى الرغم من ذلك، فإن قدرتها على التواصل الصوتي لافتة للنظر، فكل مجموعة من الوبر الصخري تمتلك لهجة صوتية خاصة بها، تتميز بترددات عالية ومتكررة، وتنتهي عادةً بسلسلة من الأصوات الحنجرية.
بالإضافة إلى ذلك، تستخدم هذه الحيوانات مجموعة متنوعة من الأصوات للتعبير عن مشاعرها المختلفة، من الأصوات الهادئة إلى الصراخ التحذيري عند الشعور بالخطر.
بينما تصدر الصغار خمسة أصوات فقط من الأصوات الواحد والعشرين التي يستخدمها البالغون. [1]
تحديد المنطقة
تلعب الإفرازات البولية دوراً هاماً في التواصل البصري لدى الوبر الصخري. حيث تشكل كربونات الكالسيوم المتبلورة في بولهم علامات بيضاء بارزة على الصخور.
وتستخدم كعلامات حدودية أو رسائل بين الأفراد، كما تستخدم هذه الحيوانات “المراحيض المشتركة” لإيداع فضلاتها وبولها. مما قد يساهم في التواصل الشمي، رغم أن هذا الدور لم يُفهم بشكل كامل بعد.
بالإضافة إلى ذلك، تلعب الغدة الظهرية دوراً حيوياً في التواصل، حيث تفرز الفيرومونات التي تحمل معلومات عن الحالة الاجتماعية للفرد. وتترافق هذه الإفرازات مع سلوكيات جسدية معينة، مثل تجعيد الشفة العليا وانتصاب شعر الرقبة، مما يعزز التأثير الإشاراتي لهذه الفيرومونات. [1]
غذاء الوبر الصخري
يعتبر الوبر الصخري في المقام الأول من الحيوانات العاشبة، حيث يتغذى على العديد من أنواع النباتات المختلفة والبراعم والفواكه والتوت والتين والبذور. ويقطع مسافة تصل إلى 60 متراً من جحوره للبحث عن الطعام، ولكنه قد يقطع مسافة أبعد أثناء الجفاف.
وخلال موسم الأمطار، تشكل الأعشاب 78% من نظامه الغذائي، بينما خلال موسم الجفاف، تشكل الأعشاب 57% من النظام الغذائي. حيث يمكنه البقاء على قيد الحياة لفترة طويلة على موارد قليلة جداً أو فقيرة بالمغذيات.
كما يمكنهم العيش لعدة أيام بدون ماء بفضل الرطوبة التي يحصلون عليها من خلال طعامهم، لكنهم يصابون بالجفاف بسرعة تحت أشعة الشمس المباشرة.
عادات الغذاء
على الرغم من صغر حجمها، يشترك الوبر الصخري مع حيوانات أكبر حجماً مثل الزرافة والفيل في العديد من عادات التغذية.
ومع ذلك، تختلف استراتيجيات التغذية بين هذه الحيوانات، فبينما تقضي الزرافات والفيلة ساعات طويلة في الرعي، يستطيع الوبر الصخري الحصول على احتياجاته الغذائية في وقت قصير جداً.
وذلك بفضل قدرته على تناول كميات كبيرة من النباتات في وقت قصير، واستغلال أجزاء النباتات التي يصعب على الحيوانات الأخرى الوصول إليها.
وهذه الاستراتيجية تسمح لها بالبقاء على قيد الحياة في مناطق ذات موارد غذائية شحيحة.
المفترسات
تعتبر النمور هي المفترس الرئيسي للوبر الصخري، كما يتم افتراس الوبر بواسطة الثعابين والنسور والبوم و ابن آوى والنمس والكلاب البرية والذئاب. وأنواع مختلفة من القطط مثل: الوشق الصحراوي، والسيرفال، والأسد.
ويتجنب الوبر الحيوانات المفترسة باستخدام الجحور التي يكون قطرها أصغر من معظم الحيوانات المفترسة الموجودة في بيئته. كما أنهم يهربون من الافتراس من خلال التظاهر بالموت أو بالعمل معاً لإخافة الحيوانات المفترسة الأصغر حجماً.
وتتمتع حيوانات الوبر الصخري بقدرة فريدة تتمثل في وجود ظلة داخل عينها تمتد من القزحية. وهذه الظلة تسمح لها بالتحديق مباشرة في الشمس دون أن تتأذى، مما يمكنها من مراقبة الحيوانات المفترسة الجوية أثناء استرخائها تحت أشعة الشمس الدافئة. [1]
الدور في النظام البيئي
تلعب حيوانات الوبر الصخري أدواراً متعددة في النظام البيئي، فهي تتغذى بشكل أساسي على النباتات. وفي الوقت نفسه فإنها فريسة للعديد من الحيوانات المفترسة.
وعلاوة على ذلك، فهي تستضيف مجموعة متنوعة من الطفيليات ما يصل إلى 25 نوعاً من القمل. مما يؤثر على ديناميكيات التنوع البيولوجي في المنطقة.
تكاثر الوبر الصخري
يختلف موسم التكاثر من مكان إلى آخر، و تتزامن الولادات مع موسم هطول الأمطار، ويتزاوج الذكر مع 3 – 7 إناث في المجموعة. حيث تصبح الذكور مهتاجة وعدوانية وتزداد الصرخات والمواجهات فيما بينهم.
وتتوافق هذه السلوكيات مع زيادة في حجم الخصيتين، حيث يمكن أن تصبح الخصية أكبر بأكثر من 20 مرة من حجمها الطبيعي. وذلك لأنه قبل موسم التكاثر، لا يحدث تكوين للحيوانات المنوية. [1]
العناية بالصغار
تصبح الإناث عدوانية بشكل متزايد مع اقتراب موعد الولادة، و تستمر فترة الحمل 6 – 8 أشهر وهي فترة طويلة بالنسبة لحجمها. و تلد الأنثى 1 – 5 صغار بأعين مفتوحة ويكسوهم فراء ناعم.
بينما يفطم الصغار بعد 3 أشهر، و يصلون لمرحلة النضج الجنسي عند عمر 16 شهراً. ولكن الصغار لا يصلون إلى حجم و وزن البالغين حتى عمر ثلاث سنوات. في حين يمكن للوبر الصخري العيش لمدة تصل 12 سنة في الطبيعة.
حالة حفظ الوبر الصخري
على الرغم من تصنيف الوبر الصخري حالياً على أنه أقل إثارة للقلق من حيث الانقراض، إلا أن العلماء يفتقرون إلى المعلومات الكافية حول اتجاهات أعدادها السكانية الحالية.
وعلى الرغم من تعرضها للصيد من أجل لحومها في العديد من المناطق، لا تزال التهديدات التي تواجه بقاء هذا النوع على المدى الطويل محدودة. [1]
الاستخدام الطبيعي
لطالما استخدمت مادة الهيراكس، وهي إفراز طبيعي لحيوان الوبر الصخري. في الطب الشعبي بجنوب إفريقيا لعلاج مجموعة متنوعة من الأمراض، مثل الصرع والتشنجات.
وفي الوقت الحالي، وجدت هذه المادة طريقها إلى صناعة العطور. حيث يتم استخدامها كمكون أساسي في إنتاج العطور الطبيعية ذات الرائحة القوية. [2]
أنواع حيوان الوبر
بالإضافة إلى الوبر الصخري، يوجد نوعان آخران من فصيلة الوبريات، وتشترك هذه الأنواع الثلاثة في العديد من الخصائص الفيزيائية والسلوكية. ولكنها تختلف في مناطق انتشارها وبعض التفاصيل التشريحية.
1- الوبر الشجري
يعيش الوبر الشجري “Dendrohyrax”، في الغابات الكثيفة في أفريقيا، ويعتبر من الحيوانات الليلية بامتياز. وسُمّي بهذا الاسم لأنه يقضي معظم وقته على الأشجار، حيث يتغذى على الأوراق والبراعم والفواكه.
ويصدر الوبر الشجري أصواتاً غريبة ومميزة للتواصل مع أفراد مجموعته، فبعض الأنواع تصدر أصواتاً تشبه النباح. بينما يصدر البعض الآخر أصواتاً تشبه الصراخ.
وتوجد 4 أنواع من الوبر الشجري وهي:
- الوبر الشجري الجنوبي: يوجد في جنوب شرق وجنوب أفريقيا.
- الوبر الشجري الشرقي: يوجد في شرق أفريقيا.
- الوبر الشجري الغربي: يوجد في غرب و وسط أفريقيا.
- الوبر الشجري البنيني: يوجد في غرب أفريقيا، ويمكن تمييزه عن أنواع الوبر الشجري الأخرى من خلال أصواته النباحية الليلية.
يمتلك الوبر الشجري أقداماً أمامية بأربعة أصابع وأقداماً خلفية بثلاثة أصابع، وأظافر مستديرة وباطن القدم مطاطي مما يساعده على التسلق.
وعلى الرغم من أنه أكثر شيوعاً من الوبر الصخري، إلا أنه من الصعب اكتشافه لأنه ليلي وخجول.
ويتغذى الوبر الشجري على الأشجار ويستخدم تجاويفها كأوكار، ويعتمد نظامه الغذائي على النباتات ويختلف حسب الموقع الجغرافي. [3]
2- الوبر الصخري المنقط بالأصفر
الوبر الصخري المنقط بالأصفر(Heterohyrax brucei)، هو نوع من الثدييات ينتشر على نطاق واسع في قارة أفريقيا.
حيث يعيش في العديد من الدول مثل كينيا، تنزانيا، جنوب أفريقيا، وغيرها، ويتخذ هذا النوع السافانا الجافة والمناطق الصخرية موطناً له.
وتتميز بعض أنواع الوبر الصخري المنقط بالأصفر بسمة مميزة تتمثل في وجود غدة ظهرية تقع أسفل رقعة جلدية مرتفعة في منطقة الظهر.
وتفرز هذه الغدة مادة لزجة تصبغ الفراء بلون أصفر مميز، وتلعب دوراً هاماً في التواصل بين الأفراد، حيث تستخدم في التعرف على الأمهات من قبل الصغار وفي سياق التزاوج.
وعلى الرغم من تسمية النوع بهذا الاسم، إلا أن وجود هذه الغدة ليس سمة مشتركة بين جميع أفراده.
وعلى الرغم من إدراج هذا حيوان ضمن قائمة الأنواع المهددة بالانقراض وفقاً للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، إلا أنه لا يواجه تهديدات كبيرة على نطاق واسع.
ومع ذلك، يتعرض هذا الحيوان للصيد الجائر في بعض المناطق، خاصة من قبل المجتمعات المحلية التي تعتمد عليه كمصدر رئيسي للبروتين، مثل مجتمعات تلال ماتوبو. [4]
وداعاً، أيها المخلوق العجيب
في الختام، يعتبر الوبر الصخري رمزاً للتكيف والمرونة في مواجهة التحديات البيئية.
وهذا الكائن الصغير، الذي يختبئ بين الصخور ويتسلق الجبال بمهارة، يعكس جمال الطبيعة وقدرتها على الابتكار.
وبفضل عاداته الغريبة وسلوكه الخجول، يبقى الوبر الصخري لغزاً يصعب اكتشافه، مما يضيف إلى سحره وغموضه.
ننصحك بالتعرف على ” النمس أبيض الذيل: معلومات شاملة عن هذا الثديي “