الصقر الحر “Lanner falcon” ذلك الطائر الجارح المهيب الذي لطالما أسر قلوب البشر بجماله وقوته.
في هذه المقالة، سنغوص في عالم هذا الطائر الرائع، مسلطين الضوء على خصائصه وصفاته وأنواعه وبيئته وأهميته في التراث الإنساني.
الاسم العلمي | Falco biarmicus |
الأسماء الشائعة | الصقر الحُرّ (الجمع: حِرَار)، الصقر الوكري |
الفصيلة | الصقور |
الموطن | أوراسيا وأفريقيا |
حالة الحفظ | أقل إثارة للقلق |
محتويات
موطن الصقر الحر
الصقر الحر أو الصقر الوكري هو طائر جارح ينتمي إلى فصيلة الصقور، ينتشر على نطاق واسع يشمل أقصى الشمال وصولاً إلى وسط وشرق البحر الأبيض المتوسط.
ويمتد جنوباً ليغطي معظم أنحاء أفريقيا وشبه الجزيرة العربية، إلا أن أعداده في البرية تشهد انخفاضاً ملحوظاً وثابتاً في أوروبا وشمال أفريقيا.
على الرغم من بقائه شائعاً نسبياً في بعض المناطق الأفريقية مثل جبال ديجوا تمبين بإثيوبيا.
ويعتبر هذا الطائر من الطيور المقيمة غير المهاجرة، حيث تقتصر حركته على نطاق محلي ضيق. [1]
البيئة
يُعرف الصقر الحر بتنوع مواطنه، حيث يتواجد في بيئات مختلفة تتراوح بين المناطق المسطحة الجافة القريبة من مستوى سطح البحر وصولاً إلى الجبال الرطبة المشجرة التي ترتفع حتى 5000 متر.
ولتلبية احتياجاته، يفضل هذا الطائر مناطق الصيد المفتوحة أو ذات الغابات الخفيفة، بالإضافة إلى التكوينات الصخرية كالجروف والمنحدرات التي يستخدمها للتكاثر.
ومع ذلك، يُظهر هذا الصقر مرونة في اختيار مواقع التعشيش، حيث يُسجل تعشيشه أيضاً في الأشجار والمباني المهجورة، وحتى بالقرب من الأرض في المناطق الصحراوية . [2]
تاريخ الصقر الحر
كان الصقر الحر يعتبر من الطيور المقدسة لدى قدماء المصريين، حيث كان يمثل رمزاً دينياً هاماً.
وغالباً ما استُخدم لتجسيد بعض الآلهة المصرية القديمة، مثل رع وحورس، الذين كانوا يُصوَّرون على هيئة بشر برؤوس الصقر الحر.
ويعتبر هذا الطائر ثالث أهم الصقور المستخدمة في الصيد والقنص عند العرب بعد صقر الغزال وصقر الشاهين، إلا أنه لا يحظى بنفس القدر من الأهمية لدى الصقارين.
وعادةً ما يستخدم الحُر كخيار للمبتدئين في تعلم فن الصيد بالصقور، وغالباً ما تهجن مع الشاهين.
شكل الصقر الحر
- هناك خمسة أنواع فرعية معترف بها، ويعتبر من الطيور الكبيرة نسبياً.
- يتشابه الذكور والإناث في الشكل واللون بشكل كبير، وعادةً ما يكون لون الإناث أغمق من الذكور.
- يتراوح طول الطائر البالغ بين 43 – 50 سم، ويبلغ طول جناحيه من 95 – 105 سم.
- يختلف لون الجزء العلوي من الجسم باختلاف السلالة؛ فالصقور الأوراسية تتميز بلون رمادي أو بني رمادي.
- يميل لون الأنواع الفرعية الأفريقية إلى الرمادي الأزرق الشاحب.
- يتميز الصدر بوجود خطوط تشبه تلك الموجودة لدى صقور الغزال، ولكن ما يميز صقور الحرار هو وجود لون محمر على مؤخرة الرأس.
- تبدأ الإناث في طرح ريشها عادةً من شهر سبتمبر إلى شهر يناير، وذلك بعد انتهاء موسم التعشيش.
- يبدأ الذكور في طرح ريشهم في وقت لاحق، أي من شهر نوفمبر إلى شهر مايو، وذلك بعد أن يصبح الصغار قادرين على الصيد بأنفسهم.
الفرق بين الصقر الحر وصقر الشاهين
يتميز الشاهين بقدرته على الصيد بسرعة هائلة وخفة حركة، مما يجعله خياراً جيداً لصيد طيور الحبارى النادرة.
إلا أن أسعاره أقل من أسعار الصقور الحرار النادرة، كما أن تدريبه لا يستغرق وقتاً طويلاً.
في المقابل، يتميز الصقر الحر بقدرة تحمل أكبر للظروف الشاقة وتقلبات الجو، ومقاومة أعلى للأمراض والجوع.
بالإضافة إلى قوة ريشه مقارنةً بريش الشاهين الرقيق الذي قد يتعرض لمشاكل صحية خلال فترة القرنسة أو تكسر الريش خاصةً في الهدد.
وعلى الرغم من صعوبة تدريب الصقر الحر، خصوصاً الأنواع النادرة منه، إلا أنه يعتبر أكثر جدوى وفعالية في الصيد و وفاءً لصاحبه.
بينما يُعرف الشاهين بحساسيته وعدم تحمله للجوع الشديد أو الشبع الزائد، مما يسهل تدريبه لاعتماده على تجويع الصقر واستغلال حاجته للطعام.
سلوك الصقر الحر
يُعرف الصقر الحر بسرعته ورشاقته في الطيران، مصحوباً بصرخة عالية متكررة “كاك كاك”.
ويعيش حياة انفرادية خارج موسم التزاوج، إلا أنه غالباً ما يُشاهد يصطاد في أزواج، خاصةً عند ملاحقة فرائس أكبر حجماً.
وهو طائر نهاري غير مهاجر، ولكنه قد يسافر لمسافات طويلة بعيداً عن مناطق تكاثره.
ويُعرف أيضاً بمنافسته لصقور الشاهين على كل من الفرائس ومواقع التعشيش، بالإضافة إلى منافسته للغربان. [2]
التواصل
يعتمد هذا الطائر بشكل أساسي على بصره الحاد لاقتناص فرائسه، سواء كانت في الجو أو على الأرض.
وكغيره من الجوارح، يمتلك هذا الصقر نظاماً صوتياً متنوعاً للتواصل مع أفراد نوعه في المواقف المختلفة.
خاصةً خلال النزاعات على المناطق والتودد للتزاوج، ويُعرف تحديداً بندائه الصاخب المتكرر الذي يشبه “كاك كاك”.
غذاء الصقر الحر
الصقور الحرار من الحيوانات آكلة اللحوم، وتتغذى على مجموعة واسعة من الفرائس البرية والجوية.
وتشمل مصادر غذائها الأساسية الطيور الصغيرة مثل السمان والحمام، بالإضافة إلى السحالي والقوارض والخفافيش، وحتى العناكب والعقارب في المناطق الصحراوية.
كما أنها قد تلجأ إلى التغذي على الحشرات، بما في ذلك الجراد والحشرات الطائرة الأخرى، في حالات اشتداد المنافسة على الموارد الغذائية أو وفرة هذه الحشرات. [2]
طريقة الصيد
يُعرف الصقر الحر بصيده للطيور في الهواء غالباً عبر المطاردة الأفقية بدلاً من الانقضاض العمودي من ارتفاع شاهق.
إلا أنه يتميز بتنوع أساليب صيده التي تشمل الانحناء بعد التحليق، والهجوم من مجثم، والانقضاض السريع المنخفض، والهجمات الجوية من المجثم.
كما يُظهر تعاوناً ملحوظاً في الصيد، خاصةً عند اصطياد الغربان، حيث يستخدم التواصل البصري لتنسيق المطاردة.
وغالباً ما يبدأ الذكر بالهجوم بينما تتولى الأنثى مهمة الإمساك بالفريسة في النهاية.
تزاوج الصقر الحر
تتبع الصقور الحرار نظاماً أحادي الزواج، حيث يشترك الذكر والأنثى في عروض مغازلة معقدة تشمل الطيران والصراخ.
وتضع الإناث بيضها في شهر يوليو لتفقس الصغار قبل حرارة الصيف وأمطاره الغزيرة وقبل هجرة الطيور في الشتاء.
وتفضل التعشيش على المنحدرات الشاهقة، وتضع 3-4 بيضات، ويتناوب كل من الذكر والأنثى على احتضان البيض لمدة 32 يوماً. [1]
فراخ الصقر الحر
بعد فقس البيض، تتولى الأنثى في البداية مسؤولية رعاية الصغار وإطعامهم، بينما يشاركها الذكر هذا الدور عند خروجها للصيد.
ومع بلوغ الصغار حوالي 25 يوماً، تبدأ الأنثى بتقليل وقتها داخل العش، لكنها تظل قريبة منهم.
وعندما يصبح عمرهم حوالي 39 يوماً، ينشغل كلا الأبوين بالصيد لتوفير الغذاء.
وتكون الأنثى قد قللت تواجدها في العش بشكل كبير، ويبدأ الصغار في الطيران ما بين 35 – 47 يوماً.
بينما يكون متوسط الوقت المستغرق للاستقلال الصغار عن والديهم 3 أشهر.
حالة حفظ الصقر الحر
رغم تصنيف الصقر الحر ضمن الأنواع الأقل عرضة للخطر في القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة.
إلا أنها لا تزال مهددة بشكل مباشر وغير مباشر بفعل الأنشطة البشرية، كسرقة الأعشاش، والاصطدام بالمركبات، والصعق الكهربائي.
وخاصةً الفراخ التي يسهل اصطيادها لعدم قدرتها الجيدة على الطيران عند مغادرة العش، إضافةً إلى قتلها من قبل المزارعين بسبب افتراسها للدواجن.
كما تشمل التهديدات غير المباشرة فقدان الموائل المناسبة نتيجة التوسع العمراني واستخدام المبيدات الحشرية. [1]
الدور في النظام البيئي
تلعب الصقور، ككائنات مفترسة، دوراً حيوياً في الحفاظ على توازن النظام البيئي من خلال تنظيم أعداد الطيور الصغيرة والقوارض.
فهي تسيطر على تكاثر هذه الكائنات، مانعةً بذلك ازديادها بشكل مفرط يُخلّ بالتوازن البيئي.
فمن خلال افتراسها للطيور الصغيرة والقوارض، تساهم الصقور في منع انتشار الأمراض التي قد تحملها هذه الكائنات.
كما تقلل من الأضرار التي قد تلحقها بالمحاصيل الزراعية والنباتات.
أشهر أنواع الصقر الحر
العرب هم أول من عرفوا الصقر الحر واستخدموه للصيد، واسمه العالمي مشتق من اسمه العربي.
ويتميز الصقر الحر بتنوع أنواعه الكبير الذي يصعب حصره.
ويعتمد تصنيفها بشكل أساسي على لون ريش الظهر والصدر، و وجود أو عدم وجود البقع والنقاط.
بالإضافة إلى لون الرأس ومقدمة الرقبة والصدر، بينما لا يعتمد على الطول والوزن في التمييز بينها، ومن أشهر أنواع الصقور الحرار: [3]
- الصقر الحر الأحمر: يتميز بلون بني داكن يغلب عليه الأحمر في الظهر، مع رأس مائل للاحمرار، وصدر وبطن بنقاط بنية.
- الصقر الحر الأدهم (السنجاري): يتميز بلون داكن يتراوح بين البني الغامق والأسود، ويعتبر من أكبر السلالات حجماً ويقارن بالحر الأبيض في القيمة.
- الصقر الحر الأبيض: يتميز بلون بني فاتح أو أشقر مع رأس وصدر يميلان للبياض تقل فيهما النقاط البنية، وكلما زاد البياض زادت قيمته.
- الصقر الحر الجرودي: يتميز بنقاط واضحة وكبيرة في أسفل الظهر والنصف السفلي من الجناحين، ولونه بني داكن إلى أحمر مع شحوب بسيط.
وداعاً، أيها الطائر المهيب
في الختام، نأمل أن تكون هذه المقالة قد قدمت لكم نظرة شاملة ومشوقة عن عالم الصقر الحر، هذا الطائر الجارح الرائع الذي يجمع بين القوة والجمال.
ندعوكم الآن للمشاركة بآرائكم وتعليقاتكم وتجاربكم حول الصقر الحر.
هل لديكم قصص أو معلومات إضافية تودون مشاركتها؟
هل شاهدتم هذا الطائر في بيئته الطبيعية؟ ما هي انطباعاتكم عنه؟
نرحب بجميع مشاركاتكم وإضافاتكم لإثراء هذا الموضوع.