في سماء رحبة لا حدود لها، يحلق طائر جارح أشبه بلوحة فنية رسمتها يد فنان مبدع.
إنه صقر الشاهين “Peregrine falcon”، ملك الطيور بلا منازع.
سرعته الفائقة، وقوته الهائلة، وبصره الحاد، كلها خصائص جعلته رمزاً للقوة منذ آلاف السنين.
استعدوا لرحلة شيقة ستذهلكم وتثري معلوماتكم عن هذا الكائن الاستثنائي، صقر الشاهين!
الاسم العلمي | Falco peregrinus |
الأسماء الشائعة | الشاهين، الصقر الجوال، الشيهانة، باز البط |
الفصيلة | الصقريات |
الموطن | جميع أنحاء العالم |
المواصفات الشكلية | يبلغ حجمه تقريباً حجم الغراب، ويتراوح طوله بين 36 – 49 سم للذكور، و 45 – 58 سم للإناث. |
السلوك | تنشط خلال ساعات النهار، وعندما لا تكون في موسم التكاثر تفضل عيش حياة انفرادية |
الغذاء | آكلات اللحوم |
المفترسات | البوم ذو الأذنين الطويلة، الصقور البيضاء، النسور الذهبية، القطط، الدببة، الوشق، الثعالب |
الخصائص المميزة | أسرع حيوان على وجه الأرض |
حالة الحفظ | معرض للخطر |
محتويات
رمز الصقارة
يعد صقر الشاهين من أعرق طيور الصقارة وأكثرها تميزاً، حيث يعود تاريخ استخدامه في هذه الرياضة لأكثر من 3000 عام.
بدءاً من البدو الرحل في آسيا الوسطى، ولا تقتصر مزاياه على مهاراته الفائقة في الصيد فحسب.
بل يتمتع أيضاً بروح رياضية عالية وحرص شديد على الفوز، ناهيك عن سهولة تدريبه مقارنة بباقي أنواع الصقور.
مما يجعله رمزاً للصيد الفريد ونموذجاً مثالياً للصقارة. [1]
موطن صقر الشاهين
ينتمي الشاهين إلى فصيلة الصقور، ويعد من أكثر الطيور انتشاراً على كوكب الأرض.
حيث تتواجد في جميع أنحاء العالم، باستثناء بعض المناطق الجافة والغابات المطيرة الكثيفة والمناطق شديدة البرودة في القطب الشمالي.
ويوجد 19 نوعاً فرعياً من الصقر الشاهين في جميع أنحاء العالم، تختلف بشكل كبير في الحجم واللون.
وعادةً ما تبقى صقور الشاهين التي تعيش في المناطق ذات الشتاء المعتدل، في مناطقها.
بينما تهاجر بعضها الآخر هرباً من البرد القارس، حيث تهاجر الصقور الشمالية من التندرا في ألاسكا وكندا إلى وسط الأرجنتين وتشيلي. [1]
البيئة
يفضل صقر الشاهين الموائل المفتوحة، مثل المروج والتندرا والمراعي، ويعد أكثر شيوعاً في التندرا والمناطق الساحلية.
بينما يقل تواجده في الموائل شبه الاستوائية والاستوائية، وعادةً ما يعشش على حواف المنحدرات والشقوق الصخرية.
وقد بدأ مؤخراً في الاستيطان في المناطق الحضرية، لأن المباني الشاهقة مناسبة لبناء العش، و توجد وفرة من الحمام كفريسة. [1]
أسرع حيوان على وجه الأرض
يُعتبر صقر الشاهين أسرع حيوان على وجه الأرض عند تنفيذ “الانقضاض”.
وهي تقنية تتضمن التحليق إلى علو شاهق ثم الانقضاض بسرعة شديدة تصل إلى أكثر من 320 كم/ساعة.
ويضرب فريسته بجناح واحد لتجنب إلحاق الضرر بنفسه عند الاصطدام.
وقد يؤدي ضغط الهواء الناتج عن مثل هذا الانقضاض إلى إتلاف رئتي الطائر.
ولكن يُعتقد أن وجود نتوءات عظمية صغيرة على أنف الصقر توجه تدفق الهواء القوي بعيداً عن فتحات الأنف.
شكل صقر الشاهين
- يبلغ حجمه تقريباً حجم الغراب، ويتراوح طوله بين 36 – 49 سم للذكور، و 45 – 58 سم للإناث.
- يبلغ طول جناحيها من 91 – 112 سم، ويصل وزنها في المتوسط 907 غرام.
- مثل معظم الطيور الجارحة، تعد إناث الصقر الشاهين أكبر حجماً من الذكور.
- عادةً ما تكون أكبر بنسبة 15-20% وأثقل بنسبة 40-50% من الذكور.
- لا يتغير ريشها موسمياً، وتتميز بوجود خطوط سوداء على ظهرها وبطونها.
- تتميز بأجنحة طويلة مدببة وذيل رفيع قصير، وتكون الأجنحة زرقاء رمادية.
- تمتلك وجوه بيضاء مع شريط أسود على كل خد وعينان كبيرتان داكنتان.
- تميل الطيور الصغيرة إلى أن تكون أغمق وأكثر بنية.
- يساعد الخط الأسود الموجود على وجنتي الصقور، على الرؤية بشكل أفضل عن طريق تقليل وهج أشعة الشمس.
الشاهين البربري: لغز في عالم الصقور
يعد الصقر البربري، المعروف علمياً باسم “Falco peregrinus pelegrinoides”، نوعاً فرعياً من صقر الشاهين.
ويعيش في عدة مناطق بدءاً من جزر الكناري مروراً بأجزاء من شمال أفريقيا، وصولاً إلى شبه الجزيرة العربية.
ويُثير تصنيفه جدلاً بين العلماء، حيث يعتبره البعض نوعاً فرعياً من صقر الشاهين، بينما يعتبره البعض الآخر نوعاً مستقلاً مع نوعين فرعيين.
حيث يتميز الصقر البربري بجسمه الرشيق، ونمط ريشه الفريد، الذي يختلف عن صقور الشاهين الأخرى.
كما يتميز بلون أحمر في رقبته، وهذا ما يجعله مميزاً، ويطير الصقر البربري بطريقة غريبة، حيث يحرك فقط الجزء الخارجي من جناحيه.
ويعتبر الصقر البربري من الأنواع المعرضة للخطر، وذلك بسبب التدخل البشري، وخصوصاً صيد الصقور واستخدامها في رياضة الصقور. [1]
سلوك صقر الشاهين
تنشط صقور الشاهين خلال ساعات النهار، وعندما لا تكون في موسم التكاثر تفضل عيش حياة انفرادية.
وتقوم بتحديد مناطقها الخاصة والدفاع عنها، وتختلف مساحة هذه المناطق باختلاف توفر مصادر الغذاء.
ففي التجمعات الشمالية ذات الكثافة السكانية العالية، يتراوح متوسط المسافة بين أعشاش صقور الشاهين بين 3.3 – 5.6 كيلومتر.
بينما قد تكون المسافات أكبر في المناطق ذات الموارد الغذائية الأقل. [2]
التواصل
تستخدم صقور الشاهين مجموعة واسعة من الأصوات للتواصل فيما بينها، وخاصةً خلال مواسم التكاثر.
حيث تستخدم أصوات متنوعة للتفاعل بين الزوجين والوالدين والصغار، وكذلك في المواقف العدائية.
وتتمتع صقور الشاهين برؤية حادة للغاية ، وتستخدم لغة الجسد لتوصيل مشاعر مختلفة. [2]
غذاء صقر الشاهين
تتغذى صقور الشاهين بشكل أساسي على الطيور، حيث تشكل الطيور ما بين 77 – 99% من نظامها الغذائي.
وتعد طيور الحمام أهم مصدر غذائي لها من حيث الكتلة الحيوية.
وتشمل فرائسها من الطيور: الحمام ، اليمام، الطيور الساحلية، الطيور المائية مثل البط، طائر الترمجان، طيور الدراج، النورس، الطيور المغردة الصغيرة.
كما تشمل فرائسها من الحيوانات الأخرى: الزواحف، الخفافيش وتعد أكثر الثدييات شيوعاً في نظامها الغذائي، تليها القوارض، السناجب، والجرذان.
استراتيجيات الصيد
عادةً ما يصطاد صقر الشاهين من أماكن مرتفعة، مثل المنحدرات الصخرية أو الأشجار العالية، مما يوفر له رؤية ممتازة لمحيطه.
حيث يعتمد على بصره الحاد لرصد الفريسة المحتملة، والتي قد تشمل الطيور، والخفافيش، وحتى الثدييات الصغيرة.
وبمجرد اكتشاف الفريسة، يبدأ الصقر في انقضاضه المذهل، حيث يطوي ذيله وجناحيه، ويُدخل قدميه.
ومن ثم يضرب الفريسة بسرعة كبيرة، وبعدها ينقلب لالتقاطها في الهواء.
وإذا كانت فريسته ثقيلة جداً ولا يستطيع حملها، فسيسقطها على الأرض ويأكلها هناك.
وأما إذا فشل في الضربة الأولى، فسيطارد الفريسة في طيران متعرج.
وعادةً ما يتم نقل الفريسة إلى مكان آمن، حيث يتم نزع ريشها وتناولها، أو يتم تخزينها لأكلها لاحقاً.
ويمكن تناول الفريسة الصغيرة (مثل الخفافيش) أثناء الطيران. [2]
مفترسات صقر الشاهين
على الرغم من كون صقور الشاهين من الطيور الجارحة التي تقع على قمة السلسلة الغذائية، إلا أنها ليست محصنة تماماً من مخاطر الحيوانات المفترسة.
حيث قد تتعرض صقور الشاهين البالغة للهجوم والقتل من قبل طيور جارحة أكبر حجماً، مثل: البوم ذو الأذنين الطويلة، الصقور البيضاء، النسور الذهبية.
كما قد تتعرض صغار صقور الشاهين للهجوم والافتراس من قبل حيوانات ثديية مفترسة، مثل: القطط، الدببة، الوشق، الثعالب.
ولكن، يعتبر البشر من أكبر المخاطر التي تواجهها صقور الشاهين، حيث يتم اصطياد بعضها من قبل هواة الصيد لتربيتها واستخدامها في صيد الطيور.
تكاثر صقر الشاهين
يختلف موسم التكاثر من منطقة لأخرى، وتتمتع صقور الشاهين بعلاقات زوجية مستقرة.
حيث تختار زوجاً مدى الحياة وتعود إلى نفس موقع التعشيش سنوياً.
وتتضمن طقوس التزاوج لدى صقور الشاهين عرضاً مذهلاً، حيث تظهر مهاراتها الجوية ورباطها القوي بشريكها.
ويحلّق الذكر في عرض بهلواني يظهر مهاراته في التحكم بجسده وجاذبيته لشريكته.
كما يُقدم الذكر للأنثى الفريسة التي اصطادها كدليل على حبه ورغبته في رعايتها هي وصغارها.
لتقوم الأنثى بعد ذلك بالطيران رأساً على عقب لتقبل الطعام من مخالب الذكر في مشهد مثير يظهر مهاراتهما وتناغمهما.
العناية بالصغار
تضع الأنثى 2 – 6 بيضات، ويتم وضع البيض في عش مرتفع على المنحدرات أو الأشجار العالية أو المباني الشاهقة.
ويقوم كلا الوالدين بالرقود على البيض لمدة 33 – 35 يوماً.
بعد ذلك، يخرج الصغار من البيضة، ويتناوب كلا الوالدين في إطعامهم، وتتعلم الصغار الطيران بعد 35 – 42 يوماً من الفقس.
وعندما تصبح الصغار أكثر مهارة في الطيران، يبدأ الوالدين في إيصال الفريسة لهم عن طريق إسقاطها في الهواء، ثم يقوم الصغار بمطاردة هذه الفريسة الميتة والتقاطها في الهواء.
وعادةً ما يصبح الصغار مستقليين بعد حوالي 5-6 أسابيع من ولادتهم، بينما يصل الصغار إلى مرحلة الجنسي عند عمر 3 سنوات.
ويمكن لصقور الشاهين العيش في البرية قرابة 16 – 20 عام، بينما في الأسر يمكن لها العيش قرابة 25 عام.
الدور في النظام البيئي
بفضل كونها طيور جارحة عالية المستوى، تلعب صقور الشاهين دوراً حيوياً في الحفاظ على توازن النظام البيئي.
من خلال تنظيم أعداد فرائسها مثل الحمام واليمام، حيث تساعد في السيطرة على أعدادها ومنع تكاثرها بشكل مفرط.
تأثير المبيدات الحشرية على صقر الشاهين
أدى استخدام المبيدات الحشرية الكلورية العضوية، مثل “دي.دي.تي”، في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات إلى انخفاض حاد في أعداد صقر الشاهين في جميع أنحاء العالم.
حيث تراكمت هذه المبيدات في أنسجة الصقور، ما أدى إلى ظهور قشور بيض رقيقة، مما قلل من معدلات الفقس.
كما تركزت المبيدات الحشرية في أنسجة الصقور، خاصة في الطيور الصغيرة والطيور الأكبر سناً، مما أدى إلى تأثيرات سلبية على الصحة الإنجابية.
وقد أدى استخدام المبيدات الحشرية إلى تصنيف صقر الشاهين منذ عام 1969 بأنه مهدد بالانقراض.
حالة حفظ صقر الشاهين
بفضل برامج التربية وإعادة إدخال صقر الشاهين، بالإضافة إلى القيود المفروضة على استخدام المبيدات الحشرية.
تمكنت صقور الشاهين من تحقيق انتعاش مذهل، وأصبحت رمزاً لنجاح جهود الحفاظ على البيئة.
حيث تم حذفها من القائمة الفيدرالية للأنواع المهددة بالانقراض في الولايات المتحدة.
وتُظهر قصتها أهمية حماية التنوع الحيوي من مخاطر التلوث وإمكانية إعادة التوازن إلى النظم البيئية بفضل الجهود المتضافرة.
وداعاً، يا رمز القوة والجمال
وبينما تغرب شمس رحلتنا مع صقر الشاهين، تبقى في ذاكرتنا صورة هذا الطائر الجبار، حاملاً معه عبق التاريخ وحكايات الصقارة المدهشة.
لقد تعلمنا من الشاهين معنى القوة والصبر والإصرار، واكتشفنا عظمة الخالق في إبداعه لهذه التحفة الفنية في السماء.
ننصحك بالتعرف على ” النسر المصري: حقائق مذهلة عن طائر الفراعنة “