يعد الغرير الأوراسي (European badger) واحداً من أكثر الحيوانات انتشاراً في أوروبا وآسيا.
يُعرف بذكائه ومهاراته الهندسية الاستثنائية في بناء جحور معقدة.
انضموا إلينا في رحلة مشوقة، نتعرف فيها على المهندس المعماري الصغير!
الاسم العلمي | Meles meles |
الأسماء الشائعة | الغرير الأوراسي، الغرير الأوروبي |
الفصيلة | العرسيات |
الموطن | قارة أوروبا وآسيا |
حالة الحفظ | أقل إثارة للقلق |
محتويات
موطن الغرير الأوراسي
ينتمي الغرير الأوراسي إلى فصيلة العرسيات، ويُعرف أيضاً باسم الغرير الأوروبي.
وينتشر على نطاق واسع في القارة الأوراسية، ممتداً من أقصى الغرب في أوروبا، مروراً بروسيا والصين، وصولاً إلى اليابان.
ويتحمل الغرير الأوراسي الظروف المناخية القاسية، حيث يصل نطاق انتشاره حتى الدائرة القطبية الشمالية في بعض المناطق.
بينما تقع حدوده الجنوبية على طول الساحل الجنوبي الشرقي للصين. [1]
البيئة
يتميز الغرير الأوراسي بتكيفه العالي ويستطيع العيش في مجموعة متنوعة من البيئات.
بما في ذلك الغابات المتساقطة أو الصنوبرية أو المختلطة التي تقع بالقرب من الحقول المفتوحة.
كما يمكن أن يشغل التحوطات والموائل النهرية بالإضافة إلى الأراضي الزراعية والأراضي العشبية والسهوب وشبه الصحاري.
المناطق المفضلة
يفضل الغرير الأوراسي المناطق المظللة بالأشجار والشجيرات والصخور التي تغطي مدخل جحره، ويفضل التربة جيدة التصريف وسهلة الحفر مع إزعاج بشري ضئيل.
كما يفضل المناخ الرطب المعتدل والمراعي الغنية التي تحتوي على وفرة من ديدان الأرض، أحد فرائسه الأساسية.
ومتوسط ارتفاع الأماكن التي يتواجد فيها الغرير الأوراسي 1000 متر، ولكن يمكن العثور عليه أحياناً في الضواحي والمناطق الحضرية، خاصة في بريطانيا العظمى.
شكل الغرير الأوراسي
- يتميز بجسم ممتلئ وأطراف قصيرة قوية وذيل قصير، ويتراوح طول الذيل بين 11.5- 20.2 سم.
- تزن الإناث ما بين 6.6 – 13.9 كجم، بينما يتراوح وزن الذكور بين 9.1 – 16.7 كجم.
- لا يختلف الذكور عن الإناث في الطول، حيث يتراوح طولهما بين 56 – 90 سم.
- يشتهر بخطوطه الداكنة المميزة التي تمتد من أنفه عبر عينيه وحتى أذنيه، مفصولة بشريط أبيض في المنتصف.
- لون ظهره رمادي، وتكون منطقة البطن رمادية داكنة أو سوداء.
- تكون جمجمته ضخمة وثقيلة مع قمة سهمية بارزة وناتئات مثلثية قصيرة.
- تمتلك أضراس مسطحة وقواطع صغيرة وأنياب بارزة، مما يجعلها مناسبة لنظامها الغذائي آكلة اللحوم والنباتات.
سلوك الغرير الأوراسي
ينشط الغرير الأوراسي عند الشفق وفي الليل، ويتميز بالسلوك الاجتماعي العالي مقارنةً بالعديد من أنواع العرسيات الأخرى.
حيث يمكن أن يعيش في مجموعات اجتماعية مكونة من 2 – 23 فرداً، وتتكون المجموعات المتوسطة من 1 – 6 أفراد بالغين وصغارهم.
وعادةً ما تتشكل المجموعات الاجتماعية في المقام الأول من خلال بقاء الصغار داخل مجموعة الولادة، كما يمكن للأفراد التنقل بين المجموعات. [1]
التسلسل الهرمي
يحكم مجموعة الغرير الأوراسي زوج مهيمن يسيطر على المجموعة، ولا يوجد تسلسل هرمي بعد الزوج المتكاثر المهيمن.
حيث تتسامح الأفراد تجاه بعضهم البعض في المجموعة، كما أن الزوج المهيمن هو من يحق له التزاوج فقط في المجموعة.
ومع ذلك، عندما تكون الموارد وفيرة، يميل الأفراد الآخرون إلى التكاثر أيضاً، وعادةً ما تقتل الأنثى المهيمنة الصغار داخل المجموعة التي لا تنتمي إليها.
التواصل
يتواصل الغرير الأوراسي باستخدام لغة جسد معقدة تشمل حركات الذيل وكشط الأرجل الخلفية لتحذير المُفترسين أو إظهار العدوان.
كما يُصدر أصواتاً متنوعة مثل الهدر والنّحيب والغرغرة للتعبير عن مشاعره وتحديد موقعه وجذب الشريك.
بينما تعد علامات الرائحة من خلال التغوط في مكان واحد وإفرازات الغدد الشرجية من أهم أدوات التواصل لديه.
حيث تساعده على تحديد حدود منطقته وجذب الشركاء.
جحور الغرير: تحفة معمارية تحت الأرض
يُعرف الغرير الأوراسي بمهاراته المعمارية الاستثنائية في بناء “الجحور” مثل الغرير الأمريكي.
وتعد من أكثر الأوكار متانةً في عالم الحيوان، حيث تتميز هذه الجحور بخصائص فريدة: [1]
- الموقع: تُبنى الجحور دائماً بالقرب من شجرة، والتي يستخدمها الغرير للتمدد أو كشط المخالب.
- الصمود: تتوارث الأجيال تلك الجحور ويتم صيانة الجحور كل عام، مما يجعلها تحفة معمارية حقيقية.
- تبطين الغرف: غالباً ما تكون الغرف مبطنة بالفراش، والذي يتكون من العشب والسرخس والقش والأوراق والطحالب.
- تشميس الفراش: يأخذون فراشهم إلى الخارج في الصباح المشمس، ويستعيدونه في وقت لاحق من اليوم لمنع تراكم الطفيليات.
- الحجم: قد تكون الجحور شاسعة لدرجة كافية لاستيعاب عائلات متعددة من الغرير.
- التقسيم الداخلي: تُقسم الجحور إلى ممرات وغرف تعشيش خاصة بكل عائلة.
- المخارج: يمكن أن يضم الجحر الواحد ما بين بضعة إلى خمسين مخرجاً، مما يوفر للغرير طرقاً متعددة للدخول والخروج.
- التغوط خارج الجحر: يتغوط جميع الأفراد في مكان واحد، والتي تقع بالقرب من الجحر وعلى حدود المنطفة أو بالقرب من مصادر الغذاء الوفير.
- التعامل مع الموتى: عند موت غرير داخل الجحر، تقوم عائلته بإغلاق الغرفة وحفر غرفة جديدة، أو تسحبه من الجحر وتدفنهم في الخارج.
مشاركة المنزل مع الحيوانات الأخرى
يشارك الغرير الجحور مع الثعالب أو الأرانب البرية الأوروبية.
حيث يوفر الغرير الحماية للأرانب من الحيوانات المفترسة الأخرى.
وعادةً ما تتجنب الأرانب الافتراس من قبل الغرير من خلال العيش في غرف أصغر يصعب الوصول إليها.
السبات الشتوي لدى الغرير
مع اقتراب فصل الشتاء، تبدأ رحلة استعداد الغرير للدخول في السبات الشتوي.
حيث يُكثّف الغرير جهوده في أواخر الصيف لتكوين احتياطيات هائلة من الدهون في جسمه، ليصل ذروتها في شهر أكتوبر.
وخلال هذه الفترة، ينهمك الغرير في تنظيف الجحور وتحضير غرفة التعشيش لتكون مريحة ودافئة للنوم.
ومع هطول الثلوج، يسد الغرير مداخل جحره بعناية باستخدام أوراق الشجر الجافة والتراب، معلناً بدء دخوله في سبات عميق. [1]
مدة السبات لدى الغرير الأوراسي
تختلف مدة السبات الشتوي للغرير حسب المنطقة، ففي روسيا ودول الشمال الأوروبي، يبدأ الغرير سباته الشتوي من أواخر أكتوبر إلى منتصف نوفمبر، ويستيقظ في مارس وأوائل أبريل.
وأما في مناطق مثل إنجلترا وما وراء القوقاز، حيث يكون الشتاء أقل قسوةً، قد لا يدخل الغرير في السبات بالكامل، أو قد يقضي فترات طويلة تحت الأرض ويظهر في فترات قصيرة على السطح.
غذاء الغرير الأوراسي
يعد الغرير الأوراسي من آكلات اللحوم، حيث يتغذى بشكل أساسي على ديدان الأرض واللافقاريات الصغيرة.
كما يشمل نظامهم الغذائي الثدييات الصغيرة والطيور والبرمائيات والجيف، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الفواكه والحبوب والدرنات.
وتختلف مكونات نظامهم الغذائي باختلاف الفصول والمناطق، مما يُظهر قدرتهم على التكيف مع مختلف البيئات واحتياجاتهم الغذائية. [1]
الوجبة المفضلة
يبحث الغرير الأوراسي عن غذائه بمفرده، بغض النظر عن بنيته الاجتماعية.
وتعد ديدان الأرض مصدراً غذائياً رئيسياً له، وتدور العديد من جوانب سلوكه حول الوصول إليها.
حيث يستهلك الغرير الأوراسي أنواعاً متعددة من ديدان الأرض، ويبقى في مساحة صغيرة نسبياً عند البحث عنها.
ويمسك بفريسته باستخدام قواطعه، وإذا انقسمت دودة الأرض إلى قطع متعددة، فإنه يجد ويأكل القطع المتبقية.
المفترسات
لا يوجد لدى الغرير البالغ حيوانات مفترسة طبيعية سوى البشر.
ومع ذلك، فإن الذئاب الرمادية والوشق والدببة تتداخل مع نطاقات الغرير الجغرافية وقد تفترسها أحياناً، خاصةً الصغار منها.
تكاثر الغرير الأوراسي
تتزاوج على مدار العام، وعادةً ما يتزاوج ذكر واحد مع العديد من الإناث، بينما في المجموعات الاجتماعية، يتزاوج فقط الذكر والأنثى المهيمنان.
ولكن التزاوج خارج المجموعة يحدث بشكل متكرر، حيث قد تجذب الإناث الذكور من مجموعات أخرى من خلال علامات الرائحة.
قد يتأخر انغراس البويضة المخصبة في جدار الرحم لمدة تتراوح بين شهرين وتسعة أشهر، حيث يستغرق الحمل بعد ذلك حوالي سبعة أسابيع ليكتمل.[1]
العناية بالصغار
تعتني الأم بالصغار حتى تخرج من أوكارها بعد حوالي 8 – 10 أسابيع من الولادة.
بينما يتم فطام الصغار في المتوسط بعد شهرين ونصف، ويصل الصغار إلى مرحلة النضج الجنسي بعد عام من الولادة.
ويمكن للغرير الأوراسي العيش في البرية قرابة 6 سنوات، بينما في الأسر يمكن أن يعيش قرابة 19 عام.
حالة حفظ الغرير الأوراسي
يصنف الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN) الغرير الأوراسي على أنه “أقل إثارة للقلق“.
ويرجع ذلك إلى انتشاره الواسع نسبياً، و وجود نطاق توزيع واسع، واستقرار أعداده بشكل عام.
ومع ذلك يواجه الغرير بعض التحديات، مثل فقدان الموائل والصيد، مما يتطلب اتخاذ إجراءات إضافية لحمايته. [1]
الدور في النظام البيئي
يساعد الغرير الأوراسي في السيطرة على بعض مجموعات الآفات الحشرية، كما يمكن أن يساعد في نشر البذور في جميع أنحاء نطاقه الأصلي.
وداعاً، أيها المخلوق العجيب
في الختام، نرى أن الغرير الأوراسي ليس مجرد حيوان بري عادي، بل هو مهندس معماري ماهر، يشكل بيئته بذكاء وإصرار.
نأمل أن تكون هذه الرحلة القصيرة إلى عالم الغرير قد ألقت الضوء على جوانب جديدة من حياة هذا المخلوق الرائع.
هل سبق لكم أن شاهدتم غريراً في البرية؟ ما هي أكثر الحقائق التي ذكرت في المقال التي أثارت اهتمامكم؟
نرحب بجميع مساهماتكم لإثراء النقاش وتبادل المعرفة حول هذا الحيوان المثير للاهتمام.