تخيل مخلوقاً رشيقاً يسبح برشاقة في الأنهار والبحيرات، بفراء لامع وجسم انسيابي، يثير الدهشة بمهاراته في الصيد واللعب.
هذا المخلوق هو قضاعة الأنهار الشمالية “North American river otter”.
في هذه المقالة، سنغوص في عالم قضاعة الأنهار الشمالية لنكتشف جوانب مختلفة من حياتها.
الاسم العلمي | Lontra canadensis |
الأسماء الشائعة | قضاعة الأنهار الشمالية، ثعلب الماء النهري الشمالي |
الفصيلة | العرسيات |
الموطن | قارة أمريكا الشمالية |
حالة الحفظ | أقل إثارة للقلق |
محتويات
موطن قضاعة الأنهار الشمالية
تنتمي قضاعة الأنهار الشمالية إلى فصيلة العرسيات وعائلة ثعالب الماء، وتنتشر في أمريكا الشمالية.
وتتواجد في مناطق واسعة من كندا والولايات المتحدة، باستثناء بعض المناطق الجنوبية مثل جنوب كاليفورنيا ونيو مكسيكو وتكساس وصحراء موهافي.
بينما تتواجد في المكسيك في دلتا نهري ريو غراندي وكولورادو.
وعلى الرغم من انقراضها محلياً في بعض المناطق سابقاً، إلا أن جهود إعادة إدخالها وبرامج الحفاظ عليها ساهمت في استقرار أعدادها. [1]
البيئة
تنتشر قضاعة الأنهار الشمالية في أمريكا الشمالية في أي بيئة توفر لها مصادر غذاء دائمة وسهولة الوصول إلى المياه.
سواءً كانت مياه عذبة أو مالحة في المناطق الساحلية، وتشمل هذه البيئات الأنهار والبحيرات والمستنقعات والأهوار والمصبات.
وتتميز هذه الحيوانات بقدرتها على التكيف مع الظروف البيئية المتنوعة، بما في ذلك المناطق الباردة والدافئة والمرتفعات الشاهقة.
إلا أنها تُظهر حساسية عالية للتلوث، حيث تختفي من المناطق التي تعاني من تلوث المياه.
شكل قضاعة الأنهار الشمالية
- يتراوح طول الجسم من 88.9 – 130 سم، ويتراوح طول الذيل من 30 – 50.7 سم. وتزن بين 5 – 14 كجم.
- تتميز بأجسام طويلة انسيابية تساعدها على السباحة بكفاءة، وذيول سميكة مدببة تستخدمها في التوجيه والتوازن، وأرجل قصيرة قوية.
- لها رؤوس عريضة مستديرة وأذنان صغيرتان لتقليل مقاومة الماء، وفتحتي أنف يمكن إغلاقها بإحكام لمنع دخول الماء أثناء الغوص.
- تتميز بشعيرات حسية طويلة وسميكة حول الوجه تساعدها في استشعار حركة الفريسة في الماء.
- لون الفراء بني غامق إلى أسود تقريباً على الظهر، بينما يكون لون الجانب البطني أفتح.
- الفراء كثيف وناعم للغاية، مما يوفر عزلاً حرارياً ممتازاً ويحميها من البرد في الماء.
- الأقدام مكففة بالكامل ولها مخالب حادة، مما يساعدها على السباحة بقوة والإمساك بالفريسة بإحكام.
- تمتلك 36 سناً متخصصة، بما في ذلك الأنياب الحادة والأسنان القاطعة التي تستخدمها لقتل الفريسة.
- تمتلك أضراساً كبيرة وقوية تستخدم لسحق الأصداف الصلبة للرخويات وغيرها من الكائنات ذات الأصداف.
- تختلف عن القضاعة الأوراسية برقبتها الأطول و وجهها الضيق والمساحة الأصغر بين الأذنين وذيلها الأقصر.
سلوك قضاعة الأنهار الشمالية
تعيش قضاعة الأنهار الشمالية إما بشكل منفرد أو ضمن مجموعات عائلية تتألف غالباً من الإناث وصغارها.
وتُعرف بمرحها وسلوكياتها اللعوبة كالانزلاق على الوحل أو الثلج والحفر فيه واللعب في الماء.
وتعتبر هذه الحيوانات سباحة وغواصة ماهرة قادرة على البقاء تحت الماء لمدة تصل إلى 8 دقائق.
كما أنها تتمتع بسرعة على الأرض تصل إلى 29 كيلومتراً في الساعة.
وتصطاد قضاعة الأنهار الشمالية عادةً في الليل، ولكن يمكن مشاهدتها في أي وقت من النهار.
وتبني أوكاراً في جحور ثدييات أخرى، أو في التجاويف الطبيعية، مثل تحت جذوع الأشجار، أو على ضفاف الأنهار.
وتحتوي الأوكار على مداخل تحت الماء ونفق يؤدي إلى حجرة العش المبطنة بالأوراق والعشب والطحالب واللحاء والشعر. [1]
التواصل
تتواصل قضاعة الأنهار الشمالية عبر مجموعة متنوعة من الوسائل، تشمل التواصل الصوتي بإصدار أصوات كالصفير والهدير والصراخ.
والتواصل الكيميائي بترك علامات رائحة قوية جداً من خلال غددها المزدوجة بالقرب من قاعدة الذيل أو عن طريق التبول والتبرز على النباتات في محيطها.
بالإضافة إلى ذلك، تستخدم هذه الحيوانات اللمس والتواصل الجسدي من خلال الوضعيات والإشارات.
وتلعب شواربها الكبيرة والحساسة دوراً بالغ الأهمية في الإحساس، خاصة أثناء الصيد في الماء حيث تقل فعالية حواس الشم والبصر والسمع.
غذاء قضاعة الأنهار الشمالية
تعتمد هذه الحيوانات في غذائها بشكل أساسي على الكائنات المائية، بما في ذلك البرمائيات والأسماك.
وخاصةً الأنواع البطيئة التي يسهل اصطيادها والسلاحف وجراد البحر وسرطان البحر واللافقاريات الأخرى.
وقد تشمل قائمة طعامها أيضاً الطيور وبيضها والثدييات الأرضية الصغيرة، بالإضافة إلى بعض النباتات المائية في بعض الأحيان.
وتستخدم القضاعة فمها للإمساك بالفريسة، وتساعدها شواربها الطويلة في الكشف عن الكائنات الحية في قاع الماء وفي المياه المظلمة.
وعادةً ما تُؤكل الفريسة فور اصطيادها داخل الماء، إلا أن الفرائس الأكبر حجماً تُنقل إلى اليابسة لتناولها. [1]
المفترسات
تواجه قضاعة الأنهار الشمالية خطر الافتراس من قبل مجموعة متنوعة من الحيوانات المفترسة الكبيرة.
بما في ذلك الوشق الأحمر والذئاب والطيور الجارحة والتماسيح، وتعتمد القضاعة بشكل أساسي على خفة حركتها سواء في الماء أو على اليابسة.
بالإضافة إلى يقظتها الدائمة وقدرتها على الدفاع عن نفسها وصغارها بشراسة، كوسيلة للهروب من هذه المخاطر. [2]
تكاثر قضاعة الأنهار الشمالية
لا يلتقي الذكور والإناث إلا في موسم التزاوج، حيث يتزاوج الذكور غالباً مع أكثر من أنثى، خاصةً الإناث التي تتداخل مع مناطق نفوذه.
ويجتمع الذكور والإناث للتكاثر في أواخر الشتاء أو أوائل الربيع، وتستمر فترة الحمل حوالي شهرين، إلا أن الولادة قد تتأخر حتى عام كامل بعد التزاوج.
وذلك بسبب استخدام هذه القضاعات لخاصية تأخر انغراس البويضة المخصبة في الرحم، وهي خاصية تميزها عن القضاعة الأوراسية التي لا تستخدمها.
وتلد الإناث من 1 – 6 صغار، داخل وكر بالقرب من الماء. [2]
العناية بالصغار
تولد الصغار بفراء لكنها تكون عاجزة في البداية، وتفتح أعينها عند بلوغها شهراً واحداً، ثم تُفطم عند حوالي ثلاثة أشهر.
وتبدأ هذه الصغار بمغادرة نطاق ولادتها بين عمر ستة أشهر وسنة واحدة، وتصل إلى النضج الجنسي في عمر يتراوح بين سنتين وثلاث سنوات.
أما بالنسبة لطول عمرها، فيمكن لقضاعة الأنهار الشمالية أن تعيش حتى 21 عاماً في الأسر، بينما يكون متوسط عمرها في البرية بين 8 – 9 سنوات.
حالة حفظ قضاعة الأنهار الشمالية
تصنف قضاعة الأنهار الشمالية ضمن الأنواع الأقل إثارة للقلق، وتم إدراجها في الملحق الثاني لاتفاقية التجارة الدولية في الأنواع المهددة بالانقراض.
وذلك بسبب انقراضها الفعلي في مناطق عديدة، خاصةً حول المناطق ذات الكثافة السكانية العالية في الغرب الأوسط وشرق الولايات المتحدة.
ويشمل هذا الملحق الأنواع التي قد تصبح مهددة بالانقراض ما لم تنظم تجارتها بشكل دقيق.
ولطالما صيدت القضاعة في أمريكا الشمالية من أجل فرائها القيم والمتين.
حيث تم اصطياد 33,135 قضاعة في موسم 1983-1984 بمتوسط سعر 18.71 دولاراً للفراء الواحد.
ولا تزال القضاعة مصدر دخل مهم للعديد من السكان في كندا وغرب الولايات المتحدة. [2]
الدور في النظام البيئي
تعد قضاعة الأنهار الشمالية حيوانات مفترسة مهمة للأسماك واللافقاريات المائية، وتلعب دوراً حيوياً في الحفاظ على صحة النظم البيئية المائية.
بالإضافة إلى دورها في استهلاك “الأسماك الرديئة” التي تنافس الأسماك ذات الأهمية الاقتصادية.
أنواع القضاعات في الأمريكيتين
بعد أن استعرضنا أنواع القضاعات بشكل عام، مروراً بالقضاعة الأوراسية، والقضاعة مرقطة العنق.
ننتقل اليوم للحديث عن أنواع القضاعات في الأمريكيتين، فبالإضافة إلى قضاعة الأنهار الشمالية، والقضاعة العملاقة وقضاعة البحر.
توجد أنواع أخرى من القضاعات في الأمريكيتين، وهي:
1- قضاعة الأنهار الجنوبية
تعتبر قضاعة الأنهار الجنوبية (Lontra provocax) نوعاً مهدداً بالانقراض وفقاً لتصنيف الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة.
حيث تعرضت لصيد عنيف من أجل جلودها على مدار المائة عام الماضية.
ويعيش هذا النوع في المناطق الجنوبية من الأرجنتين وتشيلي، بما في ذلك أجزاء من باتاغونيا وتييرا ديل فويغو.
وتتميز بفرو بني غامق في الأجزاء العلوية ولون أفتح أو لون أبيض تقريباً في الجزء السفلي. [3]
2- قضاعة الأنهار للإقليم المداري الجديد
تعتبر قضاعة الأنهار للإقليم المداري الجديد (Lontra longicaudis) نوع مهدد بالانقراض.
وتتواجد في المياه العذبة في أمريكا الوسطى والجنوبية، من المكسيك حتى ترينيداد.
وتفضل الأنهار والجداول الصافية، وعلى عكس الأنواع الأخرى من القضاعات التي تعيش في مجموعات عائلية.
يعتبر هذا النوع منعزلاً نسبياً ويتغذى بشكل أساسي على الأسماك والقشريات. [4]
3- قضاعة البحار
تعتبر قضاعة البحار (Lontra felina) نوعاً مهدداً بالانقراض يعيش على سواحل أمريكا الجنوبية.
ويتميز بحصريته في العيش في المياه المالحة والبيئات الساحلية، على عكس معظم أنواع ثعالب الماء الأخرى باستثناء قضاعة البحر.
وتعد قضاعة البحار من أصغر أنواع القضاعات وأصغر الثدييات البحرية، وتتميز بفراء خشن بني غامق من الأعلى وأصفر من الأسفل.
وداعاً، أيها المخلوق الفريد
في ختام رحلتنا لاستكشاف عالم قضاعة الأنهار الشمالية.
نأمل أن تكونوا قد استمتعتم بهذه الجولة الشيقة وتعرفتم على جوانب جديدة من حياة هذا المخلوق الرائع.
والآن، ندعوكم لمشاركتنا آراءكم وانطباعاتكم حول هذا الكائن المدهش في قسم التعليقات أدناه.