في عالم الحيوانات، هناك مخلوقات قادرة على تغيير مظهرها بشكل مذهل للتكيف مع بيئتها.
أحد هذه المخلوقات هو القاقم “Stoat”، هذا المفترس الصغير ذو الفرو الساحر الذي يتحول من البني في الصيف إلى الأبيض الناصع في الشتاء، ليصبح شبحاً لا يُرى في الثلوج.
في هذه المقالة، سنكتشف أسرار هذا التحول المدهش ونلقي نظرة على حياة هذا الحيوان الرائع.
الاسم العلمي | Mustela erminea |
الأسماء الشائعة | القَاقُم، القَاقُوم، القاقم الأوراسي |
الفصيلة | العرسيات |
الموطن | أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا |
حالة الحفظ | أقل إثارة للقلق |
محتويات
موطن القاقم
ينتمي القاقم إلى فصيلة العرسيات وعائلة ابن عرس، ويشبه ابن عرس الشائع، ولكنه أكبر حجماً منه، وذيله ينتهي بطرف أسود.
وينتشر القاقم في المناطق الشمالية من أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا.
ففي أوروبا، يمتد انتشاره جنوباً حتى البرتغال (41 درجة شمالاً)، ويشمل معظم الجزر باستثناء أيسلندا وسفالبارد.
وفي اليابان، يتواجد في الجبال الوسطى (جبال الألب اليابانية الشمالية والوسطى) وشمال هونشو (فوق 1200 متر تقريباً) وهوكايدو.
بينما في أمريكا الشمالية، ينتشر في ألاسكا وغرب يوكون ومعظم القطب الشمالي الكندي شرقاً حتى جرينلاند.
كما تم إدخال هذا الحيوان إلى نيوزيلندا خلال أواخر القرن التاسع عشر للسيطرة على القوارض، ولكنه الآن يشكل تهديداً كبيراً لطيور المحلية. [1]
البيئة
يفضل القاقم العيش في الغابات القريبة من الأنهار والمستنقعات، وكذلك المناطق المفتوحة المجاورة للغابات أو حواف الشجيرات.
وعلى الرغم من أنه حيوان بري في الأساس، إلا أنه يجيد تسلق الأشجار والسباحة.
ويعيش هذا الحيوان على ارتفاعات تتراوح بين مستوى سطح البحر وحتى 3000 متر.
ويتخذ من جذور الأشجار، والأخشاب المجوفة، والجدران الحجرية، وجحور القوارض أوكاراً له.
وعادةً ما تكون الأوكار على عمق حوالي 30 سم تحت الأرض.
ويُبطّن هذا الحيوان عشه بالنباتات الجافة، وفراء وريش فرائسه، ويستخدم التجاويف الجانبية في الجحر كمخازن للطعام ومراحيض. [2]
شكل حيوان القاقم
- تم التعرف على 21 نوعاً فرعياً منه، ويتراوح طول جسم الحيوان البالغ بين 17 – 33 سم.
- يتراوح وزن الذكور بين 67 – 116 جرام، بينما يتراوح وزن الإناث بين 25 – 80 جراماً.
- يمثل طول الذيل حوالي 35% من إجمالي طول الجسم، ويتراوح طوله بين 4.2 – 12 سم.
- يتميز بجسم طويل وأرجل قصيرة ورقبة طويلة تدعم رأساً مثلثاً.
- يتميز الرأس بأذنين دائريتين بارزتين قليلاً وعينين سوداوين لامعتين وشارب طويل.
- لون الفراء في الصيف: يكون الفراء الظهري بنياً، بينما يكون الفراء البطني الممتد إلى الشفة العليا أبيض مصفر.
- لون الفراء في الشتاء: يكون الفراء القصير الناعم إلى حد ما أبيض اللون في الشتاء، مع طرف ذيل أسود اللون.
- في النطاق الجنوبي للأنواع، يظل المعطف بنياً في الشتاء، ولكنه أكثر كثافة وأحياناً أفتح لوناً من الصيف.
سلوك القاقم
يتمتع القاقم بجسم رشيق وخفيف يسمح له بالتحرك بسرعة فائقة على سطح الأرض وداخل الأنفاق تحتها.
حيث تعتبر الإناث أكثر مهارة في الصيد داخل هذه الأنفاق مقارنةً بالذكور.
كما يتميز هذا الحيوان بقدرته على الركض بسهولة فوق الثلوج، ويُولي اهتماماً كبيراً بالتفاصيل، حيث يفحص بدقة كل جحر أو شق متاح بحثاً عن الطعام.
ويتوقف بشكل متكرر لمسح محيطه عن طريق رفع رأسه والوقوف منتصباً على أرجله الخلفية.
ويُعرف عن القاقم قدرته على قطع مسافات طويلة في الليلة الواحدة، قد تصل إلى 15 كيلومتراً.
وعادةً ما تكون منطقة الذكور ضعف حجم منطقة الإناث، وتحافظ هذه الثدييات الانفرادية على حدود منطقتها، حيث يتم مراقبتها وتحديدها بغدد الرائحة. [2]
التواصل
تتمتع حيوانات القاقم بحواس قوية تشمل الشم والبصر والسمع واللمس، مما يمكّنها من تحديد مواقع فرائسها بدقة.
وتعتبر هذه الحيوانات هادئة بشكل عام، إلا أنها قد تستخدم بعض الأصوات للتواصل فيما بينها.
ويُرجّح أن الإشارات الكيميائية تلعب الدور الرئيسي في التواصل مع الشركاء المحتملين للإشارة إلى الاستعداد للتزاوج.
غذاء القاقم
القاقم حيوان ليلي مفترس متخصص في اصطياد الثدييات الصغيرة بحجم الأرانب وما دونها مثل الجرذان والفئران والزبابة.
وعند ندرة الثدييات، يتغذى على الطيور والبيض والضفادع والأسماك والحشرات.
وفي المناخات القاسية، يعتمد هذا الحيوان على صيد القوارض والفئران تحت الثلوج لتلبية احتياجاته الكبيرة من الطاقة وإنتاج الحرارة، ويحتفظ ببقايا الوجبات لمواجهة هذه الاحتياجات.
وعند تحديد الفريسة، يقترب القاقم منها بأقصى سرعة ممكنة وينقض عليها، ممسكاً بمؤخرة رأسها ورقبتها بأسنانه الحادة.
ومن ثم يلتف بجسمه وأطرافه حولها، لتلقى الضحية حتفها نتيجة العضات المتكررة لقاعدة الجمجمة.
ويعتمد القاقم على حواسه الحادة لتحديد موقع الفريسة، معتمداً على الرائحة لتتبع الأرانب والقوارض، والصوت لاكتشاف الحشرات، والبصر لاصطياد الأسماك. [2]
المفترسات
على الرغم من صغر حجمها، تعتبر حيوانات القاقم شرسة وعدوانية.
إلا أنها تعد فريسة محتملة للعديد من الحيوانات المفترسة الأكبر حجماً.
وتشمل الثعالب الحمراء والثعالب الرمادية، والبيكان، والخز الأمريكي، والصقور والعقاب الذهبي، والغرير الأمريكي، وحتى القطط المنزلية في بعض الأحيان.
تكاثر القاقم
القاقم من الحيوانات متعددة التزاوج، ويحدث التزاوج خلال أواخر الربيع وأوائل الصيف.
وتلد الأنثى مرة واحدة في السنة، ويتراوح عدد الصغار بين 3 – 18 صغيراً، بمتوسط 4 – 9 صغار.
وتتميز فترة الحمل بطولها (حوالي 300 يوم) بسبب ظاهرة السبات الجنيني.
حيث يتأخر انغراس البويضة المخصبة في الرحم لمدة 8 – 9 أشهر، قبل أن يستأنف الجنين نموه مع زيادة طول النهار في مارس.
وبعد التزاوج في الصيف، لن يولد النسل حتى الربيع التالي، وتعيش الإناث البالغة تقريباً حياتها إما حاملاً أو في حالة شبق، بينما لا يشارك الذكور في رعاية الصغار. [1]
العناية بالصغار
تولد الصغار عمياء وعاجزة، مغطاة بشعر أبيض ناعم، وتنمو الصغار بسرعة وتصبح قادرة على الصيد مع أمهاتها في الأسبوع الثامن.
بينما لا تصل الإناث إلى حجم البالغين إلا بعد ستة أسابيع على الأقل من الولادة، إلا أنها قادرة على التزاوج في عمر 60 – 70 يوماً، غالباً قبل الفطام.
أما الذكور، فلا تتكاثر أو تكتسب حجم البالغين إلا في صيفها الثاني، ويتراوح متوسط عمر القاقم بين سنة وسنتين، ويصل حده الأقصى إلى 7 سنوات.
حالة حفظ القاقم
على الرغم من أن حيوانات القاقم لا تصنف حالياً على أنها مهددة بالانقراض أو معرضة للخطر بشكل عام.
إلا أنه من المهم الإشارة إلى أن ضغط الصيد المكثف في بعض المناطق الجغرافية قد يؤثر سلباً وبشكل ملحوظ على أعدادها المحلية، مما يستدعي مراقبة هذه الأوضاع عن كثب.
وعلى الرغم من انخفاض الطلب على جلودها مؤخراً، إلا أن البشر كانوا يصطادون الآلاف منها سنوياً للاستفادة من فرائها الأبيض الشتوي في صناعة الملابس. [2]
الدور في النظام البيئي
يعد القاقم من الحيوانات المفترسة الهامة في النظم البيئية التي تعيش فيها، حيث تلعب دوراً حيوياً في التحكم بأعداد الثدييات الصغيرة.
ومع ذلك، تتعرض أعداد كبيرة منها للنفوق نتيجة للإصابة بديدان خيطية طفيلية (Skrjabingylus nasicola) تصيب الممر الأنفي وتشوه الجيوب الأنفية.
ما قد يؤدي إلى ثقب الجمجمة والضغط على المخ وبالتالي الموت، ويعتقد أن الزبابات هي العائل الوسيط لهذا الطفيلي.
الأنواع المشابهة
مرحباً بكم مجدداً في رحلتنا الشيقة في عالم ابن عرس! بعد أن تعرفنا على ابن عرس الشائع، والعرسة المصرية، وابن عرس طويل الذيل.
دعونا نواصل استكشافنا ونتعمق أكثر في أنواع أخرى من هذه العائلة الرائعة.
فبالإضافة إلى ما ذكرناه عن حيوان القاقم، يوجد نوعين آخرين يشتركان مع القاقم في بعض الصفات ويحملان أسماءً مشابهة، وهما:
1- قاقم الهايدا
قاقم الهايدا (Mustela haidarum) هو نوع من عائلة ابن عرس يعيش في جزر قليلة قبالة شمال غرب المحيط الهادئ في أمريكا الشمالية.
وتحديداً في جزيرة هايدا جواي في كندا وأرخبيل ألكسندر الجنوبي في ألاسكا الأمريكية.
وكانت الأنواع الفرعية الثلاثة لقاقم الهايدا تصنف سابقاً كأنواع فرعية من القاقم الشائع.
ولكن في عام 2013 تم الاعتراف بها كنوع متميز، وأكدت دراسة عام 2021 هذا التميز.
ويعتقد أيضاً أن قاقم هايدا نشأ نتيجة تهجين قديم بين القاقم والقاقم الأمريكي.
ويواجه هذا النوع تهديدات كبيرة نتيجة لانحسار موطنه بسبب قطع الأشجار القديمة في غابة تونغاس الوطنية والتعدين الصناعي في الجزر، ما يؤثر بشكل خاص على الأنواع المتوطنة في الجزر. [3]
2- القاقم الأمريكي
القاقم الأمريكي (Mustela richardsonii) هو نوع من عائلة ابن عرس يستوطن معظم أنحاء أمريكا الشمالية.
وقد كان يصنف سابقاً على أنه نوع واحد مع القاقم، إلا أن دراسة أُجريت عام 2021 أثبتت أنه نوع مستقل بذاته يشكل مجموعات جينية مميزة.
ويوجد حوالي 13 نوعاً فرعياً معروفاً من القاقم الأمريكي، ويصنف ضمن الأنواع الأقل إثارة للقلق. [4]
وداعاً، أيها المخلوق الفريد
نتمنى أن يكون هذا المقال قد قدم لكم معلومات مفيدة وممتعة عن حيوان القاقم وقدرته الفريدة على تغيير لون فرائه.
نود أن نسمع آراءكم وانطباعاتكم، لذا لا تترددوا في مشاركة تعليقاتكم وأسئلتكم في الأسفل.