سمك القرش: تخيل نفسك تسبح في أعماق المحيط، فجأة تشعر بهبة باردة ورؤية ظلال تتحرك بسرعة نحوك.
هل يمكنك تخيل الرعب الذي قد تشعر به؟ هذه هي القوة المخيفة التي تمثلها أسماك القرش، تلك المخلوقات البحرية التي حيكت حولها الأساطير والأفلام المرعبة.
لكن هل كل أسماك القرش تشكل تهديداً للإنسان؟ دعنا نستكشف معاً أخطر 10 أنواع من أسماك القرش التي تثير الرعب في قلوبنا.
محتويات
أسماك القرش
أسماك القرش هي كائنات بحرية غضروفية تتميز بخياشيمها الرقيقة وزعانفها الصدرية المنفصلة عن الرأس.
وتتنوع أحجامها بشكل كبير، فمنها القزمية التي لا يتجاوز طولها بضعة سنتيمترات مثل قرش الفانوس القزم الذي يصل طوله 17 سم فقط.
و وصولاً إلى عملاق البحار، القرش الحوتي، الذي يصل طوله إلى 12 متراً. وهناك أكثر من 500 نوع من أسماك القرش مقسمة إلى ثلاثة عشر رتبة ، بما في ذلك عدة رتب من أسماك القرش التي انقرضت.
وتعيش أسماك القرش في جميع محيطات العالم، وتتكيف مع الحياة في أعماق مختلفة، حتى أن بعض الأنواع تفضل أعماق تصل إلى 2000 متر.
وعلى الرغم من التنوع الكبير في أشكالها وأحجامها، إلا أنها تشترك جميعها في بعض الخصائص المشتركة، مثل الهيكل الغضروفي و وجود خمسة إلى سبعة شقوق خيشومية على جانبي الرأس.
وللأسف، تواجه العديد من أنواع أسماك القرش تهديداً وجودياً بسبب الصيد الجائر، حيث أدت ممارسات الصيد غير المستدامة إلى انخفاض أعدادها بشكل كبير خلال العقود الأخيرة، مما يهدد التوازن البيئي البحري.
أخطر 10 أنواع من سمكة القرش
يمثل متحف فلوريدا مرجعاً هاماً لدراسة هجمات أسماك القرش غير المبررة حول العالم منذ عام 1580.
وتوفر بياناته الشاملة قاعدة معلومات قيمة للباحثين الذين يسعون لفهم أنماط هذه الهجمات وتحديد الأنواع الأكثر خطورة.
ومن خلال التركيز على الهجمات غير المبررة، يمكن للباحثين تقييم الخطر الحقيقي الذي تشكله أسماك القرش على الإنسان بشكل أكثر دقة، بعيداً عن الصورة النمطية لـ”القاتل العشوائي”.
وبناءً على هذه البيانات، يمكننا تصنيف أكثر 10 أنواع من أسماك القرش خطورة، مما يساعدنا على فهم أفضل التهديدات التي تشكلها هذه الكائنات البحرية:
1- سمك القرش الأبيض الكبير
يعد القرش الأبيض الكبير (Carcharodon carcharias) أحد أكثر المفترسات البحرية شهرةً ورعباً. حيث يجمع بين الحجم المهيب والقوة البدنية وسمعة مخيفة اكتسبها عبر التاريخ.
ويمكن العثور عليه في المياه السطحية الساحلية لجميع المحيطات الرئيسية. ويتميز هذا الكائن البحري بجسم أنيق يشبه الطوربيد، وصفوف من الأسنان الحادة التي تتجدد باستمرار.
ويمتلك القرش الأبيض الكبير لوناً مميزاً يتدرج من الرمادي الداكن على ظهره إلى الأبيض الناصع على بطنه، مما يمنحه تمويهاً مثالياً في المياه.
وكواحد من أكبر الأسماك المفترسة في العالم، يمكن أن يصل طول القرش الأبيض الكبير إلى أكثر من 6 أمتار و وزنه إلى أكثر من 2268 كجم. مما يجعله قوة لا يستهان بها في المحيطات.
وتعتبر أسماك القرش الأبيض بشكل عام شديدة الخطورة، فقد تم التعرف على عدد كبير من الهجمات الغير المبررة حوالي 351 هجوم، قُتل منها 59 إنساناً.
ويعتقد العلماء أن معظم الهجمات تحدث عن طريق الخطأ، حيث يخطئ القرش في اعتبار الإنسان فريسة محتملة.
وبمجرد أن يدرك القرش أنه هاجم إنساناً، فإنه عادة ما يتراجع، ومع ذلك، فإن حجم القرش وقوة عضته يجعلان الهروب من هجومه أمراً صعباً للغاية.
2- سمك القرش الببري
تعرف سمكة القرش الببري (Galeocerdo cuvier) بشراستها ونظامها الغذائي المتنوع، ويشتق اسمها من الخطوط الشبيهة بالببر التي تزين جسمها. ولكنها تتلاشى مع نضوج القرش.
وتتواجد مجموعات منها في العديد من المياه الاستوائية والمعتدلة ، وخاصة حول جزر المحيط الهادئ الوسطى.
وبفضل فكها القوي وأسنانها الحادة، تستطيع التهام مجموعة واسعة من الفرائس، تشمل القشريات والأسماك والفقمات وأسود البحر.
كما تستطيع التهام الطيور والحبار والسلاحف والدلافين وحتى أسماك القرش الأخرى الأصغر حجماً.
بينما يعتبر الحوت القاتل هو المفترس الطبيعي الوحيد المعروف لها. وعلى الرغم من قدرتها على التكيف، إلا أن القرش الببري يواجه خطر الانقراض بسبب الصيد الجائر.
ويأتي قرش الببر في المرتبة الثانية بعد القرش الأبيض الكبير في عدد الهجمات المميتة المسجلة على البشر، ولكن هذه الأحداث لا تزال نادرة للغاية.
فمنذ عام 1580، سجلت 142 حالة هجوم غير مبرر من قبل أسماك القرش الببري، أسفرت 39 منها عن وفاة الضحايا.
وهذا العدد الكبير من الهجمات، مقارنة بأنواع أخرى من القروش، يجعل القرش الببري من أخطر الكائنات البحرية على الإنسان.
والأكثر إزعاجاً هو أن هذه القروش لا تبدي خوفاً من البشر، حتى بعد مهاجمتهم، مما يزيد من خطورتها. [4]
3- قرش الثور
يعد قرش الثور (Carcharhinus leucas) أحد أخطر أنواع أسماك القرش على البشر.
ويتميز ببنيته القوية وقدرته على التكيف مع بيئات مختلفة، بما في ذلك المياه العذبة والمالحة.
ويتواجد عادةً في جميع أنحاء العالم في المياه الدافئة الضحلة على طول السواحل وفي الأنهار.
وتشتهر هذه الكائنات المفترسة بسلوكها العدواني والانتهازي، مما يجعلها تهديداً خطيراً على السباحين والرياضيين المائيين.
فقد تم تسجيل ما يقرب من 119 هجمة غير مبررة للقرش الثور على البشر، أسفرت عن 26 حالة وفاة.
وهذه الطبيعة العدوانية هي سبب إدراج تعداده على أنه معرض لخطر الانقراض.
حيث يتم إعدام أسماك القرش بالقرب من الشواطئ لحماية مرتادي الشاطئ، وهو أحد أسباب استمرار انخفاض أعداد أسماك القرش الثور.
وتعيش أسماك القرش الثور غالباً في المياه الضحلة والموحلة، حيث تقل الرؤية وتكثر الفرائس، مما يزيد من خطر التصادم مع البشر.
وهذه الهجمات تحدث بشكل شائع في المناطق الساحلية، خاصة في المناطق التي تشهد نشاطاً بشرياً مكثفاً في الماء.
4- سمك القرش ذو الزعانف السوداء
يعتبر القرش ذو الزعانف السوداء (Carcharhinus limbatus) من الكائنات البحرية الرشيقة والنشطة، ويتميز بعلامات سوداء مميزة على أطراف زعانفه.
ويعيش هذا النوع في المياه الساحلية والبحرية حول العالم ويتغذى بشكل رئيسي على الأسماك الصغيرة والقشريات.
وعلى الرغم من أنه يتصف بسلوك عدواني أحياناً، إلا أنه لا يعتبر عموماً تهديداً مباشراً للبشر.
ومع ذلك، تشير الإحصائيات إلى أن القرش ذو الزعانف السوداء يقف وراء حوالي 35 هجوماً غير مبرر على البشر.
وعلى الرغم من هذا العدد، من الجدير بالذكر أن جميع هذه الهجمات لم تسفر عن وفيات بشرية، مما يشير إلى أن هذه الهجمات غالباً ما تكون نتيجة لخطأ في التعرف على الإنسان كفريسة محتملة.
5- قرش الرمل الببري
يعد قرش الرمل الببري (Carcharias taurus) من الكائنات البحرية المميزة، التي تتواجد في المياه شبه الاستوائية والمعتدلة في جميع أنحاء العالم.
ويتميز بجسمه الانسيابي وقوته وفمه المليء بالأسنان الشبيهة بالمنشار. وعلى الرغم من مظهره المخيف، إلا أنه يفضل الحياة الهادئة والليلية، ويتغذى على مجموعة متنوعة من الكائنات البحرية.
ويتميز هذا النوع بقدرته الفريدة على ابتلاع الهواء والاحتفاظ به في معدته، مما يساعده على التحكم في طفو جسمه.
وعلى الرغم من وجود سجلات قليلة عن هجماته على البشر، إلا أن هذا القرش عادةً ما يكون سلمياً ولا يشكل تهديداً كبيراً على الغواصين.
و تشير السجلات إلى أن قرش الرمل الببري قام بحوالي 36 هجوماً غير مبرر ضد البشر، لكن لم تؤد أي من هذه الحوادث إلى وفيات. [1]
6- قرش السجاد
يعد قرش السجاد “Orectolobiformes”، نوعاً فريداً من أسماك القرش يتسم بـ “لحية” مميزة تحيط بفمه.
ويتكيف هذا النوع بشكل ممتاز مع الحياة في قاع البحار، حيث يختبئ في الشعاب المرجانية والشقوق الصخرية منتظراً فريسته.
وعلى الرغم من مظهره المخيف وأسنانه الحادة، فإن قرش السجاد يعتبر من الأنواع قليلة العدوانية، ويفضل الكمائن على الملاحقة النشطة.
ويتغذى بشكل رئيسي على الكائنات البحرية في قاع البحار مثل الأسماك والقشريات.
وعدد الهجمات المسجلة لقرش السجاد على الإنسان حول العالم قليلة جداً، ولم تسجل أي حالة وفاة مرتبطة به.
ومع ذلك، يجب على الغواصين والسباحين توخي الحذر والابتعاد عن هذه الكائنات البحرية، خاصة في بيئتها الطبيعية.
7- قرش أبو مطرقة
تتميز أسماك قرش أبو مطرقة “Sphyrnidae” برأسها الفريد على شكل حرف T، والذي يمنحها مظهراً مميزاً وقدرات حسية استثنائية.
وتعيش هذه الأسماك في مختلف البيئات البحرية حول العالم وتتغذى على مجموعة متنوعة من الكائنات البحرية.
وعلى الرغم من مظهرها المخيف وقوتها، فإن أسماك قرش أبو مطرقة تعتبر عموماً غير عدوانية تجاه البشر.
وقد وقع حوالي 18 هجوماً غير مبرر من قبل أسماك قرش أبو مطرقة على البشر، ولكن لحسن الحظ لم تسفر أي من هذه الحوادث عن وفيات.
وهذا الإحصاء يضع أسماك قرش المطرقة في خانة الأنواع ذات الخطر المنخفض على البشر مقارنة بأنواع أخرى من أسماك القرش.
ومع ذلك، يجب على مرتادي الشواطئ اتخاذ بعض الاحتياطات الأساسية، مثل تجنب السباحة بمفردهم والابتعاد عن ارتداء المجوهرات اللامعة، لتقليل فرص التفاعل مع هذه الكائنات البحرية بشكل عام.
8- سمك القرش النحاسي
يعد القرش النحاسي (Carcharhinus brachyurus) المعروف بلونه البرونزي وبنيته القوية، من أسماك القرش النشطة والانتهازية التي تسكن المياه الساحلية والبحرية.
ويتميز بنظامه الغذائي المتنوع الذي يشمل سمك الكنعد والسلمون والحبار، ويستخدم سرعته وقوته وأسنانه الحادة لصيد فريسته.
وعلى الرغم من أن هذا النوع يفضل المياه الساحلية شبه الاستوائية، إلا أنه يمكن العثور عليه أيضاً في المياه العميقة.
ورغم أن القرش النحاسي لا يعتبر من الأنواع العدوانية تجاه البشر، إلا أن هناك ما يقرب من 16 حادث هجوم مسجل، بما في ذلك حالة وفاة واحدة.
وتحدث هذه الهجمات غالباً في المناطق التي يكثر فيها التفاعل بين البشر والأسماك، مثل مناطق ركوب الأمواج وصيد الأسماك.
ولتقليل خطر التعرض لهجوم، ينصح بتجنب السباحة في المناطق التي يتوقع وجود أسماك القرش النحاسي فيها، والالتزام بحذر عند ممارسة الأنشطة المائية في هذه المناطق.
9- سمكة قرش الماكو
يعد قرش ماكو قصير الزعانف (Isurus oxyrinchus) جوهرة المحيطات، ويتميز بجسمه الانسيابي.
وسرعته الخارقة التي تجعله أسرع سمكة قرش معروفة، حيث يمكنه الوصول إلى سرعات تصل إلى 74 كم/ساعة.
ويعيش قرش الماكو قصير الزعانف في البحار المعتدلة والاستوائية قبالة سواحل جميع أنحاء العالم.
بينما يوجد قرش الماكو طويل الزعانف وثيق الصلة به في تيار الخليج أو المياه الساحلية الدافئة.
وعلى الرغم من سمعته المخيفة، فإن قرش الماكو يتجنب عموماً المناطق المأهولة بالسكان ونادراً ما يهاجم البشر.
وعلى الرغم من قوته وسرعته، فإن الهجمات المسجلة عليه قليلة جداً، مما يجعله حيواناً بحرياً مثيراً للإعجاب أكثر منه مخيفاً.
حيث كانت هناك ما يقرب من عشر هجمات مؤكدة، ولم تسفر سوى حالة واحدة عن نتيجة مميتة.
ومع ذلك، فإن الصيد الجائر يهدد بقاء هذا النوع، حيث صنفه الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة على أنه مهدد بالانقراض. [2]
10- سمك قرش الليموني
يتميز القرش الليموني (Negaprion brevirostris) بلونه المصفر المميز وجسمه القوي، ويتواجد في المياه شبه الاستوائية الضحلة.
وتشتهر هذه الأسماك بطبيعتها الاجتماعية، حيث تتجمع في مجموعات وتتفاعل بشكل معقد.
وتصطاد أسماك القرش الليمونية ليلاً بشكل رئيسي، وتتغذى على الأسماك والقشريات، وتستخدم مستقبلات كهربائية للعثور على فرائسها.
وعلى الرغم من مظهرها القوي، فإنها تعتبر حميدة نسبياً، ونادراً ما تشكل تهديداً على البشر.
حيث تم تسجيل ما يقرب من 10 حوادث هجوم مؤكدة فقط، ولم تسفر أي من هذه المواجهات عن وفيات.
وتساهم طبيعتها الهادئة وسلوكها في تجنب البشر في تقليل احتمالية حدوث أي مواجهات ضارة.
وتلعب أسماك القرش الليمونية دوراً حيوياً في الحفاظ على التوازن البيئي في الشعاب المرجانية، إلا أنها تواجه تهديدات مثل الصيد الجائر وفقدان الموائل. [3]
وداعاً، يا أسماك القرش
في النهاية، أسماك القرش هي جزء لا يتجزأ من النظام البيئي البحري، وتلعب دوراً حيوياً في الحفاظ على التوازن الطبيعي.
وعلى الرغم من الخوف الذي تثيره في نفوس البعض، إلا أنها تستحق الاحترام والحماية.
فبدلاً من النظر إليها على أنها وحوش مفترسة، يجب أن نتعلم كيف نعيش بسلام معها، وأن نحافظ على بيئتها الطبيعية حتى تستمر الأجيال القادمة في الاستمتاع بجمال المحيطات.
ننصحك بالتعرف على “ الحوت الأحدب: أغاني العملاق البحري .. أسرار صوت الحوت الأحدب “