في أعماق البحر الأبيض المتوسط، يعيش كائن بحري فريد، يُعرف باسم فقمة الراهب المتوسطية “Mediterranean monk seal”.
هذا النوع النادر من الفقمات يعتبر من أكثر الثدييات البحرية المهددة بالانقراض في العالم.
في هذا المقال، سنغوص في عالم هذه الفقمة، ونتعرف على خصائصها وسلوكها والتحديات التي تواجهها.
الاسم العلمي | Monachus monachus |
الأسماء الشائعة | فقمة الراهب المتوسطية |
الفصيلة | الفقمات الحقيقية |
الموطن | البحر الأبيض المتوسط وسواحل شمال غرب أفريقيا |
حالة الحفظ | مهدد بالانقراض |
محتويات
موطن فقمة الراهب المتوسطية
تنتمي فقمة الراهب المتوسطية إلى فصيلة الفقمات الحقيقية ورتبة زعنفيات الأقدام، ويعتقد أنها أندر أنواع زعنفيات الأقدام في العالم .
وتتواجد في منطقة البحر الأبيض المتوسط وسواحل شمال غرب أفريقيا، حيث توجد تجمعات رئيسية لها في موريتانيا والصحراء الغربية واليونان وتركيا.
بالإضافة إلى أعداد قليلة تم رصدها في مناطق أخرى مثل المغرب والجزائر وليبيا وجزر ديزيرتاس البرتغالية وكرواتيا وقبرص. [1]
البيئة
شهد موطن فقمة الراهب المتوسطية تغيرات كبيرة عبر الزمن؛ ففي الماضي، حتى القرن العشرين، كانت تتجمع وتلد وتلجأ إلى الشواطئ المفتوحة.
بينما تستخدم اليوم الكهوف البحرية المنعزلة، التي غالباً ما يصعب الوصول إليها ولها مداخل تحت الماء وتقع على طول السواحل النائية.
ويُعزى هذا التغير في الموطن إلى التوسع البشري السريع، بما في ذلك النمو السكاني والسياحة والصناعة، وما نتج عنه من زيادة الإزعاج وتدمير الموائل الطبيعية.
فطبيعة الفقمة الخجولة وحساسيتها للإزعاج دفعتها للتكيف وتجنب الاحتكاك بالبشر على مدى القرن الماضي أو قبله.
ومع ذلك، تشكل هذه الكهوف خطراً على المواليد حديثة الولادة، حيث تعد سبباً رئيسياً للوفيات خلال العواصف البحرية التي تضربها.
شكل فقمة الراهب المتوسطية
- يبلغ طول الفقمات عند الولادة 80 سم، وتنمو إلى متوسط 2.4 متر كبالغين.
- يتراوح متوسط وزن الذكور 320 كجم والإناث 300 كجم، الإناث أقصر قليلاً من الذكور.
- يعتبر فرائها الأقصر بين جميع زعانف الأقدام، وهو أسود للذكور وبني إلى رمادي غامق للإناث، مع بطن أفتح، قريب من الأبيض عند الذكور.
- يستمر البالغون في طرح شعرهم سنوياً، مما يتسبب في تغير حيوية لونهم طوال العام.
- يوجد شريط أبيض على بطون الصغار يختلف شكله بين الجنسين، مستطيل في الإناث وعلى شكل فراشة في الذكور.
- الخطم قصير وعريض ومسطح، مع فتحات أنف كبيرة و واضحة للغاية متجهة لأعلى.
- الزعانف قصيرة نسبياً، مع مخالب صغيرة نحيلة، وتمتلك الإناث زوجين من الحلمات البطنية القابلة للسحب.
سلوك فقمة الراهب المتوسطية
تقضي فقمة الراهب المتوسطية معظم وقتها في منطقة محدودة ولا تهاجر لمسافات طويلة، وتعيش في مستعمرات صغيرة قد تصل إلى 20 فرداً.
وتكون منعزلة على اليابسة، وتعد الفقمة سباحة وغواصة ماهرة جداً لدرجة قدرتها على التفوق على أسماك القرش.
وتصدر أصواتاً عالية النبرة للتواصل مع بعضها البعض، خاصةً في الماء، لتحذير بعضها من الخطر أو وجود مشكلة ما. [1]
النظام الغذائي
فقمة الراهب المتوسطية حيوانات نهارية تتغذى في المياه الساحلية الضحلة على نظام غذائي متنوع.
ويشمل نظامها الغذائي الأسماك مثل الثعابين البحرية والسردين والتونة والكركند والأسماك المفلطحة والبوري، بالإضافة إلى رأسيات الأرجل كالأخطبوط والحبار.
وتستهلك الفقمة ما يصل إلى 3 كيلوغرامات من الطعام يومياً، وتفضل الصيد في المساحات المفتوحة مستخدمةً سرعتها بفاعلية.
كما أنها قادرة على الغوص لأعماق تصل إلى 250 متراً للبحث عن الطعام، وقد لوحظ قيامها برفع الصخور بحثاً عن فرائسها.
تكاثر فقمة الراهب المتوسطية
على الرغم من أن فقمة الراهب تتكاثر على مدار العام دون موسم محدد، إلا أن ذروة الولادات تكون في أشهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر.
وعادةً ما يحدث التزاوج في الماء، وتلد الأنثى صغيراً واحداً بعد فترة حمل تقارب العام، مع وجود اعتقاد بأن فترة الحمل قد تطول قليلاً في مستعمرة كابو بلانكو.
ويولد الصغير بطول يتراوح بين 80 – 100 سم و وزن يتراوح بين 17 – 24 كجم، وتفصل بين الولادات مدة 13 شهراً. [1]
العناية بالصغار
تلد إناث الفقمة على الشواطئ أو في الكهوف، حيث تبقى لحماية وإرضاع صغارها لمدة تصل إلى ستة أسابيع.
معتمدةً خلال هذه الفترة على مخزون الدهون لديها لعدم قدرتها على ترك الصغير للبحث عن الطعام.
حيث لا تترك الصغير أبداً، ولا حتى لإطعام نفسها، ويفطم الصغير عند حوالي 18 أسبوعاً.
و تخرج الأمهات بعد الستة أسابيع الأولى للتغذية لمدة تسع ساعات في المتوسط، وقد يبقى الصغير مع أمه لمدة تصل إلى ثلاث سنوات بعد الفطام.
ويعتقد أن الإناث تصل إلى مرحلة النضج الجنسي وتبدأ بالتكاثر عند سن الرابعة، بينما يبدأ الذكور بالتكاثر عند سن السادسة.
وتصل أعمار فقمة الراهب المتوسطية إلى 30 عاماً في الطبيعة. [2]
معدل الوفيات المرتفع لدى صغار الفقمة
تستخدم الكهوف تحت الماء كملاذ آمن لصغار الفقمة، حيث تُصعّب وصول البشر والمفترسين إليها.
إلا أن تحليل البيانات يُظهر أن نسبة بقاء الصغار المولودين بين سبتمبر ويناير لا تتجاوز 29%.
بينما يرتفع معدل بقاء الصغار إلى 71% في بقية أشهر العام.
ويعود ذلك جزئياً إلى تزامن ولادتهم مع ارتفاع الأمواج الذي يشكل خطراً عليهم.
كما أن إناث الفقمة حساسة جداً للاضطرابات، خاصةً أثناء الحمل، ما قد يسبب الإجهاض وانخفاض أعدادها.
ويضاف إلى ذلك، صغر حجم التجمعات السكانية، ما يزيد من احتمالية التزاوج الداخلي ونقص التنوع الجيني. [1]
حالة حفظ فقمة الراهب المتوسطية
تصنف فقمة الراهب المتوسطية ضمن الأنواع المهددة بالانقراض بشدة، حيث يُقدّر عددها في العالم بأقل من 500 فرد.
وقد انخفضت أعدادها بشكل كبير نتيجة للصيد المباشر باعتبارها منافسة للصيادين، والوقوع في شباك الصيد.
بالإضافة إلى التلوث الناتج عن النفايات البشرية التي تصل إلى مياهها وغذائها، وازدياد حركة القوارب التي تُعرّضها لخطر الاصطدام. [2]
الدور في النظام البيئي
تلعب الفقمة دوراً حيوياً في الحفاظ على توازن النظام البيئي البحري، حيث تساهم في تنظيم أعداد الكائنات البحرية الأخرى.
كما تعد الفقمة مصدر غذاء هام للعديد من المفترسات البحرية الكبيرة، مثل أسماك القرش، مما يساهم في استمرار دورة الحياة في المحيطات.
الأنواع المشابة
فقمة هاواي الراهبة
فقمة هاواي الراهبة (Neomonachus schauinslandi) نوع مهدد بالانقراض وتستوطن جزر هاواي.
وهي واحدة من نوعين فقط من فقمة الراهب الباقية في العالم (الأخرى هي فقمة الراهب المتوسطية، بينما انقرضت فقمة الراهب الكاريبية).
وتعتبر هذه الفقمة الثديي البحري الوحيد الأصيل في هاواي، ويبلغ عددها في الطبيعة حوالي 1400 فرد.
وتستطيع هذه الفقمة حبس أنفاسها لمدة تصل إلى 20 دقيقة والغوص لأكثر من 550 متراً.
وتتزاوج فقمة هاواي الراهبة في الماء بين يونيو وأغسطس، وتلد صغير واحد سنوياً بين مارس ويونيو بعد حمل يدوم لتسعة أشهر.
حيث يولد الصغير على الشاطئ، ويرضع لمدة ستة أسابيع دون أن تأكل الأم أو تتركه، ثم تهجره لتعود إلى البحر بحثاً عن الطعام.
وتواجه فقمة هاواي الراهبة تهديدات عديدة تشمل التعدي البشري، وانخفاض التنوع الجيني، والتشابك في شباك الصيد، والأمراض، والصيد التجاري للحصول على جلودها.
وتتضمن جهود الحفاظ عليها النقل والرعاية في الأسر وتنظيف الموائل وتثقيف الجمهور. [3]
وداعاً، أيتها الفقمة الرائعة
بقاء فقمة الراهب المتوسطية مرتبط بصحة بيئتنا البحرية، وحماية هذا النوع النادر هي مسؤولية مشتركة تتطلب وعياً وجهوداً مستمرة.
ما هي أفكاركم للمساهمة في حماية الحياة البحرية في منطقتنا؟ شاركونا آراءكم في التعليقات.