قرد البابون المقدس(الرباح): في أعماق الصحاري الأفريقية، يعيش كائن مثير للاهتمام يحمل في طياته أسراراً عديدة.
قرد البابون المقدس أو الرباح، هو حيوان اجتماعي معقد يعيش في مجموعات كبيرة، ويتمتع بذكاء حاد وقدرة على التكيف مع البيئات القاسية.
دعونا نستكشف سلوك هذا القرد الفريد، ونكتشف كيف يتفاعل مع بيئته وكيف يبني مجتمعاته المعقدة.
الاسم العلمي | Papio hamadryas |
الأسماء الشائعة | البابون المقدس، الرباح المقدس، الرُّبَّاح أو الرُّبح |
الفصيلة | الرئيسيات |
الموطن | شرق أفريقيا وشبه الجزيرة العربية |
المواصفات الشكلية | الذكور أكبر حجماً من الإناث بشكل ملحوظ |
السلوك | كائنات اجتماعية تعيش في مجموعات هرمية معقدة |
الغذاء | ثنائية التغذية |
المفترسات | النمر المرقط، العقاب الخدارية |
الخصائص المميزة | حيوانات ذكية للغاية وتتميز بنمط فريد من التعاون الاجتماعي |
حالة الحفظ | أقل عرضة للخطر |
محتويات
موطن قرد البابون المقدس(الرباح)
ينتمي قرد البابون المقدس(الرباح) إلى فصيلة سعادين العالم القديم، وهناك ستة أنواع من قرود البابون. وهي من الرئيسيات الأرضية التي تمشي على أربعة أرجل.
ويعتبر شرق أفريقيا وشبه الجزيرة العربية الموطن الأصلي لقرد البابون المقدس(الرباح).
حيث ينتشر على طول ساحل البحر الأحمر في دول مثل إريتريا وإثيوبيا وجيبوتي والصومال.
كما يقطن جبال السروات في اليمن والمملكة العربية السعودية، وعلى الرغم من انتشاره الواسع في شرق أفريقيا وشبه الجزيرة العربية، إلا أنه قد انقرض محلياً في مصر. [1]
البيئة
يعد قرد البابون المقدس(الرباح) من الأنواع المتكيفة مع العيش في بيئات متنوعة.
حيث تنتشر بشكل رئيسي في المناطق الصحراوية والجبلية التي تتميز بوجود صخور ومنحدرات تستخدمها كمأوى.
كما توجد في السهول والسهول العشبية، ولكنها تفضل المناطق القريبة من مصادر المياه الدائمة.
وعلى الرغم من أنها تلعب دوراً هاماً في النظام البيئي، إلا أنها قد تسبب أضراراً للمحاصيل الزراعية في بعض المناطق.
حيث تتنافس مع البشر على الموارد الغذائية، مما يجعلها تعتبر آفة زراعية في بعض الأحيان.
سبب التسمية
كان قرد البابون المقدس(الرباح) يحظى بمكانة خاصة في قلوب المصريين القدماء.
فقد ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالديانة المصرية القديمة، حيث جسد حكمة الإله تحوت، إله القمر والحكمة.
كما ظهر البابون في العديد من النصوص الدينية والصور الفنية، وكان يعتقد أنه يمتلك قدرات معرفية خارقة، مما جعله رمزاً للحكمة والمعرفة لدى المصريين القدماء.
وقد تم تقديسه في المعابد، وظهر في العديد من التماثيل واللوحات الجدارية، مما يدل على أهميته الدينية والثقافية في الحضارة المصرية القديمة. [1]
شكل قرد البابون المقدس(الرباح)
- الذكور أكبر حجماً من الإناث بشكل ملحوظ، حيث يصل وزن الذكور إلى ضعف وزن الإناث تقريباً.
- يتطور لدى الذكور البالغين عباءة بيضاء فضية مميزة تغطي الجزء العلوي من الجسم، بينما تفتقر الإناث إلى هذه العباءة.
- تتنوع ألوان وجوه قرود البابون بين المحمر والبني الفاتح والداكن، مما يضيف إلى تنوع مظهرها.
- يصل طول جسم الذكور البالغة إلى 80 سم، بينما يصل طول الإناث إلى 40-45 سم.
- يبلغ متوسط وزن الذكور البالغة حوالي 20-30 كجم، بينما يبلغ متوسط وزن الإناث حوالي 10-15 كجم.
- يمتلك جميع الأفراد ذيلاً طويلاً يصل طوله إلى 40-60 سم وينتهي بخصلة صغيرة.
- يولد الصغار بلون فراء غامق جداً، عادة ما يكون بنياً غامقاً أو أسوداً، ثم يتغير لونه تدريجياً خلال السنة الأولى من العمر.
سلوك قرد البابون المقدس(الرباح)
قرود البابون المقدس(الرباح) هي كائنات اجتماعية تعيش في مجموعات هرمية معقدة.
الوحدة الأساسية لهذه المجموعات هي ما يسمى بالوحدة الذكورية، والتي تتكون من ذكر قائد يسيطر على مجموعة من الإناث وصغارهن.
ويرتبط أفراد هذه الوحدة ببعضهم البعض بشكل وثيق، ويتعاونون في البحث عن الطعام والحركة والنوم.
ويقوم الذكر القائد بحماية مجموعته، ويقمع أي سلوك عدواني بين الإناث، ويحافظ على سيطرته الإنجابية عليها.
وقد تحتوي هذه الوحدة على عدد قليل من الأفراد أو تصل إلى أكثر من عشرين فرداً، بالإضافة إلى الذكر القائد، قد يكون هناك ذكر آخر تابع له.
وعلى الرغم من التسلسل الهرمي الواضح داخل الوحدة الذكورية، إلا أن العلاقات بين الإناث تختلف.
فبينما يقمع الذكور أي محاولات لتكوين تسلسل هرمي بين الإناث، إلا أن بعض الإناث تتمتع بوضع اجتماعي أعلى من الأخريات.
حيث يقضين وقتاً أطول مع الذكر القائد ويكون لديهن علاقة أقوى به.
تكوين مجموعة القرود
يتميز قرد البابون بهيكل اجتماعي معقد للغاية ومتعدد المستويات، حيث تتكون المجموعة الأساسية من ذكر واحد مسيطر وما يصل إلى 10 إناث.
وقد ينضم ذكر أصغر سناً إلى هذه المجموعة كمساعد للذكر الزعيم.
وعادةً ما تتجمع عدة مجموعات من هذا النوع لتشكيل “عشائر”، وهي مجموعات أكبر قليلاً. حيث تكون الروابط بين الذكور أقوى ولديهم تسلسل هرمي للهيمنة مرتبط بالعمر.
كما قد تتحد عدة عشائر لتكوين “فرق”، وهي وحدات أكبر يصل عدد أفرادها إلى 400 فرد تتجول وتنام معاً.
وقد تشمل الفرقة أيضاً ذكوراً منفردة لا تنتمي إلى أي مجموعة، ونادراً ما يترك الذكور فرقهم، ويتم نقل الإناث أحياناً أو تداولها بين الفرق من قبل الذكور.
وقد تتقاتل الفرق مع بعضها البعض من أجل الطعام أو الأراضي، ويكون قادة المجموعات الذكور البالغين هم المقاتلون المعتادون. [1]
احترام الروابط الاجتماعية بين القرود
تُظهر دراسة سلوك قرود البابون المقدسة (الرباح) الذكور نمطاً فريداً من التعاون الاجتماعي.
فعلى الرغم من الطبيعة التنافسية الشديدة بين الذكور على الإناث، إلا أن هناك استثناء ملحوظ لهذا السلوك.
ففي حال وجود علاقة قرابة بين ذكرين، يتجنب أحدهما التنافس مع الآخر على أنثى مرتبطة به، حتى لو كانت هذه الأنثى جديدة على المجموعة.
وهذا السلوك الغريب، والذي يبدو وكأنه “احترام” للروابط الاجتماعية بين الذكور الآخرين وشريكاتهم، يُعتقد أنه مرتبط بالارتباط الوثيق بين الأقارب الذكور في هذه القرود.
فعندما يتم وضع ذكرين غريبين عن بعضهما في بيئة جديدة مع أنثى، فإن التنافس على هذه الأنثى يكون حاداً كما هو متوقع.
ولكن، إذا أتيح لأحد الذكور رؤية الذكر الآخر مع الأنثى قبل وضعهما معاً، فإن هذا الذكر سيتجنب التنافس.
وهذا “الاتفاق” غير المعلن بين الذكور على احترام حقوق بعضهم البعض في الوصول إلى الإناث، يلعب دوراً حيوياً في الحفاظ على استقرار المجموعة الاجتماعية لدى قرود البابون. [2]
القتال بين القرود
تعتبر الصراعات على الإناث جزءاً لا يتجزأ من حياة قرود البابون، حيث يسعى الذكور بشكل مستمر لتوسيع مجموعاتهم أو الاستحواذ على إناث من مجموعات أخرى.
وغالباً ما تترافق هذه المنافسات مع سلوكيات عدوانية واضحة، مثل التحديق الثابت، وإظهار الأسنان، وهو ما يعتبر تهديداً مباشراً للخصوم.
وفي بعض الحالات، يلجأ الذكور إلى خطوات أكثر تطرفاً، مثل خطف الصغار الرضع كرهائن، بهدف تشتيت انتباه الخصم أو كوسيلة للسيطرة على الموقف.
تواصل قرد البابون المقدس(الرباح)
تتميز قرود البابون بنظام تواصل غني ومتنوع يعتمد على مجموعة من الإشارات الحسية.
ويساهم نظام التواصل المعقد في تنظيم الحياة الاجتماعية المعقدة لهذه القرود، والحفاظ على التسلسل الهرمي الاجتماعي، وتقوية الروابط بين الأفراد.
- التواصل البصري: يشمل مجموعة واسعة من الإشارات الجسدية مثل العرض الاجتماعي، والتحديق، وتحريك الرأس، وعرض الأنياب.
- التواصل السمعي: تستخدم مجموعة متنوعة من الأصوات مثل الصراخ، وأصوات إيقاعية للتعبير عن مشاعر مختلفة.
- التواصل الكيميائي: تشير بعض الأدلة إلى وجود إشارات كيميائية، مثل الفيرومونات، والتي قد تلعب دوراً في الجذب الجنسي.
- التواصل اللمسي: تلعب العناية الاجتماعية دوراً حيوياً في تعزيز الروابط الاجتماعية، وتشمل أشكالاً مختلفة من اللمس وتنظيف بعضها البعض.
غذاء قرد البابون المقدس(الرباح)
يعتمد نظام قرود البابون الغذائي على مجموعة متنوعة من المصادر، حيث تتغذى على الأزهار والبذور والأعشاب. والجذور البرية واللحاء وأوراق الأشجار، خاصةً أوراق الأكاسيا خلال المواسم العادية.
ولا يقتصر نظامها الغذائي على النباتات فحسب، بل يشمل أيضاً الحيوانات كالحشرات والعناكب والديدان والزواحف والطيور والثدييات الصغيرة، بما في ذلك الظباء.
وتتكيف أنشطة الشرب لدى قرود البابون مع التغيرات الموسمية، فخلال المواسم المطيرة تتوفر المياه بسهولة.
بينما في المواسم الجافة تقطع مسافات أطول للوصول إلى الأحواض الدائمة، وتقوم بحفر أحواض صغيرة بالقرب منها للاستراحة والشرب. [1]
المفترسات
على الرغم من القضاء على معظم الحيوانات المفترسة الطبيعية التي كانت تهدد قرود البابون مثل: النمور والعقاب الخدارية أو العقاب السوداء الإفريقية.
إلا أن البنية الاجتماعية المعقدة لهذه القرود لا تزال تحمل بصمات التكيف مع خطر الافتراس في الماضي.
فالتنظيم الاجتماعي المتطور الذي تشهده هذه القرود، والذي يتمثل في تشكيل مجموعات وعشائر، يوفر حماية جماعية ضد الحيوانات المفترسة، حيث يزيد عدد الأفراد البالغين القادرين على صد الهجمات.
كما أن تجمع هذه المجموعات بالقرب من مصادر المياه، وهي أماكن محتملة للافتراس، يعزز من فعالية هذا الدفاع الجماعي.
بالإضافة إلى ذلك، فإن عادة النوم على الصخور المرتفعة أو المنحدرات، والتي تتطلب تكوين مجموعات كبيرة، هي استجابة أخرى للتهديد بالافتراس، حيث توفر هذه المواقع حماية طبيعية من المفترسين.
الدور في النظام البيئي
تلعب قرود البابون المقدسة (الرباح) دوراً حيوياً في النظام البيئي الذي تعيش فيه كجزء من السلسلة الغذائية.
فهي تعمل كحلقة وصل مهمة بين النباتات والحيوانات، حيث تتغذى على مجموعة متنوعة من الموارد الغذائية مثل النباتات والحشرات والفقاريات الصغيرة، ثم تصبح بدورها فريسة لحيوانات أكبر.
وبينما تبحث هذه القرود عن غذائها، فإنها تقوم بحفر التربة بحثاً عن الدرنات والجذور والحشرات، مما يساعد على تهويتها وتجديدها.
كما تساهم في نشر البذور عبر فضلاتها، مما يدعم نمو النباتات الجديدة ويساعد في الحفاظ على التنوع البيولوجي في بيئتها.
تزاوج قرد البابون المقدس(الرباح)
تتميز قرود البابون المقدسة بنمط تكاثر غير مرتبط بموسم محدد، حيث تتزاوج الإناث على مدار العام.
وعلى الرغم من ذلك، لوحظت ذروات في حالات الولادة خلال شهور محددة.
ويسيطر الذكر المهيمن في المجموعة على معظم حالات التزاوج، إلا أن الذكور الأخرى قد تحاول التزاوج بشكل سري.
وعندما تكون الأنثى جاهزة للتكاثر يحدث تدفق حيض ملحوظ لمدة ثلاثة أيام تقريباً لكل دورة إذا لم تحمل الأنثى.
وتستمر فترة الحمل حوالي 5 شهور، وتنجب الأنثى صغيراً واحداً يتميز بمعطف أسود. [2]
العناية بالصغار
يعتمد الصغير بشكل كامل على أمه في الأشهر الأولى من حياته.
وتصل الإناث إلى النضج الجنسي في سن مبكرة نسبياً مقارنة بالذكور، وتختلف معدلات النمو بين الجنسين، حيث تنمو الذكور بشكل أكبر وأسرع.
حيث يحدث البلوغ بين سن 4.8 – 6.8 سنوات عند الذكور، وحوالي سن 4.3 سنوات عند الإناث، ويصل الذكور إلى الحجم الكامل في حوالي سن 10.3 سنوات.
وعادةً ما تترك الإناث مجموعتها الأصلية بين سن 1.5 – 3.5 سنوات، وغالباً ما تختار الانضمام إلى مجموعات أخرى تحتوي على إناث مألوفات بالفعل.
ويبلغ الحد الأقصى لعمر قرد البابون المقدس (الرباح) في الأسر 37.6 عاماً، ومن المرجح أن يكون الحد الأقصى أقل قليلاً في البرية.
خطف أنثى قرد البابون
تعتمد استراتيجية الذكور في تكوين مجموعة خاصة بهم على عدة أساليب، من بينها “خطف” أنثى صغيرة أو شبه بالغة.
وهذه الاستراتيجية أقل مخاطرة من التنافس المباشر على أنثى بالغة، حيث يقوم الذكر برعاية الأنثى الصغيرة والعناية بها منذ صغرها.
مما يشكل رابطة قوية بينهما، وعندما تبلغ الأنثى النضج الجنسي، يكون الذكر قد أصبح شريكها المفضل.
وهذه الاستراتيجية ناجحة بشكل خاص لأن الإناث يفضلن الذكور الذين يظهرون قدرة على الرعاية، كما أن تكوين وحدة تربية خاصة يجذب إناثاً أخرى للانضمام إليها.
ومن جانب آخر، يظهر الذكور اهتماماً بالرضع الصغار، حيث يقوم بعضهم باختطافهم من مجموعتهم، وخاصة الذكور “التابعين”، بهدف اللعب أو التلاعب بهم.
ومع ذلك، فإن هذه السلوكيات قد تعرض الرضع للخطر مثل الجفاف أو الجوع، مما يدفع زعماء المجموعة إلى استعادتهم حفاظاً على ذريتهم.
حالة حفظ قرد البابون المقدس(الرباح)
رغم تصنيف الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة لقرد البابون على أنه أقل الأنواع عرضة للخطر، إلا أنه يواجه تهديدات متزايدة في بيئته الطبيعية.
فقدان الموائل بسبب التوسع الزراعي والأنشطة البشرية الأخرى يمثل التهديد الأكبر على هذا النوع، حيث يتسبب في تقلص مساحات الغابات والأراضي العشبية التي يعيش فيها البابون.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الصيد غير المشروع واستخدام البابون في الأبحاث يمثلان تهديدات إضافية على بقاء هذا النوع.
ولحماية هذا النوع، تم إدراجه في بعض المحميات الطبيعية في إثيوبيا وإريتريا، ولكن هذه الجهود لا تزال بحاجة إلى مزيد من الدعم والتوسع.
وداعاً، أيها القرد الجميل
في النهاية، يبقى قرد البابون المقدس كائناً فريداً يستحق الحفاظ عليه، فحمايته يعني حماية التنوع البيولوجي وحفظ التوازن البيئي.
دعونا جميعاً نساهم في حماية هذا القرد العريق، سواء من خلال نشر الوعي بأهميته، أو من خلال دعم الجهود المبذولة لحماية موطنه.
شاركنا برأيك، هل لديك أي اقتراحات لحماية قرد البابون المقدس؟
ننصحك بالتعرف على ” القرد المشوّه : تعرف على قرد كولبس بالأبيض و الأسود بالصور“