كوكبنا يزخر بالتنوع البيولوجي، من غابات كثيفة إلى بحار عميقة، ومن حيوانات ضخمة إلى حشرات دقيقة.
ولكن هذا التنوع يواجه خطراً كبيراً، فقد انقرضت العديد من الأنواع، ويهدد الانقراض العديد من الأنواع الأخرى.
ماهي أسباب هذه الكارثة؟ ما هي مسؤوليتنا؟ كيف يمكننا حماية كوكبنا؟ سنتناول هذه الأسئلة في رحلة قصيرة عبر عالم التنوع البيولوجي.
محتويات
انقراض جماعي: كوكب يفقد تنوعه
تُعاني الأرض من حدث الانقراض الجماعي السادس في تاريخها، ويُعزى هذا الانقراض إلى النشاط البشري.
حيث يُهدد مليون نوع حول العالم بالانقراض خلال العقود القليلة القادمة.
منها 27% من ثدييات العالم، و 41% من البرمائيات، و 37% من أسماك القرش، و 21% من الزواحف. [3]
ما هي أسباب انقراض الحيوانات؟
التهديدات الرئيسية للتنوع البيولوجي:
- تدمير الموائل الطبيعية: تحويل الغابات إلى مزارع، وبناء المدن، واستغلال الأراضي الرطبة، وتجريف الشعاب المرجانية.
- الاستغلال المفرط للأنواع: الصيد الجائر، والاتجار غير المشروع بالحياة البرية، وجمع الحيوانات الأليفة.
- التلوث: التخلص من النفايات في البيئة، واستخدام المواد الكيميائية الضارة، وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
- تغيّر المناخ: ارتفاع درجات الحرارة، وتغير أنماط هطول الأمطار، وارتفاع مستوى سطح البحر.
- ازدياد عدد السكان: زيادة الطلب على الموارد الطبيعية، وفقدان الموائل، والتنافس على الغذاء والماء.
وفي مقالة اليوم نروي لكم قصة 7 أنواع تصارع من أجل البقاء في كوكب الأرض!
1- قصة الحزن: وحيد القرن الجاوي
كان وحيد القرن الجاوي ذات يوم يزدهر في جنوب شرق آسيا، لكنه تعرض لضربة قاسية بسبب الصيد الجائر وفقدان موطنه.
واليوم، بات وجوده مهدداً بالانقراض إذ لم يتبق سوى 75 فرداً في البرية.
وهذه المجموعة الوحيدة تعيش على جزيرة جاوة بإندونيسيا، حيث تجد ملجأها الأخير في حديقة أوجونج كولون الوطنية، التي تُعد من مواقع التراث العالمي.
بالإضافة إلى ذلك، فإن صغر عدد وحيد القرن الجاوي يجعله أكثر عرضة للخطر جراء الكوارث الطبيعية والأمراض والصيد الجائر وخطر زواج الأقارب. [1]
2- فيل الغابة الأفريقي: مُحارب خفي في خطر
في قلب الغابات الكثيفة والرطبة في أفريقيا، يُخفي فيل الغابة الأفريقي سِره، بعيداً عن أعيننا.
حيث يُعتبر فيل الغابة أحد أنواع الفيلة الأفريقية، ويُقدّر أن عدد أفراده في البرية قليل ويصعب تحديده بدقة بسبب طبيعته الخجولة.
ولكن فيل الغابة مُهدد بالانقراض بشكل درامي إذ انخفض عدده بنسبة 86% خلال 31 عاماً فقط.
السبب الرئيسي لهذا التَقَلّص هو الصيد الجائر الذي يُصيب أفيال الغابة بشدّة لاسيما في وسط أفريقيا.
بالإضافة إلى الصيد الجائر، يؤثر فقدان الموائل وتغيّر استخدام الأراضي للزراعة على تجزئة مناطق العيش للأفيال ومزيد من الصراع بينها و بين الإنسان.
واليوم، تقتصر مساحة أفيال الغابة الأفريقية على 25% فقط من نطاقها التاريخي، مُنتشرة في 20 دولة أفريقية، معظمها في الغابون و جمهورية الكونغو.
3- وحيد القرن الأسود: من شفير الانقراض إلى رحلة صعبة
عانى وحيد القرن الأسود من كارثة حقيقية بين عامي 1960 و 1995 بسبب الصيد الجائر الواسع الانتشار.
حيث اختفى حوالي 98% من عدده خلال هذه الفترة، ولكن أمل العودة لم يُفقد.
ففي التسعينيات، بدأت جهود الحفاظ على وحيد القرن تحقق بعض التقدم، حيث تضاعفت أعدادها في أفريقيا.
ولكن يبقى وحيد القرن الأسود مُصنفاً ضمن أنواع مُهددة بالانقراض بشكل بالغ من قبل الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، إذ لا يتعدّى عدده 5630 فرداً في البرية.
وتتواجد 95% من أعداد وحيد القرن الأسود في أربعة دول فقط: كينيا وناميبيا وجنوب أفريقيا وزيمبابوي.
بينما يُشكل الصيد الجائر أكبر تهديد يواجه مستقبل وحيد القرن الأسود.
ففي العقد الماضي، قُتل حوالي 10000 من أفراد وحيد القرن الأفريقي لتوفير قرونها للتجارة الغير قانونية.
4- راكون كوزوميل: حيوان صغير عالق في جزيرة
راكون كوزوميل، المعروف أيضاً باسم “الراكون القزم”، هو نوع نادر يعيش فقط على جزيرة كوزوميل المكسيكية.
ويُعتقد أنه لا يوجد سوى 192 فرداً من هذا النوع في الجزيرة، مما جعله مهدداً بالانقراض.
بينما تأتي أكبر تهديدات راكون كوزوميل من الإنسان من خلال السياحة والزحف العمراني.
حيث تعد الجزيرة وجهة سياحية مشهورة، فقد أدت التنمية السريعة إلى تقليص مساحة العيش للراكون و تقليل موارده.
وأكثر أسباب موت الراكون هو الاصطدام بالسيارات على الطرق الرئيسية في الجزيرة. [1]
5- الفهد: سرعة مهددة بالانقراض
على الرغم من أن الفهد لا يُعتبر حيواناً غامضاً، إلا أن العديد من سلالاته تواجه خطر الانقراض.
حيث لا يزيد عدد الفهود المتبقية في البرية عن 6000 فرداً.
يُصنف كلٌّ من الفهد الشمالي الغربي الأفريقي و الفهد الآسيوي ضمن الأنواع المهددة بالانقراض، بسبب إزالة الموائل و تجارة الأنواع الوحشية.
وفي القرن الأفريقي، يتم تهريب الفهود بشكل غير قانوني لبيعها كحيوانات أليفة. [2]
6- نمر سواند الملطخ: أندر أنواع النمور
يواجه نمر سواندا الملطخ، المعروف أيضاً باسم نمر سومطرة، خطراً كبيراً بالانقراض.
حيث انخفضت أعداده بشكل كبير خلال العقود الماضية.
وتشمل أهم التهديدات التي تواجه هذا النمر النادر.
تدمير غابات سومطرة المطيرة، موطن نمر سواندا، بشكل سريع لإفساح المجال لمزارع النخيل، وزراعة أشجار المطاط، والأنشطة الصناعية الأخرى.
وقد أدى ذلك إلى تفتيت موائل النمر، وإعاقة حركته، وتقليل مصادر طعامه.
كما يُعد الصيد غير القانوني لنمر سواندا من أجل فروه وعظامه، التي تُستخدم في الطب التقليدي، من أكبر التهديدات التي تواجهه.
ونتيجة لهذه التهديدات، أصبح نمر سواندا الملطخ أحد أكثر أنواع النمور المهددة بالانقراض في العالم.
حيث يُقدر عدد النمور المتبقية في البرية بأقل من 400 نمر، مع تركز معظمها في عدد قليل من المناطق المعزولة.
7- شيطان تسمانيا: مرض قاتل يُهدد وجوده
بين عامي 1996 و 2008، شهد عدد شيطان تسمانيا انخفاضاً حاداً بنسبة 60%.
وذلك بسبب انتشار مرض السرطان المعدي، المعروف باسم مرض سرطان الوجه الشيطاني.
حيث يُواصل هذا السرطان إبادة مُجتمعات هذا النوع الذي لا يُوجد إلا على جزيرة تسمانيا الأسترالية.
ولا يتجاوز عدد الشياطين في البرية 10,000 فرداً، لذا بدأت برامج تربية الأفراد غير المُصابين في الأسر.
وتُبذل جهود لتطوير لقاح للسرطان الذي يُعتقد أنّه نشأ من خلايا مُتحورة من فرد واحد.
مسؤوليتنا
لم يفت الأوان بعد من أجل انقاذ هذه المخلوقات العظيمة، ومازال بوسعنا فعل الكثير مثل:
- التقليل من بصمتنا على البيئة: استهلاك كميات أقل من الطاقة، وإعادة التدوير، واستخدام وسائل النقل الصديقة للبيئة.
- الدعم المستدام للموارد الطبيعية: استخدام المنتجات المستدامة، ودعم الممارسات الزراعية الصديقة للبيئة، والحفاظ على الغابات.
- حماية الحيوانات البرية: تجنب شراء المنتجات المشتقة من الحيوانات المهددة بالانقراض، ودعم المنظمات التي تُعنى بحماية الحيوانات، والتوعية بأهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي.
- الترويج للوعي البيئي: مشاركة المعلومات حول التهديدات التي تواجه التنوع البيولوجي، وتشجيع الآخرين على اتخاذ إجراءات لحماية كوكبنا.
الختام
في عالم يزداد قتامة، حيث تنقرض الأنواع الحيوانية والنباتية بمعدل ينذر بالخطر، يُطلّ علينا شبح كارثة بيئية صامتة.
فبصمات النشاط البشري المُدمرة تُغطّي وجه الأرض، وتُهدد التنوع البيولوجي الذي يُشكل أساس حياتنا.
صوت الطيور الجميلة يُخفت، وغاباتنا الكثيفة تُقطع، وبحارنا تُلوّث، وحيواناتنا البرية تُطارد وتُقتل. ماذا سنترك للأجيال القادمة؟
المسؤولية تقع على عاتقنا جميعاً، فلنتكاتف ونعمل معاً لإنقاذ كوكبنا، في يدينا القدرة على تغيير مسار التاريخ.
فلنُنقذ كوكبنا قبل أن يُصبح ذكرى.
ننصحك بالتعرف على “معلومات عن الباندا غريبة ومدهشة“