من هو ذلك الكائن الأسطوري الذي يلفه الغموض والخوف؟
من هو ذلك المخلوق الذي ارتبط بالظلام والشياطين في الأساطير والأفلام؟
إنه الخفاش مصاص الدماء الشائع “Common vampire bat”، ذلك الكائن الصغير الذي يحمل في طياته أسراراً عديدة.
ولكن هل هذا الكائن حقاً شرير كما تصوره الأساطير؟ أم أنه مجرد كائن يسعى للبقاء على قيد الحياة في عالم مليء بالتحديات؟
دعونا ننطلق في رحلة لاستكشاف عالم الخفاش مصاص الدماء، ونكشف عن حقيقته المذهلة!
الاسم العلمي | Desmodus rotundus |
الأسماء الشائعة | الخفاش مصاص الدماء الشائع |
الفصيلة | خفافيش الأنف الورقي |
الموطن | أمريكا الوسطى والجنوبية |
المواصفات الشكلية | يبلغ طول الخفاش البالغ 9 سم ويزن 25-40 جراماً |
السلوك | ينشط في الليل ويعيش في مجموعات كبيرة |
الغذاء | آكلات دماء |
الخصائص المميزة | يمتلك أسنان حادة لثقب الجلد، قادر على الحركة على الأرض |
حالة الحفظ | أقل إثارة للقلق |
محتويات
موطن الخفاش مصاص الدماء الشائع
ينتمي الخفاش مصاص الدماء الشائع إلى فصيلة “خفافيش الأنف الورقي، أو خفاش الأنف الورقي العالم الجديد، أو الورقيات”.
وينتمي هذا الخفاش إلى عائلة الخفافيش مصاصة الدماء. والتي تضم نوعين آخرين هما: الخفاش مصاص الدماء ذو الأرجل المشعرة، والخفاش مصاص الدماء ذو الأجنحة البيضاء.
بينما ينتشر الخفاش مصاص الدماء الشائع بشكل واسع في أمريكا الوسطى والجنوبية، ويشمل ذلك مناطق واسعة من المكسيك وجزر البحر الكاريبي.
كما يمتد نطاق انتشاره جنوباً حتى يصل إلى الأرجنتين وتشيلي، ويعد أكثر أنواع الخفافيش شيوعاً في جنوب شرق البرازيل. [1]
البيئة وأماكن الاختباء
تفضل الخفافيش مصاصة الدماء العيش في المناطق الدافئة، سواء كانت رطبة أم جافة.
وتتواجد في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية حتى ارتفاع 2400 متر فوق مستوى سطح البحر.
وتختبأ هذه الخفافيش في الأماكن الأكثر ظلمة والمرتفعة، مثل الأشجار والكهوف والمباني المهجورة والآبار القديمة والمناجم.
وتتواجد الخفافيش مصاصة الدماء مع حوالي 45 نوعاً آخر من الخفافيش، وهذه الخفافيش هي سيدة المكان، حيث تطرد الأنواع الأخرى وتحتل أفضل المواقع.
وغالباً ما تنبعث من المجاثم رائحة الأمونيا القوية بسبب الدم المهضوم الذي يتجمع في الشقوق وعلى أرضيات المجاثم.
ورائحة الأمونيا القوية التي تنبعث من هذه الأماكن تشير إلى وجود مستعمرة كبيرة من الخفافيش مصاصة الدماء. [2]
شكل الخفاش مصاص الدماء الشائع
- يبلغ طول الخفاش البالغ 9 سم ويزن 25-40 جراماً، ولكن يمكن أن يزداد وزنه بشكل كبير بعد وجبة دم.
- يغطي جسمه فراء رمادي فضي على بطنه وفرو داكن على ظهره، ولديه أنف مسطح وشفة سفلية ذات شقوق عميقة.
- جمجمته متكيفة بشكل خاص لتناسب أسنانه الحادة، خاصة القواطع التي تفتقر إلى المينا مما يجعلها حادة للغاية.
- يستخدم الخفاش إبهامه القوي ومخالبه الحادة للتعلق بفريسته والتحليق.
- تتمتع ببصر جيد، حيث تستطيع تمييز الأشكال والألوان وتستخدم بصرها للتوجه لمسافات بعيدة.
- تمتلك حاسة سمع قوية جداً، حيث تستطيع سماع أصوات منخفضة التردد بفضل بنية أذنها المتخصصة.
- تستخدم لسانها لإصدار أصوات عالية التردد تساعدها على تحديد موقع فريستها بدقة في الظلام.
- تصدر إشارات تحديد الموقع بالصدى عن طريق الفم، وبالتالي تطير بأفواه مفتوحة للملاحة.
القدرة على التحرك على الأرض
بينما فقدت معظم أنواع الخفافيش قدرتها على الحركة على الأرض، فإن الخفاش مصاص الدماء يعتبر استثناءً.
فهو يمتلك قدرة فريدة على الركض والقفز باستخدام أجنحته القوية كأرجل، حيث يمتلك الخفاش وسادات أسفل إبهامه تعمل مثل النعل.
وهذه الوسادات، جنباً إلى جنب مع أجنحته القوية، تمكنه من القفز في اتجاهات مختلفة وارتفاعات متفاوتة.
وعند القفز، يدفع الخفاش بجسمه للأعلى باستخدام أجنحته الأمامية، بينما تحافظ أرجله الخلفية على توازنه.
وعادةً ما يقوم الخفاش مصاص الدماء بالقفز لبدء الطيران، خاصة بعد تناول وجبة كبيرة، حيث يصعب عليه الطيران مباشرةً من الأرض.
ويساعده القفز في رفع معدته الثقيلة عن الأرض بعد الوجبة، ويعد هذا النوع الوحيد الذي يمكنه الانطلاق عمودياً تقريباً في الطيران من سطح أفقي.
حياة الخفاش مصاص الدماء الشائع
الخفافيش مصاصة الدماء كائنات ليلية واجتماعية بطبيعتها، حيث تعيش في مجموعات قد تضم عشرات أو حتى آلاف الأفراد.
وعلى الرغم من أن الذكور والإناث يتشاركون المأوى، إلا أن الإناث تميل إلى تكوين روابط اجتماعية بين عدة إناث أو إناث وصغارهن.
فتشكل علاقات قوية مع بعضهن البعض تدوم لسنوات طويلة، وقد أظهرت الدراسات أن الخفافيش مصاصة الدماء تمارس سلوكاً اجتماعياً مثيراً للاهتمام.
وهو مشاركة الطعام، ويكون الطعام عبارة عن تقيأ جزءاً من وجبة الدماء من معدتها، وعلى الرغم من أن هذه الخفافيش قد تعيش مع أفراد غير الأقارب.
إلا أنها تميل بشكل أكبر إلى مشاركة طعامها مع الأقارب، خاصة الأمهات مع صغارهن والإناث اللاتي تربطهن صلة قرابة.
وغالباً ما تتشارك الإناث في تنظيف بعضهن البعض وتغذية صغار بعضهن البعض، وترتبط هذه السلوكيات الاجتماعية بشكل وثيق بمشاركة الطعام.[1]
التعاون ين الخفافيش
لا يقتصر التعاون بين الخفافيش مصاصة الدماء على مشاركة الطعام، بل يتعداه إلى العناية المتبادلة.
فغالباً ما تقوم الخفافيش بتنظيف فرو بعضها البعض، مما يساعد على تقوية الروابط الاجتماعية بينها.
وتبدأ العناية الاجتماعية باقتراب أنثى من أخرى والعناية بها لمدة تصل إلى دقيقتين.
ثم تتقيأ الأنثى التي يتم العناية بها جزءاً من وجبة دمها للأنثى الأخرى التي تعتني بها، ومن الشائع أيضاً رؤية الإناث تتقيأ الطعام لصغارها.
ومن المثير للاهتمام أن هذا التنظيف المتبادل قد يكون مرتبطاً بتبادل الطعام، حيث تقوم الخفافيش بتقييم حاجة شريكها للطعام قبل مشاركته وجبتها.
فقد يقوم الخفاش بتقييم حجم بطن شريكه لتحديد ما إذا كان يحتاج حقاً إلى تناول الطعام. [2]
التواصل بين الأفراد
تعتمد الخفافيش مصاصة الدماء على مجموعة متنوعة من الحواس للتواصل والتنقل.
فالأمهات وصغارهن يستخدمن أصواتاً خاصة للتواصل مع بعضهن البعض، مثل صرخات الاتصال التي تساعد الصغار على العثور على أمهاتهم أثناء البحث عن الطعام.
بالإضافة إلى ذلك، تلعب الإشارات الكيميائية واللمس دوراً مهماً في تقوية الروابط الاجتماعية بين الأفراد.
أما بالنسبة للبحث عن الفريسة، فتلجأ الخفافيش إلى تقنية تحديد الموقع بالصدى والرؤية، بالإضافة إلى حاستي الشم والسمع. [2]
غذاء الخفاش مصاص الدماء
الخفاش مصاص الدماء قادر على التغذية على دم الحيوانات البرية مثل التابير، إلا أنه يفضل بشكل عام دم الحيوانات المستأنسة مثل الأبقار والحصان والحمار.
كما لوحظ تفضيل الخفافيش للإناث مقارنة بالذكور، ويرجع ذلك على الأرجح إلى التغيرات الهرمونية التي تحدث خلال فترة الشبق.
وتحمي الخفافيش مصاصة الدماء مضيفها وتدافع عنه ضد أي منافسين أثناء التغذية. وعادةً ما يتغذى خفاش واحد فقط على المضيف الواحد، باستثناء الأمهات وصغارهن.
وفي الأسر، من المعروف أيضاً أن هذه الخفافيش تتغذى على دماء الثعابين والسحالي والعلاجيم والتماسيح والسلاحف. [2]
طريقة الصيد
تصطاد الخفافيش مصاصة الدماء في الليل، وتستخدم طريقة تحديد الموقع بالصدى والشم لتتبع الفريسة. وعادةً ما تتغذى على مسافة تتراوح من 5 – 8 كم من منزلها.
و يتميز هذا النوع من الخفافيش بالرشاقة والذكاء، فعند اقترابه من فريسته، لا يهبط مباشرةً عليها، بل يهبط بالقرب منها ثم يمشي أو يقفز باتجاه الضحية غير المنتبهة.
بعد ذلك، يتسلق الحيوان ويبحث عن مكان مناسب لتناول الطعام، ويستهدف عادةً مؤخرة أو خاصرة أو عنق فريسته.
وتساعده أجهزة استشعار الحرارة في الأنف على اكتشاف الأوعية الدموية بالقرب من سطح الجلد.
وعادةً ما يتسلق الخفاش إلى الخلف أو إلى الجانب قليلاً، ويبقى دائماً في حالة تأهب قصوى أثناء التسلق، ويتحرك بدقة وخفة لتجنب اكتشافه.
وبمجرد اختيار الموقع المناسب، يقوم الخفاش بعمل شق صغير يبلغ طوله 3 مم في الجلد ويمتص الدم من الجرح.
وتكون العضة غير مؤلمة نسبياً ونادراً ما توقظ الضحية النائمة، ويتم منع الدم من التجلط بواسطة مضاد للتخثر موجود في لعابه.
حيث يحتوي لعابها على منشطات البلازمينوجين، والتي تذيب بسرعة جلطات دم المضيف التي تتشكل أثناء التغذية.
ومثبطات تراكم الصفائح الدموية، والتي تمنع تكوين جلطات الدم؛ ومضادات التخثر الأخرى.
تكاثر الخفاش مصاص الدماء الشائع
تتكاثر الخفافيش مصاصة الدماء في أي وقت من العام، وتعتبر أماكن النوم التي تحتوي على الإناث بمثابة كنز ثمين بالنسبة لذكور الخفافيش.
حيث يدافع كل ذكر بكل قوة عن جزءه من هذه الأماكن، مستخدماً سلسلة من الهجمات التي تشمل المطاردة والعض.
وهذه المنافسات العنيفة تهدف إلى تأكيد السيطرة على الإناث وتكوين مجموعات.
صغار الخفافيش
تلد أنثى الخفاش صغيراً واحداً بعد فترة حمل تستمر سبعة أشهر تقريباً، ويولد الخفاش صغيراً وخفيف الوزن، ولكنه سريع النمو.
وتترك الأمهات صغارهن للصيد، وعندما تعود تنادهم من أجل إطعامهم والعناية بهم.
ويتغذى الصغير في الشهر الأول على حليب الأم، ثم تبدأ الأم بتقديم وجبات دم متقيأة له في الشهر الثاني.
وعند عمر أربعة أشهر، يرافق الصغير أمه في رحلات الصيد ليتعلم كيفية الحصول على غذائه بنفسه، ولكن يكتمل نموه في غضون خمسة أشهر.
وعادةً ما يصل الصغار إلى مرحلة النضج الجنسي عند عمر 9 أشهر، وتربط الإناث علاقات قوية بجموعاتهن الأصلية وتبقى فيها طوال حياتهن.
أما الذكور، فيبقى معظمهم في مجموعاتهم حتى يصبحوا بالغين، ولكنهم قد يطردون منها لاحقاً بسبب المنافسة على الموارد.
بينما قد يصل متوسط عمر الخفافيش مصاصة الدماء إلى 12 عاماً في الطبيعة، و19 عاماً في الأسر. [2]
فوائد الخفاش مصاص الدماء الشائع للبشر
تعتبر دراسة الخفاش مصاص الدماء مجالاً واسعاً يفتح آفاقاً جديدة للبحث العلمي.
فمن جهة، يمثل لعاب هذا الخفاش مصدراً غنياً بالعوامل المضادة للتخثر التي يمكن أن تساهم في تطوير علاجات جديدة للعديد من الأمراض.
حيث تمكن العلماء بفضل دراسة لعاب الخفاش مصاص الدماء، من إنتاج دواء واعد لعلاج السكتة الدماغية.
وهذا الدواء، المستوحى من خصائص مضادة للتخثر موجودة في لعاب الخفاش، يعمل على زيادة تدفق الدم إلى الدماغ، مما يساعد على التقليل من الأضرار الناجمة عن السكتة الدماغية.
ومن جهة أخرى، يمكن الاستفادة من فضلات الخفافيش كسماد طبيعي لتخصيب التربة وتحسين المحاصيل الزراعية.
وبالتالي، فإن دراسة هذا الكائن الغريب يمكن أن تساهم في تحسين صحة الإنسان والبيئة على حد سواء.
حالة حفظ الخفاش مصاص الدماء الشائع
لقد أدى وصول الماشية إلى أمريكا الجنوبية إلى زيادة ملحوظة في أعداد الخفافيش مصاصة الدماء.
فوفرت هذه الحيوانات الجديدة مصدراً غنياً وسهلاً للغذاء لهذه الخفافيش، مما ساهم في ازدهار أعدادها.
ومع ذلك، فإن هذا الازدهار قد جاء مصحوباً بزيادة في انتشار مرض داء الكلب بين هذه الخفافيش، خاصة في التجمعات الكبيرة.
على الرغم من أن الخطر الأكبر يهدد الماشية، إلا أن هناك احتمالاً ضئيلاً، وإن كان قائماً، بأن ينتقل الفيروس إلى البشر.
فالخفافيش المصابة بداء الكلب قد تصبح عدوانية وتقترب من البشر، مما يزيد من خطر الإصابة.
ولذلك، يجب توخي الحذر عند التعامل مع هذه الحيوانات، وخاصة في المناطق التي تنتشر فيها. [1]
أنواع الخفافيش المصاصة للدماء
1- الخفاش مصاص الدماء ذو الأرجل المشعرة
الخفاش مصاص الدماء ذو الأرجل المشعرة (Diphylla ecaudata) هو واحد من ثلاثة أنواع معروفة من الخفافيش التي تتغذى على الدم.
على الرغم من أنه يشترك مع أقاربه في نفس النظام الغذائي، إلا أنه يتميز بمجموعة من الخصائص المميزة التي تميزه عنهم.
فآذانه أقصر وأعرض، وإبهامه خالٍ من الوسادات، وعيناه أكبر وألمع.
بالإضافة إلى ذلك، يمتلك هذا النوع عدداً أكبر من الأسنان، مما يساعده على التكيف مع نوعية غذائه.
ويعيش هذا الخفاش في الغابات الاستوائية وشبه الاستوائية في أمريكا الجنوبية والوسطى.
و يتغذى بشكل أساسي على دماء الطيور البرية، ولكنه قد يتناول أيضاً دماء الطيور الداجنة والبشر. [3]
2- الخفاش مصاص الدماء أبيض الأجنحة
يتميز الخفاش مصاص الدماء أبيض الأجنحة (Diaemus youngi) بمجموعة من الخصائص الفريدة التي تميزه عن بقية الخفافيش مصاصة الدماء.
ففرائه بلون الطين أو البني، وأجنحته محاطة بهوامش بيضاء مميزة، وآذانه طويلة ورفيعة.
كما يتميز بإبهام قصير وخالٍ من العظام، وهو النوع الوحيد من الخفافيش في العالم الذي يمتلك 22 سناً.
وينتشر الخفاش مصاص الدماء أبيض الأجنحة على نطاق واسع في أمريكا اللاتينية، حيث يمتد نطاقه من المكسيك إلى شمال الأرجنتين، بالإضافة إلى جزيرتي ترينيداد ومارغريتا.
وتعد دماء الطيور هي مصدر الطعام المفضل لديهم، لكنهم سيمتصون أيضاً دماء الثدييات مثل الماعز والأبقار. [4]
وداعاً، أيها المخلوق الغريب
الخوف من المجهول هو شعور طبيعي، ولكن من خلال المعرفة والتفهم، يمكننا التغلب على هذا الخوف. والخفاش مصاص الدماء هو مثال حي على ذلك.
فبدلاً من الخوف من هذا الكائن، علينا أن نسعى لفهم سلوكه وبيئته، ومن ثم سنكتشف أنه ليس سوى كائن حي يسعى للبقاء على قيد الحياة.
وقد يكون من الصعب تصديق ذلك، ولكن الخفاش مصاص الدماء قد يكون له فوائد عديدة للإنسان.
فبعض الدراسات تشير إلى أن لعاب الخفاش يحتوي على مواد قد تستخدم في تطوير أدوية جديدة.
وهذا يظهر لنا أن الطبيعة مليئة بالأسرار، وأن كل كائن حي قد يكون له قيمة لا ندركها.
ننصحك التعرف على “ غرير ابن مقرض: تعرف على أصغر أنواع حيوان الغرير “