ثعلب القطب الشمالي “Arctic fox” هو كائن حي فريد من نوعه يتكيف بشكل رائع مع الظروف القاسية للقطب الشمالي.
في هذه المقالة، سنغوص في عالم الثعلب القطبي، ونستكشف جوانب حياته المختلفة.
الاسم العلمي | Vulpes lagopus |
الأسماء الشائعة | ثعلب القطب الشمالي، الثعلب القطبي، الثعلب الأبيض |
الفصيلة | الكلبيات |
الموطن | القطب الشمالي |
حالة الحفظ | أقل إثارة للقلق |
محتويات
موطن ثعلب القطب الشمالي
ينتمي ثعلب القطب الشمالي إلى فصيلة الكلبيات وعائلة الثعالب، وينتشر في جميع أنحاء المنطقة القطبية الشمالية.
حيث يوجد في بيئات التندرا القطبية في شمال أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية.
بما في ذلك جرينلاند وأيسلندا وفينوسكانديا وسفالبارد ويان ماين (حيث انقرض بسبب الصيد).
كما يتواجد في جزر أخرى في بحر بارنتس وشمال روسيا وجزر في بحر بيرنغ وألاسكا وكندا وصولاً إلى خليج هدسون.
ويعتبر ثعلب القطب الشمالي الثديي البري الوحيد في أيسلندا، حيث وصل إلى هذه الجزيرة المعزولة في نهاية العصر الجليدي الأخير عبر البحر المتجمد. [1]
البيئة
يسكن هذا النوع بشكل رئيسي التندرا والجليد البحري ويفضل المناطق الساحلية الخالية من الأشجار.
ولكنه يوجد أيضاً في الغابات الشمالية الكندية وشبه جزيرة كيناي في ألاسكا.
ويمكن العثور عليه على ارتفاعات تصل إلى 3000 متر فوق مستوى سطح البحر وقد شوهد بالقرب من القطب الشمالي على الجليد البحري.
تكيف الثعلب القطبي
يتكيف ثعلب القطب الشمالي بشكل فريد مع البيئات القطبية الباردة، حيث يتحمل درجات حرارة تصل إلى -70 درجة مئوية دون ارتعاش.
وذلك بفضل فروه الكثيف متعدد الطبقات الذي يوفر عزلاً ممتازاً، حيث يعتبر فراء ثعلب القطب الشمالي الأكثر عزلاً بين الثدييات.
بالإضافة إلى كونه الكلب الوحيد الذي يمتلك فراءً يغطي وسائد أقدامه.
كما يتميز بجسمه المدمج وخطمه وأرجله وأذنيه القصيرة السميكة، مما يقلل من فقدان الحرارة في بيئته القطبية.
وتنظم ثعالب القطب الشمالي حرارة أقدامها عبر آلية فريدة تُعرف بتبادل الحرارة المعاكس في أوعيتها الدموية.
وهذه الآلية تسمح لها بالحفاظ على درجة حرارة أقدامها فوق درجة التجمد (-1 درجة مئوية) حتى عند الوقوف على أسطح جليدية باردة، دون فقدان الإحساس أو القدرة على الحركة.
وللحفاظ على حرارتها، تلتف الثعالب بإحكام وتُخفي أرجلها ورأسها تحت جسمها وذيلها الكثيف، مما يقلل من مساحة سطح الجسم المعرضة للبرد.
كما تحتمي من الرياح في أوكارها، ورغم نشاطها طوال العام، تقلل الثعالب من حركتها للحفاظ على الطاقة.
وتخزن الدهون في الخريف، مما قد يزيد وزنها بنسبة تزيد عن 50%، لتوفير العزل والطاقة خلال الشتاء. [1]
صفات ثعلب القطب الشمالي
يبلغ طول جسم الثعلب البالغ من 41 – 68 سم، ويبلغ طول الذيل حوالي 30 سم.
بينما يبلغ الارتفاع عند الكتف من 25 – 30 سم، ويزن من 2-9 كجم.
ويظهر الثعلب القطبي بنوعين وراثيين من ألوان الفراء: الأبيض والأزرق.
حيث يتميز النوع الأبيض بتمويه موسمي يتحول من الأبيض في الشتاء إلى البني على الظهر والرمادي الفاتح على البطن في الصيف.
بينما يظل النوع الأزرق داكناً أو بنياً أو رمادياً على مدار العام.
وعادةً ما تكون 99% من الثعالب القطبية من النوع الأبيض، ويعود هذا الاختلاف اللوني إلى طفرتين مشابهتين لـ MC1R.
الأنواع الفرعية
بالإضافة إلى النوع الأساسي أو النموذجي المعروف باسم ثعلب القطب الشمالي الشائع، تم وصف أربعة أنواع فرعية أخرى:
- ثعلب القطب الشمالي في جزر بيرينغ
- ثعلب القطب الشمالي في جرينلاند
- ثعلب القطب الشمالي في أيسلندا
- ثعلب القطب الشمالي في جزر بريبيلوف
سلوك ثعلب القطب الشمالي
تعيش الثعالب القطبية في مجموعات صغيرة متنقلة بحثاً عن الطعام، ولا تدخل في سبات شتوي.
وتبني الثعالب أوكاراً متباعدة بمسافة لا تقل عن 1.6 كم، يسكنها الذكر والأنثى وصغارهما.
ويبني ثعلب القطب الشمالي وكره في تل منخفض أو بين الصخور في التندرا، ويختار أوكاراً تواجه الجنوب نحو الشمس، مما يجعل الوكر أكثر دفئاً.
وتفضل الأوكار الكبيرة التي تشبه المتاهة، مما يمكنها من الهرب من الحيوانات المفترسة خاصةً عندما تكون الثعالب الحمراء في المنطقة.
ويحتوي الوكر على 4-8 مداخل وشبكة أنفاق تغطي حوالي 30 متراً مربعاً، وقد تستخدمه أجيال من الثعالب لقرون. [2]
الحواس الخارقة للثعالب
يتمتع ثعلب القطب الشمالي بحواس قوية تساعده على البقاء في بيئته القاسية.
فسمعه الحاد يمكنه من تحديد مكان فرائسه الصغيرة، مثل القوارض، حتى تحت طبقة سميكة من الثلج.
كما يتمتع بحاسة شم قوية جداً، حيث يستطيع شم الجثث التي تتركها الدببة القطبية على بعد عشرات الكيلومترات.
ويستخدم حاسة الشم أيضاً للعثور على فرائسه المدفونة تحت الثلج، مثل القوارض المتجمدة أو أوكار الفقمة. [1]
غذاء ثعلب القطب الشمالي
تتغذى ثعالب القطب الشمالي على تشكيلة واسعة من الفرائس الصغيرة، تشمل القوارض والطيور والبيض والأسماك والجيف.
وتعتمد بشكل كبير على القوارض في المناطق التي تتواجد بها، وقد تأكل عائلة من الثعالب عشرات القوارض يومياً.
وتتغذى على الجثث التي تتركها الحيوانات المفترسة الأكبر حجماً مثل الذئاب والدببة القطبية، وفي أوقات الندرة قد تأكل أيضاً برازها.
وتُشكل الطيور المهاجرة مصدراً غذائياً هاماً في بعض المناطق، بينما تعتمد الثعالب في المناطق الساحلية بشكل أساسي على الطيور وبيضها.
كما تتغذى على صغار الفقمة في فصل الربيع، وتأكل التوت والأعشاب البحرية أحياناً، مما يجعلها حيوانات قارتة (آكلة للحوم والنباتات). [1]
كيف تعيش ثعالب القطب الشمالي مع ندرة الغذاء؟
تتكيف الثعالب القطبية مع شتاء القطب الشمالي القاسي وشحّ الغذاء بطريقتين رئيسيتين: تخزين الطعام وتخزين الدهون.
ويبدأ الثعلب الشتاء بكمية كبيرة من الدهون المخزنة (حوالي 14740 كيلوجول).
ويحتاج الثعلب المُتوسط (وزن 3.5 كجم) إلى 471 كيلوجول يومياً للبقاء على قيد الحياة.
بينما في كندا، تجمع الثعالب بيض الإوز الثلجي وتقوم بتخزينها، وتشير التحليلات إلى أن البيض يظل صالحاً للأكل لمدة عام.
ولا تفقد البيضة المخزنة إلا 11% من طاقتها بعد 60 يوماً (البيضة الطازجة تحتوي على حوالي 816 كيلوجول).
وتستخدم الثعالب هذا البيض المخزن في الصيف خلال الربيع التالي قبل موسم التكاثر.
أعداء الثعلب القطبي في الطبيعة
توجد العديد من الحيوانات التي تفترس الثعالب القطبية وتشمل:
العقاب الذهبي، والذئاب الرمادية، والدببة القطبية، والشره (الولفيرين)، والثعالب الحمراء، والدببة البنية.
تكاثر ثعلب القطب الشمالي
في فصل الربيع، يبدأ موسم تكاثر الثعالب القطبية، حيث يبحث الزوجان عن وكر آمن لصغارهما.
وغالباً ما تكون الأوكار في مناطق وعرة لحماية الصغار، ويحدث التكاثر عادةً في أبريل ومايو، وتستمر فترة الحمل حوالي 52 يوماً، وتلد 5-8 جراء.
وقد تلد الأنثى ما يصل إلى 25 جرواً (وهو أكبر عدد في آكلات اللحوم)، ويعتمد عدد الصغار على وفرة الطعام، خاصةً القوارض.
حيث تتأثر معدلات تكاثر الثعلب القطبي بشكل كبير بتوفر القوارض، وتشهد أعدادها تقلبات دورية كل 3 – 5 سنوات.
ففي فترات وفرة القوارض، قد تنجب أنثى الثعلب القطبي ما يصل إلى 18 جرواً، بينما تتوقف عن التكاثر تماماً في أوقات ندرة الغذاء. [1]
العناية بالجراء
يشارك الذكر في رعاية الصغار وإطعامهم، ويعاود التزاوج مع الأنثى بعد أسابيع قليلة من الولادة.
ويتم فطام صغار هذا الحيوان والخروج من الوكر في عمر أسبوعين إلى أربعة أسابيع.
وتصل إلى النضج الجنسي قبل بلوغ عشرة أشهر، ومتوسط العمر في البرية قصير.
حيث لا يتجاوز معظمها السنة الأولى، لكن بعضها قد يعيش حتى 11 عاماً في البرية و16 عاماً في الأسر.
حالة حفظ ثعلب القطب الشمالي
على الرغم من تصنيف ثعلب القطب الشمالي عالمياً بأنه “أقل إثارة للقلق” في القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة.
لكن، على الرغم من الحماية القانونية لعقود، تعتبر أعداده في البر الرئيسي الاسكندنافي (النرويج والسويد وفنلندا) منخفضة جداً، حيث يُقدر عدد البالغين بأقل من 200 ثعلب.
وفي فنلندا تحديداً، يصنف على أنه “مهدد بالانقراض بشدة” رغم حمايته منذ عام 1940.
وقد انقرض الثعلب القطبي من بعض المناطق بسبب مفترسات مثل الثعلب الأحمر.
كما تعرض للصيد من أجل فرائه واعتُبر آفة في أيسلندا لمربي الأغنام، ويربى أيضاً في مزارع الفراء، لكن أعداده عالمياً ظلت مستقرة نسبياً. [2]
العلاقة مع البشر
يعتبر فراء ثعلب القطب الشمالي ذا قيمة عالية في صناعة الفراء، مما أدى إلى صيده بكثافة.
فمنذ عام 1865، تُربى هذه الثعالب في جزر بريبيلوف في ألاسكا من أجل فرائها.
ولطالما شكلت مورداً اقتصادياً هاماً للسكان الأصليين في مناطق تواجدها.
وداعاً، أيها المخلوق العجيب
في الختام، نأمل أن تكون هذه المقالة قد قدمت لكم نظرة شاملة وممتعة عن عالم ثعلب القطب الشمالي.
ما هي المعلومة التي أثارت اهتمامكم أكثر؟ هل تعلمتم شيئاً جديداً عن هذا الحيوان؟ نود أن نسمع منكم!
شخصياً، أجد أن قدرة الثعلب القطبي على تغيير لون فرائه للتكيف مع الفصول المختلفة هي من أكثر الجوانب إثارة للاهتمام.
كما أن قدرته على شم رائحة فرائسه تحت الثلوج الكثيفة تعتبر مهارة رائعة أخرى.