في عالم تزخر فيه الكائنات المائية، يبرز مخلوق رشيق وذكي يُعرف بالقضاعة الأوراسية “Eurasian otter”.
انضموا إلينا في رحلة شيقة نكشف فيها أسرار حياة هذا الكائن المدهش، من سلوكه الاجتماعي إلى نظامه الغذائي.
الاسم العلمي | Lutra lutra |
الأسماء الشائعة | القضاعة الأوراسية، القضاعة الأوروبية، كلب الماء، ثعلب الماء الأوروبي، ثعلب الماء النهري الأوراسي، ثعلب الماء الشائع، ثعلب الماء القديم |
الفصيلة | العرسيات |
الموطن | أوراسيا وأفريقيا |
حالة الحفظ | مهدد بالانقراض |
محتويات
موطن القضاعة الأوراسية
تنتمي القضاعة الأوراسية إلى فصيلة فصيلة العرسيات وعائلة ثعالب الماء، وهي حيوانات ثديية شبه مائية.
ويمتد موطنها الأصلي عبر قارات العالم القديم، من أوراسيا إلى المغرب العربي.
وتعتبر القضاعة الأوراسية من أكثر أنواع القضاعات انتشاراً.
حيث تعيش في الأنهار والبحيرات والسواحل في أوروبا، وأجزاء واسعة من آسيا، وصولاً إلى شمال أفريقيا.
كما تم تسجيل وجودها في سوريا، في الجداول الجبلية في محافظتي اللاذقية والرقة وفي وادي الفرات السفلي في محافظة دير الزور. [1]
البيئة
تستوطن القضاعة الأوراسية الأنهار والبحيرات والجداول والمستنقعات وحقول الأرز والشواطئ.
وفي الأندلس، تستخدم البحيرات الاصطناعية في ملاعب الجولف.
وتعيش أيضاً على طول الساحل في المياه المالحة، ولكنها تحتاج إلى الوصول المنتظم إلى المياه العذبة لتنظيف فرائها.
وعادةً ما تتخذ من الكهوف والمناطق الأرضية القريبة من المياه أوكاراً لها.
وتقوم ببناء أوكارها في الأنفاق الترابية وتحت جذور الأشجار وأكوام الصخور والشجيرات، مما يوفر لها الحماية والراحة.
شكل القضاعة الأوراسية
- يبلغ طول الحيوان البالغ بدون الذيل، ما بين 57 – 95 سم، بينما يصل طول الذيل إلى ما بين 35 – 45 سم.
- يتراوح الوزن بين 7 – 12 كجم، مع اختلاف طفيف بين الذكور والإناث، حيث يكون الذكر أثقل قليلاً.
- يتميز بجسم طويل ونحيل، ولون بني من الأعلى وكريمي من الأسفل.
- يتمتع بأرجل قصيرة وقوية مع أقدام كبيرة مكفوفة تحمل مخالب حادة.
- تتكيف بشكل ممتاز للحياة المائية، حيث تساعدها عظامها المكثفة على الغوص، وفروها الكثيف على العزل الحراري.
سلوك القضاعة الأوراسية
تتميز القضاعة الأوراسية بطبيعتها الانفرادية والإقليمية، حيث يعيش كل منها في منطقة محددة تتراوح مساحتها بين كيلومتر واحد وأربعين كيلومتراً.
ويعتمد حجم المنطقة على وفرة الغذاء، فكلما كانت الموارد الغذائية وفيرة، قلت مساحة المنطقة.
ولا يتم الدفاع عن المنطقة إلا ضد أفراد من نفس الجنس، لذلك قد تتداخل أراضي الذكور والإناث.
وتتميز هذه الثدييات بقدرتها على الغوص لفترات طويلة تصل إلى دقيقتين، وتفضل الصيد في ساعات الغسق والليل. [2]
التواصل
تتميز القضاعة الأوراسية بصوتها العالي، حيث تستخدم مجموعة واسعة من الأصوات المعقدة، للتعبير عن مجموعة متنوعة من المشاعر والحالات.
بالإضافة إلى ذلك، تمتلك غدد رائحة قوية تفرز مادة تشبه المسك، تستخدمها لوضع علامات على بيئتها لتحديد الأراضي وإيصال معلومات حول الهوية والوضع الاجتماعي.
ولا تقوم القضاعة الأوراسية بوضع علامات على النباتات والأخشاب برائحتها فحسب، بل إنها تغطي فرائها أيضاً.
غذاء القضاعة الأوراسية
تتغذى القضاعة الأوراسية بشكل أساسي على الأسماك، خاصة في موائلها المائية العذبة المعتدلة.
إلا أن نظامها الغذائي يتميز بتنوع كبير ويتأثر بالموسم والبيئة المتاحة.
فخلال فصل الشتاء وفي المناطق الباردة، يتوسع نظامها الغذائي ليشمل البرمائيات والديدان والمحار والقشريات والحشرات.
كما تتغذى على البيض والطيور وأحياناً حتى على الثدييات الصغيرة مثل القنادس.
ولا تتردد في تناول كميات صغيرة من النباتات، وقد تصطاد فرائس تفوقها حجماً بكثير، مثل الوزة الربداء.
وتتغذى عدة مرات في اليوم، وتستهلك حوالي 1 كجم من الطعام يومياً. [1]
طريقة الصيد
على عكس الاعتقاد السائد سابقاً بأن حاسة الشم لا تلعب دوراً في عملية الصيد تحت الماء.
حيث كان يُعتقد لفترة طويلة أنها تصطاد باستخدام البصر واللمس فقط.
تشير الأدلة الحديثة إلى أن القضاعة الأوراسية قد تمتلك قدرة استثنائية على الشم تحت الماء.
مما يجعلها قادرة على اكتشاف فرائسها وتحديد مواقعها باستخدام حاسة الشم، تماماً كما يفعل “الطوبين نجمي الخطم” المعروف بحاسة الشم الحادة تحت الماء.
تزاوج القضاعة الأوراسية
تتميز بدورة تكاثر نشطة على مدار العام، حيث يمكن أن يحدث التزاوج في أي وقت تقريباً.
ولا يلعب الذكر دوراً مباشراً في رعاية الصغار، على الرغم من أن أراضي الأنثى مع صغارها تكون عادةً بالكامل ضمن أراضي الذكر.
وتستمر فترة حمل الأنثى حوالي شهرين، وبعدها تلد الأنثى عادةً ما بين 2 – 7 صغار.
وتفتح أعين الصغار بعد شهر واحد وتبدأ في مغادرة الوكر بعد شهرين.
وتبقى مع أمهاتها لفترة طويلة تتراوح بين 12-14 شهراً لتتعلم مهارات البقاء والتكيف مع البيئة المحيطة بها.
وتصل الصغار إلى النضج الجنسي في غضون عامين إلى ثلاثة أعوام، ويمكن للقضاعة الأوراسية العيش قرابة 22 عام في الأسر. [2]
حالة الحفظ
شهدت أعداد القضاعة الأوراسية تراجعاً حاداً في النصف الثاني من القرن العشرين بسبب مجموعة من التهديدات.
أبرزها التلوث البيئي الناتج عن المواد الكيميائية السامة مثل ثنائي الفينيل متعدد الكلور والمبيدات الحشرية، بالإضافة إلى فقدان الموائل والصيد الجائر.
ومع ذلك، بدأت أعدادها في الانتعاش تدريجياً في العديد من مناطق أوروبا خلال العقود الأخيرة.
ويعزى ذلك بشكل رئيسي إلى حظر العديد من المبيدات السامة، وتحسين جودة المياه، وتطبيق قوانين حماية أكثر صرامة.
ورغم هذه التطورات الإيجابية، لا تزال القضاعة الأوراسية مصنفة ضمن الأنواع المهددة بالانقراض.
وتستمر الجهود للحفاظ عليها في العديد من البلدان، مثل المملكة المتحدة وهونج كونج.
أنواع ثعلب الماء في آسيا
بعد أن استعرضنا سابقاً معلومات عن القضاعة العملاقة والقضاعة البحرية، سنواصل اليوم استكشافنا لعالم هذه الثدييات المائية الرائعة.
مع التركيز بشكل خاص على الأنواع المتواجدة في قارة آسيا، وهي:
1- القضاعة الآسيوية صغيرة المخالب
القضاعة الآسيوية صغيرة المخالب (Aonyx cinereus) المعروفة أيضاً بالقضاعة الشرقية صغيرة المخالب.
وهي أصغر أنواع ثعالب الماء في آسيا، ويتميز هذا النوع بمخالب قصيرة لا تتجاوز وسادات أصابعه المكفوفة.
ويعيش في بيئات متنوعة تشمل الأنهار والمياه العذبة والأراضي الرطبة ومستنقعات المانجروف.
ويتواجد في جنوب وجنوب شرق آسيا في الهند وبعض الجزر مثل سومطرة وجاوا وبورنيو وبالاوان.
ويعيش عادةً في أزواج أو مجموعات عائلية قد تصل إلى 12 فرداً.
ويصنف هذا النوع كمهدد بالانقراض في القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة بسبب فقدان الموائل والتلوث والصيد في بعض المناطق. [3]
2- القضاعة شعراء الخطم
قضاعة شعراء الخطم أو ثعلب الماء ذو الأنف المشعر (Lutra sumatrana) هو ثديي شبه مائي موطنه جنوب شرق آسيا.
ويعد من أندر أنواع ثعالب الماء وأقلها شهرة، ويواجه تهديدات خطيرة بالانقراض بفعل فقدان الموارد الطبيعية والصيد الجائر.
ويتميز هذا النوع بفراء بني قصير يصبح أفتح لوناً عند البطن، ولديه أنف مميز مغطى بالكامل بشعر داكن قصير. كما يمتلك أصابع مكفوفة بالكامل ذات مخالب بارزة.
ويعيش هذا النوع في المناطق الساحلية وعلى الأنهار الداخلية الكبيرة، إما منفرداً أو في مجموعات صغيرة تصل إلى أربعة أفراد، ويتشارك كلا الوالدين بالعناية بالصغار.
وتنتشر القضاعة شعراء الخطم في جنوب شرق آسيا من جنوب تايلاند وكمبوديا وجنوب فيتنام وشبه جزيرة ماليزيا إلى سومطرة وبورنيو.
بينما انقرض محلياً في الهند وسنغافورة وميانمار، وربما أيضاً في بروناي.
3- القضاعة ملساء الفراء
تعيش القضاعة ملساء الفراء أو ثعلب الماء ذو الشعر الأملس (Lutrogale perspicillata) في المياه العذبة في مناطق جنوب وجنوب شرق آسيا.
حيث ينتشر هذا النوع في مناطق واسعة تشمل باكستان والهند ونيبال وبوتان وبنجلاديش وجنوب الصين.
كما يتواجد في ميانمار وتايلاند وفيتنام وشبه جزيرة ماليزيا وسنغافورة وبورنيو وجاوة، بالإضافة إلى وجود عدد معزول منه في مستنقعات العراق.
وغالباً ما يُشاهد في المياه المالحة بالقرب من الساحل، وخاصةً في الجزر الصغيرة، ويعيش في مجموعات قد يصل عدد أفرادها إلى 11 فرداً.
ويتميز هذا النوع بفرو ناعم نسبياً وأقصر طولاً مقارنةً بأنواع ثعالب الماء الأخرى.
كما يتميز برأس أكثر استدارة وأنف خالي من الشعر، ويتمتع بأرجل قصيرة وقوية مع أقدام كبيرة مكفوفة تحمل مخالب قوية.
ويُصنف هذا النوع على أنه “معرض للخطر” في القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة منذ عام 1996.
وذلك بسبب التهديدات التي يتعرض لها نتيجة فقدان الموائل وتلوث الأراضي الرطبة والصيد الجائر. [4]
وداعاً، أيها المخلوق الفريد
وها قد وصلنا إلى ختام رحلتنا في عالم القضاعة الأوراسية، هذا الكائن المائي الرائع الذي يجمع بين الذكاء والرشاقة.
هل سبق لكم أن شاهدتم قضاعة في بيئتها الطبيعية؟
ما هي أكثر المعلومات التي أثارت اهتمامكم؟
نرحب بجميع تعليقاتكم ومساهماتكم لإثراء النقاش وتبادل المعرفة حول هذا الحيوان المميز.