هل تخيلت يوماً ثعلباً بآذان تشبه آذان الخفاش؟ في البراري الإفريقية، هذا ليس خيالاً بل حقيقة مدهشة.
الثعلب خفاشي الأذنين “Bat-eared fox”، لغز من عالم الحيوان، يتميز بصفات فريدة تجعله مختلفاً عن غيره من الثعالب.
في هذه المقالة، نكشف الستار عن حياة هذا المخلوق الرائع، ونقدم لكم حقائق مذهلة وصوراً رائعة تجسد جماله في بيئته الطبيعية.
الاسم العلمي | Otocyon megalotis |
الأسماء الشائعة | الثعلب خفاشي الأذنين، الثعلب ضخم الأذن، ثعلب أسود الأذنين، ثعلب كيب، ثعلب ديلاند |
الفصيلة | الكلبيات |
الموطن | قارة أفريقيا |
حالة الحفظ | أقل إثارة للقلق |
محتويات
تصنيف الثعلب خفاشي الأذنين
ينتمي الثعلب خفاشي الأذنين إلى فصيلة الكلبيات وعائلة الثعالب، وهو نوع فريد من الثعالب يعيش في السافانا الأفريقية.
ويعد العضو الوحيد الباقي من جنس “Otocyon”، ويعتبر من الأنواع القديمة من الكلبيات.
والخفاش المشار إليه في اسمه العامي ربما يكون الخفاش المصري مشقوق الوجه ( Nycteris thebaica ).
والذي يوجد بكثرة في المنطقة وله آذان كبيرة جداً، فسُمي بهذا الاسم نسبةً إلى آذانه الكبيرة التي تلعب دوراً في تنظيم درجة الحرارة . [1]
الموطن والانتشار
يتواجد هذا الثعلب في مجموعتين منفصلتين تشكلان نوعين فرعيين، ويتوزع بشكل متقطع في المناطق القاحلة وشبه القاحلة في شرق وجنوب أفريقيا.
حيث تفصل بين النوعين الفرعيين مسافة تقارب 1000 كيلومتر.
ويمتد موطن النوع الفرعي “O. m. virgatus” من جنوب السودان وإثيوبيا والصومال، مروراً بأوغندا وكينيا وصولاً إلى جنوب غرب تنزانيا.
بينما يتواجد النوع الفرعي “O. m. megalotis” في الجزء الجنوبي من القارة، من أنغولا عبر ناميبيا وبوتسوانا إلى جنوب أفريقيا.
كما يمتد نطاقه شرقاً حتى موزمبيق وزيمبابوي، وصولاً إلى شبه جزيرة كيب وكيب أجولهاس. [1]
البيئة وأماكن التواجد
تتكيف الثعالب ذات الأذنين الخفاشيتين مع البيئات القاحلة وشبه القاحلة.
حيث تتواجد عادةً في الأراضي العشبية القصيرة والمناطق الجافة من السافانا وحواف الغابات وغابات الأكاسيا المفتوحة.
وتفضل الأراضي العارية والمناطق ذات العشب القصير نتيجةً للرعي، وتميل للصيد في هذه الموائل ذات العشب القصير والشجيرات المنخفضة.
ولكنها تلجأ إلى المناطق ذات الأعشاب الطويلة والشجيرات الكثيفة للاختباء عند الشعور بالخطر. [1]
شكل الثعلب خفاشي الأذنين
- يبلغ طول الجسم 46-66 سم، بينما يتراوح طول الذيل بين 23 – 34 سم.
- يصل ارتفاع الكتفين إلى 30-40 سم، ويتراوح وزنه بين 3 – 5.3 كجم.
- تتميز هذه الثعالب بأذنين كبيرتين بشكل ملحوظ، حيث يتراوح طول الأذن بين 11- 13 سم.
- تساعد الأذان الكبيرة، في توزيع الحرارة من الجسم وتحديد موقع الفريسة.
- يكون لون الفراء بشكل عام بنياً مع وجود شعيرات رمادية اللون.
- يكون الجزء السفلي من الجسم والحلق شاحب اللون، وتتحول إلى بني داكن أو أسود عند الأطراف.
- يتميز الخطم وطرف الذيل والجانب العلوي منه وقناع الوجه باللون الأسود، وأما الجزء الداخلي من الأذنين فيكون أبيض.
- يتميز بأسنان صغيرة نسبياً ذات سطح قص أقل مقارنةً بمعظم الكلاب الأخرى، تكيفاً لنظامه الغذائي الحشري.
- طرأ تعديل على العضلة ذات البطنين في الفك، مما يُمكن الفك من الفتح والإغلاق بسرعة تصل إلى خمس مرات في الثانية.
الفرق بين الأنواع الفرعية
يُلاحظ اختلاف في لون الفراء بين أنواع الثعلب خفاشي الأذنين الفرعية.
حيث يميل لون فراء النوع الفرعي المتواجد في شرق أفريقيا (O. m. virgatus) إلى الأصفر الفاتح مع وجود علامات بنية داكنة.
بينما يتميز النوع الفرعي الآخر (O. m. megalotis) بلون فراء أسود.
وهذا التباين في لون الفراء يعد من أبرز الفروقات المظهرية بين هذين النوعين الفرعيين.
سلوك الثعلب خفاشي الأذنين
تُظهر الثعالب خفاشية الأذنين سلوكاً نشطاً يختلف باختلاف مواقعها الجغرافية والمواسم؛ ففي سيرينجيتي، يكون 85% من نشاطها ليلياً.
بينما في جنوب أفريقيا تنشط نهاراً في الشتاء وليلاً في الصيف.
وتعيش هذه الثعالب في مجموعات عائلية تتكون من زوج بالغ وصغارهما، ويتميز سلوك هذه الأزواج بالترابط الوثيق.
حيث ينامون في نفس الجحر، ويبحثون عن الطعام ويستريحون معاً، ويتبادلون العناية واللعب، ويدافعون عن بعضهم البعض.
وتحتل كل عائلة منطقة خاصة بها تتراوح مساحتها بين 0.25 – 1.5 كيلومتر مربع، تحددها عن طريق البول.
وتستخدم هذه الثعالب أوكاراً تحفرها بنفسها للحماية من درجات الحرارة والرياح الشديدة.
كما تستلقي تحت أشجار الأكاسيا في جنوب أفريقيا بحثاً عن الظل أثناء النهار. [2]
التواصل
تعد الإشارات البصرية أساسية في تواصل الثعالب خفاشية الأذنين، حيث تعكس وضعية الجسم وحركة الأعضاء المختلفة معاني متعددة.
كما يعبر وضع الذيل عن حالات مختلفة؛ ويُستخدم انتصاب الشعر كآلية دفاعية لجعل الثعلب يبدو أكبر عند التهديد الشديد.
وتتم عملية التعرف على الأفراد على مسافة تصل إلى 30 متراً عبر ثلاث خطوات: التجاهل، ثم التحديق، ثم الاقتراب أو الهجوم.
ورغم استخدام بعض الأصوات للتواصل، خاصةً نداءات الاتصال والتحذير في الشتاء، إلا أن الإفرازات الغدية والخدش لا تُستخدم في التواصل.
باستثناء وضع علامات الرائحة التي يُعتقد أنها تساهم في تكوين روابط زوجية.
غذاء الثعلب خفاشي الأذنين
يعتبر الثعلب خفاشي الأذنين الكلب الوحيد الذي يعتمد بشكل أساسي على الحشرات في غذائه.
حيث يشكل النمل الأبيض الحاصد (Hodotermes mossambicus) ما بين 80-90٪ من نظامه الغذائي عند توفره.
وعند نقص هذا النوع من النمل الأبيض، يتناول الثعلب مجموعة متنوعة من الفرائس تشمل أنواعاً أخرى من النمل الأبيض.
ومفصليات أخرى كالنمل والخنافس والصراصير والجراد والعث والعقارب والعناكب.
ونادراً ما يتغذى على الطيور وبيضها وفراخها، والثدييات الصغيرة، والزواحف، والفطريات كالفقع الصحراوي، بالإضافة إلى التوت والبذور والفواكه البرية.
ورغم حاجة إناث الثعالب خفاشية الأذنين للماء خلال الرضاعة، إلا أنها لا تشرب من مصادر المياه الراكدة، بل تحصل على الماء من محتوى الرطوبة العالي في غذائها. [1]
طريقة الصيد
يتم تحديد مكان الفريسة في المقام الأول عن طريق الوسائل السمعية، وليس عن طريق الرائحة أو البصر.
وعادةً ما تبحث هذه الثعالب عن طعامها بشكل منفرد.
وتعيش الثعالب خفاشية الأذنين بالقرب من قطعان الحيوانات العاشبة الكبيرة مثل حمار الزرد والجاموس وغيرها.
وذلك لوجود أحد مصادر غذائها الرئيسية المتمثل في خنافس الروث التي تتغذى على روث هذه الحيوانات وتضع بيضها فيه.
حيث تستخدم الثعالب آذانها الكبيرة للاستماع إلى يرقات الخنافس وهي تقضم طريقها للخروج من كرات الروث.
كما يستفيد الثعلب خفاشي الأذنين من سلوك آكل النمل في فتح تلال النمل الأبيض.
حيث يتداخل نطاقهما الجغرافي، فيستغل الثعلب هذه التلال المكشوفة كمصدر للغذاء أو المأوى.
وهو سلوك مشابه لما تفعله ذئاب الأرض (العسبار) التي تستفيد أيضاً من هذه التلال المفتوحة. [2]
المفترسات
للهروب من الحيوانات المفترسة، يعتمد الثعلب خفاشي الأذنين على السرعة والمراوغة المذهلة.
حيث يمتلك قدرة فريدة على تغيير اتجاهه بفعالية أثناء الجري دون فقدان سرعته.
مما يساعده على الإفلات من الحيوانات المفترسة التي تتراوح في حجمها من الذئاب الأفريقية إلى النسور.
وتشكل الطيور الجارحة النهارية التهديد الأكبر لصغار هذه الثعالب بشكل خاص.
تكاثر الثعلب خفاشي الأذنين
الثعلب خفاشي الأذنين حيوان اجتماعي يعيش في الغالب في أزواج أحادية، على الرغم من رصد بعض المجموعات متعددة الأزواج.
ويبدأ التكاثر من سبتمبر إلى نوفمبر، ويتميز هذا النوع عن غيره من الكلاب البرية بأن لديه عكس في الأدوار الأبوية.
حيث يتولى الذكر غالبية سلوك الرعاية الأبوية، فيقوم بالحراسة والعناية بالصغار واللعب معهم بقدر ما تفعل الأم أو حتى أكثر.
وتستمر فترة حمل الأنثى من 60 – 70 يوماً، وتضع بعدها من صغير واحد إلى ستة صغار. [1]
العناية بالصغار
تولد صغار الثعالب بفراء رمادي اللون يتغير إلى لون البالغين في الأسبوع الرابع أو الخامس.
وتفتح أعينها في اليوم التاسع وتخرج من العرين في اليوم السابع عشر.
وتعتمد الصغار على الرضاعة لمدة 4 شهور قبل البدء في البحث عن الطعام مع والديها.
بينما تنفصل عن مجموعاتها العائلية في عمر 5 – 6 أشهر، وقد تبقى بعض الإناث الصغيرة مع مجموعتها الأصلية وتتكاثر.
وتبلغ النضج الجنسي في عمر 8 – 9 أشهر، وقد يعيش الثعلب خفاشي الأذنين في الأسر حتى 14-17 عاماً بينما يصل عمرها في البرية إلى 9 سنوات.
حالة حفظ
يصنف هذا النوع على أنه من الأنواع الأقلّ إثارة للقلق من قِبل الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة والمعهد الوطني للتنوع البيولوجي في جنوب أفريقيا.
ويحظى جزء من نطاق انتشاره بحماية عرضية ضمن مناطق محمية. [1]
الدور في النظام البيئي
يلعب الثعلب خفاشي الأذنين دوراً حيوياً في الحفاظ على توازن النظام البيئي من خلال السيطرة على أعداد النمل الأبيض، الذي يعد من الآفات الضارة.
ويعتبر هذا الثعلب مفترساً متخصصاً يتغذى بشكل أساسي على النمل الأبيض، مما يمنع تكاثرها المفرط وانتشارها الذي قد يلحق أضراراً جسيمة بالنباتات والمحاصيل الزراعية.
وداعاً، أيها المخلوق الفريد
وهكذا، نكون قد استعرضنا حياة الثعلب خفاشي الأذنين، هذا المخلوق الفريد الذي يقطن البراري الإفريقية.
بآذانه الكبيرة وسلوكه المميز، يظل هذا الثعلب لغزاً مثيراً للاهتمام في عالم الحيوان.
نأمل أن تكونوا قد استمتعتم بهذه الرحلة الاستكشافية، وندعوكم الآن لمشاركتنا آرائكم وانطباعاتكم في قسم التعليقات أدناه.
ما هي أكثر معلومة أثارت دهشتكم حول هذا الثعلب؟