هل تعلم أن حيواناً صغيراً مثل ابن عرس الأوروبي “European polecat” يمكن أن يكون له ثلاثة أوجه مختلفة؟
وجه في البرية كصياد ماهر، و وجه آخر كهجين ناتج عن تزاوج بين أنواع مختلفة، و وجه ثالث كحيوان أليف يُعرف باسم “ابن مقرض”.
في هذه المقالة، سنجيب عن هذا السؤال ونأخذك في رحلة شيقة لاستكشاف كل ما يتعلق بهذا الحيوان المثير.
الاسم العلمي | Mustela putorius |
الأسماء الشائعة | ابن عرس الأوروبي، ابن عرس المنتن الأوروبي، السفشة الأوروبية، ابن عرس الأسود، ابن عرس الغابة |
الفصيلة | العرسيات |
الموطن | أوروبا وغرب آسيا وشمال أفريقيا |
حالة الحفظ | أقل إثارة للقلق |
محتويات
موطن ابن عرس الأوروبي
ينتمي ابن عرس الأوروبي أو السفشة الأوروبية إلى فصيلة العرسيات وعائلة ابن عرس.
وينتشر على نطاق واسع في أوروبا وغرب آسيا وشمال أفريقيا.
وتحديداً في غرب المنطقة القطبية الشمالية وصولاً إلى جبال الأورال في روسيا، مع غيابه عن أيرلندا وشمال الدول الاسكندنافية ومعظم منطقة البلقان.
كما يتواجد بشكل محدود في شمال اليونان، وفي جبال الريف بالمغرب.
وقد تم إدخال شكله المستأنس “ابن مقرض”، إلى بريطانيا وبعض جزر البحر الأبيض المتوسط ونيوزيلندا.
والذي تم تدجينه منذ أكثر من 2000 عام لغرض صيد القوارض والأرانب. [1]
البيئة
يفضل ابن عرس الأوروبي العيش بالقرب من مصادر المياه العذبة كالأنهار والبحيرات، وفي الأراضي الرطبة كالمستنقعات والأهوار.
وعلى أطراف الغابات حيث يلتقي الغطاء الشجري بالمناطق المفتوحة.
كما يفضل أيضاً الأراضي العشبية التي تتخللها تجمعات من الأشجار والشجيرات، مما يوفر له الغطاء والمأوى وفرص الصيد. [2]
شكل ابن عرس الأوروبي
- تم التعرف على سبعة أنواع فرعية منه، ويعد “ابن مقرض” أشهرها.
- يتراوح طول الحيوان البالغ بين 29-46 سم، وطول الذيل بين 8-16 سم، ويزن بين 650-1500 جرام.
- تمتلك معطفاً من الفراء البني المسود، ويختلف لون الفراء باختلاف الفصول.
- في الشتاء، يكون الفراء سميكاً وناعماً ولامعاً، بينما يصبح في الصيف بعد التساقط مرتين سنوياً، رقيقاً وباهتاً ويفقد بريق الشتاء.
- تتميز ببنية نحيفة تشبه ابن عرس، ولها أرجل قصيرة، لكنها على الرغم من ذلك تتمتع بسرعة مشي وكفاءة تفوق المظهر الذي توحيه أرجلها القصيرة.
- تتميز بوجود قناع داكن حول عينيها يشبه قناع الراكون، ويحيط بهذا القناع وجه أبيض مزين بأذنين ذات أطراف بيضاء، مما يمنحها مظهراً مميزاً.
- تمتلك زوجاً من الغدد الشرجية التي تفرز سائلاً قوياً ذي رائحة نفاذة جداً، وتُستخدم هذه الإفرازات كوسيلة للدفاع عن النفس عند الشعور بالخطر أو الإثارة.
- تتميز جماجمها بشكل “مربع” يشبه جماجم الكلاب أكثر من العرسيات الأخرى، بينما تشبه وجوهها وجوه المنك أكثر من وجوه ابن عرس.
- حاسة البصر لديهم ليست حادة جداً، فهم يعتمدون بشكل أساسي على حاسة الشم لتتبع الفريسة.
سلوك ابن عرس الأوروبي
يعد ابن عرس الأوروبي مخلوق انفرادي يدافع بشدة عن أراضيه.
ويتشارك الذكور والإناث نطاقات منزلية مع أفراد من نفس الجنس، مع امتلاك الذكور نطاقات أكبر، ونادراً ما تلاحظ علامات إقليمية.
وهي حيوانات ليلية في الغالب باستثناء الإناث التي لديها صغار التي قد تبحث عن الطعام نهاراً.
وتستخدم هذه الحيوانات مواقع أوكار متعددة موزعة في نطاقها، وغالباً ما تنشط حول جحور الأرانب.
وقد تستخدم مباني المزارع أو أكوام القش للاحتماء في الشتاء، وأحياناً جحور الغرير أو الثعالب المهجورة.
وعادة ما يكون هذا الحيوان صامتاً، لكنه قد يصرخ عند الغضب وعند الانزعاج، كما تصدر أصواتاً منخفضة للتواصل مع الشريك أو الصغار. [2]
غذاء ابن عرس الأوروبي
يعتبر ابن عرس الأوروبي من الحيوانات آكلة اللحوم التي تتغذى بشكل أساسي على القوارض والأرانب.
وتُظهر شراسةً كبيرةً تمكنها من اصطياد فرائس أكبر منها حجماً بكثير، مثل الإوز والأرانب البرية.
وفي حالات ندرة الطعام، قد تلجأ إلى أكل الحشرات والفواكه، على الرغم من أن قدرتها على هضم هذه الأطعمة أقل من الكلاب والدببة.
وقد لوحظ قيام أحد أنواع هذا الحيوان باصطياد الثعابين على ضفاف الأنهار ونقلها إلى وكره. [2]
طريقة الصيد
يعتمد ابن عرس الأوروبي في صيده على تعقب الفريسة والإمساك بها بأنيابه وقتلها بعضة في الرقبة، وهي طريقة غريزية تتقن بالممارسة.
كما يميل ابن عرس أحياناً إلى تخزين طعامه، خاصةً خلال مواسم وفرة الضفادع والعلاجيم.
وفي بعض الأحيان يشل حركة فريسته بعضة عند قاعدة الجمجمة بدلاً من قتلها مباشرةً للحفاظ عليها طازجة. [1]
أعداء ابن عرس الأوروبي
رغم قدرة ابن عرس الأوروبي على التعايش مع المنك الأوروبي، إلا أنه يواجه صعوبات في المناطق التي يتواجد فيها المنك الأمريكي الغازي.
وذلك بسبب تنافسهما على نفس مصادر الغذاء من الثدييات، حيث يتغذى المنك الأمريكي عليها بوتيرة أعلى.
كما يُعرف عنه طرد ابن عرس الأوروبي من موائله في الأراضي الرطبة.
تكاثر ابن عرس الأوروبي
يتكاثر هذا الحيوان موسمياً، ولا توجد طقوس مغازلة، ويتزاوج كل ذكر مع العديد من الإناث.
وتستمر فترة الحمل من 40 – 43 يوماً، وتلد الأنثى عادةً من خمسة إلى عشرة صغار.
ويولد الصغار بوزن يتراوح بين 9 – 10 جرامات، وهي صماء وعمياء، ومن المعروف أن الأنثى تواجه البشر الذين يقتربون كثيراً من صغارها. [1]
العناية بالصغار
بعد أسبوع، يكسو الصغار فراء أبيض حريري يستبدل بفراء بني رمادي خلال 3-4 أسابيع.
ويتم الفطام في الأسبوع الثالث، وتظهر الأسنان الدائمة بعد 7-8 أسابيع، ليصبحوا مستقلين بين 2-3 أشهر.
على الرغم من أن النضج الكامل لا يتحقق إلا بعد ستة أشهر تقريباً، ويبلغ متوسط عمر ابن عرس الأوروبي في البرية 10 سنوات.
حالة حفظ ابن عرس الأوروبي
تنتشر حيوانات ابن عرس الأوروبي، في جميع أنحاء أوروبا ولا تعتبر مهددة بالانقراض.
وقد اكتسبت سمعة سيئة كآفة زراعية، حيث تعد أخطر على الأرانب والحيوانات البرية والدواجن من غيرها من الحيوانات ذات الحجم المماثل.
تاريخياً، كان صيدها رياضة شائعة في بعض المناطق، ويعتبر فرو هذا النوع ذا قيمة عالية، حيث يستخدم في صناعة الملابس والزينة، على الرغم من رائحته الكريهة التي تشكل تحدياً.
بينما بدأت تربية ابن عرس الأوروبي تجارياً في بريطانيا في عشرينيات القرن العشرين.
واكتسبت أهمية اقتصادية في فنلندا والاتحاد السوفييتي، لكنها لم تنتشر في أمريكا الشمالية بسبب قوانين الاستيراد. [1]
الدور في النظام البيئي
يساهم ابن عرس الأوروبي في تنظيم أعداد القوارض، ويعد نسلها المستأنس “ابن مقرض”، حيواناً أليفاً شائعاً استُخدم في الصيد لآلاف السنين.
ومع ذلك، قد تلحق هذه الحيوانات أضراراً بمزارع الدواجن أحياناً، حيث تقتل أعداداً تفوق حاجتها من الطعام وتخزن الفائض لاستهلاكه لاحقاً.
ابن مقرض
ابن مقرض (Mustela furo) هو حيوان ثديي صغير مستأنس ينتمي لعائلة العرسيات.
ويعتبر النوع الأليف من ابن عرس الأوروبي وأحد أنواعه الفرعية السبعة، حيث يتشابه معه جسدياً بأجسامهم الطويلة والنحيلة.
وقد تم تربية ابن مقرض تاريخياً للرياضة وصيد الأرانب، ويستخدم حديثاً كحيوان أليف منزلي في أمريكا الشمالية.
كما يستخدم في الأبحاث العلمية، خاصة في علم الأعصاب والأمراض المعدية كالإنفلونزا.
وعادةً ما يقضي ابن مقرض معظم وقته (14-18 ساعة يومياً) في النوم، وينشط في الفجر والغسق، ويحتاج للعب والتمرين اليومي.
ويعيش في مجموعات اجتماعية على عكس أسلافه المنعزلين، وهو حيوان إقليمي يحب الحفر والنوم في أماكن مغلقة.
ويمتلك ابن مقرض غدداً شرجية لإفراز الروائح يستخدمها في تحديد الهوية والتواصل، وقد يفرزها عند الخوف، ولكن رائحتها أقل قوة من رائحة الظربان.
ويباع معظم ابن مقرض الأليف منزوع الغدد في الولايات المتحدة، بينما يعتبر ذلك تشويهاً في أماكن أخرى.
ويعد ابن مقرض من آكلات اللحوم، ويتكون نظامه الغذائي الطبيعي من فرائس كاملة.
ويحتاج لتناول الطعام بشكل متكرر بسبب قصر جهازه الهضمي وسرعة الأيض.
وتعتبر الأطعمة الجافة المحضرة التي تتكون من اللحوم (بما في ذلك طعام القطط عالي الجودة) مناسبة له، ويفضل البعض إطعامه فرائس مقتولة أو حية. [3]
التهجين بين أنواع ابن عرس
1- هجين ابن عرس الأوروبي مع ابن مقرض
هجين ابن عرس الأوروبي مع ابن مقرض، هو نتاج تزاوج ابن عرس أوروبي بري مع ابن مقرض المستأنس.
ويتميز بوجود رقعة بيضاء في الحلق وأقدام بيضاء وشعر أبيض متناثر في الفراء.
ويصعب التمييز بين ابن عرس النقي والهجين عبر تحليل الحمض النووي بسبب التقارب والاختلاط الشديد بينهما.
ويتميز الهجين بتحسن البصر والقدرات البدنية والاستقلالية مقارنةً مع ابن مقرض الأصيل.
ولكنه يتطلب روتيناً إثراءياً صارماً لتجنب الملل وقد يرفض دخول الجحور غير المألوفة ولا يتكيف جيداً مع الأقفاص.
ويُروج البعض للهجائن كبديل أفضل لصيد الأرانب، إلا أنها غالباً ما تكون أقل استعداداً للتعود على الكلاب وأكثر ميلاً لقتل الفريسة بدلاً من إخراجها من الجحر. [4]
2- ابن عرس الأوروبي مع المنك الأوروبي
هجين ابن عرس الأوروبي مع المنك الأوروبي، المعروف أيضاً باسم “خور-توماك” أو “خونوريك”.
وهو نتاج تزاوج ابن عرس الأوروبي والمنك الأوروبي، وهو تهجين نادر الحدوث في البرية.
ويقتصر عادةً على المناطق التي تشهد انخفاضاً في أعداد المنك الأوروبي.
ويُرجح أن هذا التهجين بدأ في أوائل القرن العشرين نتيجة لفترة مناخية دافئة في شمال أوروبا تزامنت مع توسع نطاق ابن عرس في موطن المنك.
ويتميز هذا الهجين بقناع وجه غير واضح المعالم، وفراء أصفر على الأذنين، وفراء سفلي رمادي-أصفر وشعر طويل بني غامق، وهو ذو حجم كبير نسبياً.
وتتمتع هذه الهجائن بقدرة جيدة على السباحة والحفر، ولكن يصعب ترويضها وتكاثرها حيث أن الذكور عقيمة بينما الإناث خصبة.
وتشير الدراسات إلى أن هذه الهجائن تتجنب الموائل المائية أكثر من المنك الأصيل، وتتسامح مع وجود كلا النوعين الأبويين في أراضيها.
ويتشابه نظامها الغذائي في الصيف مع المنك، حيث تعتمد بشكل أساسي على الضفادع.
بينما يتداخل نظامها الغذائي في الشتاء بشكل أكبر مع ابن عرس، حيث تتناول نسبة أكبر من القوارض، مع استمرار اعتمادها على الضفادع.
وقد تم إنتاج أول هجين بين ابن عرس والمنك في الأسر عام 1978 في الاتحاد السوفييتي بهدف الحصول على فراء ذي قيمة أعلى من فراء كلا النوعين الأبويين. [5]
وداعاً، أيها المخلوق الفريد
بهذا نكون قد تعرفنا على جوانب مختلفة من حياة ابن عرس الأوروبي، من حياته البرية إلى علاقته بالإنسان.
نأمل أن تكونوا قد استمتعتم بهذه الرحلة واستفدتم من المعلومات المقدمة.
ندعوكم الآن لمشاركة آرائكم وتعليقاتكم وأسئلتكم في خانة التعليقات أدناه.