النمس الرمادي الهندي: منذ القدم، حظي النمس بإعجاب البشر بفضل ذكائه وشجاعته، وخاصة في مواجهة الأفاعي السامة.
وفي قارة آسيا، موطن العديد من أنواع النمس، نجد أن النمس الرمادي الهندي “Indian grey mongoose” يحتل مكانة خاصة.
دعونا ننطلق في رحلة عبر القارة الآسيوية لنكتشف أسرار هذا الحيوان المثير للاهتمام وأنواعه المتنوعة.
الاسم العلمي | Urva edwardsii |
الأسماء الشائعة | النمس الرمادي الهندي، النمس الرمادي الآسيوي |
الفصيلة | النمسيات |
الموطن | قارة آسيا |
حالة الحفظ | أقل إثارة للقلق |
محتويات
موطن النمس الرمادي الهندي
ينتمي النمس الرمادي الهندي إلى فصيلة النمسيات ويشبه النمس المصري، وينتشر على نطاق واسع في شبه القارة الهندية وغرب آسيا.
حيث يمتد موطنه الطبيعي من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وتركيا في الغرب، وحتى الهند ونيبال وسريلانكا وبنجلاديش في الشرق.
وبفضل مهارته الكبيرة في صيد الثعابين والجرذان تم إدخاله إلى العديد من المناطق، مثل: جزر هاواي وجامايكا وكوبا وبورتوريكو. [1]
البيئة
على الرغم من شيوع النمس الرمادي الهندي، فإن تفاصيل حياته البرية لا تزال غامضة.
ويتأقلم هذا الحيوان بسهولة مع مجموعة واسعة من البيئات، من الأراضي العشبية المفتوحة إلى الغابات الكثيفة والمناطق القريبة من البشر.
شكل النمس الرمادي الهندي
- يصل طول الجسم إلى 36-45 سم، وطول الذيل إلى 45 سم.
- يبلغ الوزن بين 0.9 – 1.7 كجم، ويكون الذكور أكبر حجماً من الإناث.
- يتميز بفرو رمادي بني أو رمادي حديدي، وهو أكثر خشونة وصلابة من فراء أنواع النمس الأخرى.
- يظهر الشعر بلون رمادي بسبب وجود شعر فردي محاط بالأبيض الكريمي والأسود.
- الأرجل بنية داكنة، والوجه بني مع مسحة من الأحمر الصدئ حول الفم والعينين.
- الذيل كثيف وطويل، يساوي تقريباً طول الجسم، ويكون لون طرف الذيل أصفر باهت أو أبيض.
- يتميز بقدرته النادرة على التمييز بين أربعة ألوان، على عكس معظم الثدييات الأخرى.
سلوك النمس الرمادي الهندي
يعتبر النمس الرمادي الهندي حيواناً نهارياً انفرادياً، يقضي معظم وقته في البحث عن الطعام.
ويفضل الصيد في الصباح الباكر والمساء، حيث يتحرك بسرعة ورشاقة على الأرض بحثاً عن الحشرات والزواحف.
وعلى الرغم من قدرته على التسلق، إلا أنه يفضل الصيد على الأرض. [2]
التواصل
يمتلك النمس الرمادي الهندي غدة شرجية تفرز مادة ذات رائحة قوية يستخدمها للتواصل، وخاصة الذكور خلال موسم التزاوج.
ويظهر النمس ذكاءً في استخدام هذه المادة، حيث يرشها على ارتفاع الأنف على الأشياء الرأسية لضمان استشعارها بشكل فعال.
كما يرفع النمس الرمادي الهندي ساقاً واحدة ليرش البول على الأجسام، أو يقف على رجليه الأماميتين ويرش الإفرازات على الجزء العلوي من جسمه.
وهذه الإفرازات ذات رائحة نفاذة يمكن أن تنتشر لمسافات بعيدة، مما يشبه إفرازات الظربان، وتستخدم لتحديد الأراضي، وإرسال إشارات للتزاوج، والتواصل مع الأفراد الآخرين.
النمس والثعابين
يشتهر النمس بشجاعته الفائقة وقدرته الاستثنائية على مواجهة الثعابين السامة، لا سيما الكوبرا، في صراع ملحمي.
ويبدأ النمس بالاستفزاز، مبرزاً أسنانه في تحدٍ للثعبان الذي يستجيب بفتح فمه على مصراعيه ورفع رأسه.
ويتبادل الطرفان الضربات السريعة والهجمات المباغتة، لكن النمس يتميز بمرونة وقدرة على تفادي لدغات الثعبان السامة.
وبعد فترة من الصراع المرهق، يستغل النمس لحظة ضعف الثعبان ويوجه عضة قاتلة إلى رأسه، مركزاً على كسر جمجمته.
وهذا السلوك الشجاع ليس مقتصراً على مواجهة الثعابين فقط، بل يمتد إلى التعامل مع العقارب.
فهو يلتقط العقرب بقوة ويرميه على سطح صلب لتحطيمه، كما يستخدم هذه التقنية لكسر البيض الكبير.
لماذا لا يخاف النمس من الثعابين؟
يمتلك النمس آليات حماية ضد سام الثعابين تجعله لا يخاف منه وهي:
- الشعر الصلب القاسي: يعمل هذا الشعر كحاجز دفاعي أولي، حيث يثار ويقف بشكل مستقيم عند الشعور بالخطر، مما يجعل من الصعب على الثعبان الوصول إلى جلد النمس.
- الرشاقة في الهجوم والدفاع: تسمح الرشاقة للنمس بتوجيه ضربات سريعة ودقيقة إلى نقاط ضعف الثعبان، وفي نفس الوقت تفادي لدغاته القاتلة.
- الجلد السميك المترهل: يوفر الجلد السميك طبقة واقية إضافية، حيث يقلل من تأثير اللدغة ويصعب على سم الثعبان اختراقه.
- مستقبلات الأستيل كولين المتخصصة: هذه المستقبلات تلعب دوراً حاسماً في مقاومة سم الثعبان، حيث تقلل من تأثيرات السم على الجهاز العصبي للنمس.
غذاء النمس الرمادي الهندي
يتميز بتنوع غذائي ملحوظ، حيث يتغذى على مجموعة واسعة من الكائنات الحية.
بدءاً من الحشرات الصغيرة مثل الجراد والخنافس والعقارب وصولاً إلى الثدييات الصغيرة والطيور والثعابين، وحتى بعض الفقاريات المائية مثل الأسماك.
ويساعده على ذلك فك قوي مزود بأنياب حادة تتجه إلى الأمام وتبرز مما يسمح لها بالتشبث برأس الثعبان.
كما أن الأضراس لها نتوءات مدببة لسحق الحشرات. [2]
أعداء النمس
بين رحلات الصيد، يبحث النمس عن ملاذ آمن في الجحور أو شقوق الصخور أو قرب الأنهار ليتفادى حرارة النهار الحارقة.
ولتختبئ من أعدائها اللدودين مثل النمور والكلاب.
تكاثر النمس الرمادي الهندي
يتكاثر مرتين إلى ثلاث مرات كل عام
، مع ذروة في موسم التزاوج بين شهري مارس وأكتوبر.
وتستمر فترة حمل الأنثى حوالي شهرين (60-65 يوماً)، لتلد بعدها ما بين 2-4 صغار.
وتتميز هذه الأنواع بخصوبة عالية، حيث قد تلد الأنثى عدة مرات في العام، مما يساهم في زيادة أعدادها بسرعة.
وتلد الأنثى صغارها في جحر وتقوم برعاية صغارها حتى يتمكنوا من الاعتماد على أنفسهم.
العناية بالصغار
يولد الصغار عميان وعاجزين، وتعتني الأم وحدها بالصغار.
حيث يبقون مع أمهم قرابة 6 أشهر، و يصلون لمرحلة النضج الجنسي بعد 6 – 9 أشهر.
وعادةً ما يمتد عمر النمس الرمادي الهندي إلى حوالي سبع سنوات في البرية، وقد سُجلت حالات وصلت إلى 12.5 سنة في الأسر. [1]
الدور في النظام البيئي
يلعب النمس الرمادي الهندي دوراً حيوياً في النظام البيئي حيث يتغذى على مجموعة متنوعة من الحيوانات الصغيرة مثل الطيور والزواحف والثدييات والحشرات، مما يؤثر بشكل مباشر على أعدادها.
وتشتهر هذه الحيوانات بقدرتها على الصيد بفعالية، لا سيما الثعابين، مما دفع الإنسان إلى استغلال هذه القدرة وتدجين النمس لمكافحة القوارض والثعابين في المناطق السكنية.
حالة حفظ النمس الرمادي الهندي
على الرغم من تصنيف النمس الرمادي الهندي ضمن الأنواع الأقل إثارة للقلق، وحصوله على حماية قانونية في الهند.
إلا أنه لا يزال يواجه خطر الانقراض بسبب الطلب المتزايد على شعره في صناعة فرش الطلاء والحلاقة.
وتشير التقديرات إلى أن آلاف النمس يتم قتلها سنوياً لتلبية هذا الطلب.
مما يجعل التجارة غير المشروعة في شعر النمس أحد أخطر التهديدات التي تواجه هذا النوع.
أنواع النمس الآسيوي
تتمتع قارة آسيا بتنوع كبير في أنواع حيوان النمس، ومن أشهرها النمس أبيض الذيل الذي يتواجد في قارة آسيا وأفريقيا.
ولنستكشف معاً عالم النمس الآسيوي، حيث سنلتقي بأنواع تتميز بأحجامها وألوان فرائها المتنوعة:
1- النمس الجاوي
النمس الجاوي (Urva javanica) يتواجد بشكل طبيعي في جنوب شرق آسيا، ممتداً من ميانمار وتايلاند وحتى فيتنام والجزر الإندونيسية مثل سومطرة وجاوة.
ويتميز هذا النوع بفرو قصير في الأذنين وذيل مستدق، ولونه يتراوح بين الحديدي إلى البني الداكن.
وعلى الرغم من انتشاره الواسع، إلا أنه يتعرض للصيد الجائر في بعض المناطق، خاصة في أسواق تجارة الحيوانات الأليفة، مما يهدد أعداده في البرية.[3]
2- النمس مخطط العنق
يعتبر النمس مخطط العنق (Urva vitticolla) من الأنواع النادرة التي تعيش في الغابات والأراضي الشجرية بجنوب الهند وسريلانكا.
ويتميز هذا النوع بفرو بني صدئ أو رمادي وجسم قوي وأرجل قصيرة، ويشتهر بالشريط الأسود المميز الذي يمتد على جانبي رقبته، مع ذيل قصير أسود.
3- النمس الهندي الصغير
يمتد موطن النمس الهندي الصغير ( Urva auropunctata ) من العراق عبر جنوب شرق إيران وأفغانستان وباكستان والهند ونيبال وبوتان وبنجلاديش وميانمار.
كما تم إدخاله إلى العديد من الدول الأوروبية والجزر في البحر الكاريبي والمحيطين الهندي والهادئ وفي أوكيناوا في جنوب اليابان.
ويمكن تمييزه عن أقاربه من النمس الآخرين، مثل النمس الرمادي الهندي، بحجمه الأصغر.
وقد أثرت عمليات النقل البشري على توزيعه و وفرته، حيث زادت أعداده في العديد من المناطق الجديدة. [4]
4- النمس آكل السلطعون
النمس آكل السلطعون (Urva urva) يتواجد في مناطق واسعة من جنوب شرق آسيا، بما في ذلك الهند والصين وتايوان.
ويتميز بلونه الرمادي والبني، وشريط أبيض مميز على جانبي رقبته، وبقع بيضاء على رأسه.
كما يمتاز هذا النوع برشاقته وقدرته على السباحة، ويتغذى بشكل رئيسي على السلطعونات بالإضافة إلى الأسماك والقوارض والطيور.
ويصنف هذا النوع ضمن الأنواع الأقل عرضة للخطر وفقاً للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة.
5- النمس الأحمر
النمس الأحمر أو النمس الأمغر (Urva smithii) يتواجد بشكل طبيعي في الغابات الجبلية في الهند وسريلانكا.
ويتميز بفرو بني خشن وطويل بشكل خاص في الأجزاء الخلفية من جسمه، بينما يكون قصيراً في المناطق الأخرى.
كما يمتلك النمس الأحمر ذيلاً طويلاً يشكل نسبة كبيرة من طول جسمه، وهو أطول وأكثر سمكاً من النمس الرمادي الهندي.
6- النمس البني الهندي
النمس البني الهندي (Urva fusca) يتواجد بشكل طبيعي في منطقة غاتس الغربية في الهند والساحل الغربي لسريلانكا.
ويتميز هذا النوع بلونه البني الداكن وأرجله السوداء، وحجمه الكبير نسبياً مقارنة بأقاربه.
ويمتلك ذيلاً طويلاً كثيف الشعر يساعد في تمييزه عن الأنواع الأخرى.
ويصنف النمس البني الهندي على أنه أقل الأنواع تهديداً، وقد تم إدخاله إلى بعض الجزر مثل جزيرة فيجي.
7- النمس قصير الذيل
النمس قصير الذيل (Urva brachyura) يتواجد بشكل طبيعي في غابات جنوب شرق آسيا، مثل شبه جزيرة ماليزيا وسومطرة وبورنيو.
ويعيش هذا النوع في الغابات المطيرة، ويتراوح لونه بين البني المحمر والأسود، مع أطراف سوداء و وجه رمادي.
ويتميز النمس قصير الذيل بذيله القصير الذي يبلغ طوله حوالي 25 سم، ويعتبر من الأنواع القريبة من التهديد، وذلك بسبب تدمير بيئته الطبيعية.
8- النمس المطوق
النمس المطوق (Urva semitorquata) يتواجد بشكل طبيعي في جزيرتي بورنيو وسومطرة، ويُعتقد أن وجوده في الفلبين غير مؤكد.
ويتميز بفروه البني الداكن والياقة البيضاء المميزة.
ونظراً لتقلص أعداد هذا النوع، فقد تم تصنيفه ضمن قائمة الأنواع المهددة بالانقراض وفقاً للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة.
وداعاً، أيتها المخلوقات الرائعة
إن النمس الرمادي الهندي لا يزال يحمل الكثير من الأسرار التي تستحق الاستكشاف.
وهناك الكثير مما لا نعرفه عن سلوكه، وتفاعله مع البيئة، والتهديدات التي يواجهها.
شاركنا بآرائك وتعليقاتك حول هذا الموضوع، هل لديك أي معلومات إضافية عن النمس الرمادي الهندي أو أنواع أخرى من النمس؟