في أقصى الجنوب، حيث الجليد يكسو الأرض والبحر، تعيش كائنات فريدة تكيفت مع قسوة المناخ ببراعة.
من بين هذه المخلوقات، تبرز فقمة الفراء القطبية الجنوبية “Antarctic fur seal”.
في هذه المقالة، سنلقي نظرة سريعة على حياة هذه الفقمة المدهشة، ونكشف بعض الحقائق المثيرة للاهتمام عنها.
الاسم العلمي | Arctocephalus gazella |
الأسماء الشائعة | فقمة الفراء القطبية الجنوبية |
الفصيلة | الفقمة ذات الأذنين |
الموطن | القطب الجنوبي |
حالة الحفظ | أقل إثارة للقلق |
محتويات
موطن فقمة الفراء القطبية الجنوبية
تنتمي فقمة الفراء القطبية الجنوبية إلى فصيلة الفقمة ذات الأذنين وعائلة فقمات الفراء.
وتعيش في جزر شبه القطب الجنوبي مثل جورجيا الجنوبية وجزيرة بيرد، وتُعرف بهجراتها الموسمية المثيرة.
ورغم اسمها، فإنها لا تقتصر على القارة القطبية، بل تتواجد أحياناً قرب سواحل أمريكا الجنوبية.
وخلال الشتاء، تهاجر الإناث جنوباً نحو الحواف الجليدية، بينما يبقى الذكور غالباً قرب الجزر.
وأما الصغار فتبقى قريبة من أماكن ولادتها قبل الانتقال تدريجياً إلى المحيط المفتوح. [1]
البيئة
تقضي فقمة الفراء القطبية الجنوبية معظم حياتها في المحيط بحثاً عن الطعام.
بينما تفضل عند خروجها إلى اليابسة الاستقرار في المناطق الصخرية أو الشواطئ أو حتى المناطق المغطاة بالنباتات.
ويتميز الذكور بقدرة مذهلة على الغوص حتى عمق 350 متراً، بينما تصل الإناث إلى 210 أمتار كحد أقصى.
كما تُظهر الإناث تحملاً فريداً في رحلاتها عبر المحيط المفتوح، حيث تقطع مسافات شاسعة لفترات طويلة بين مواسم التكاثر، مما يجعلها رائدة في استكشاف أعماق البحار الباردة!
شكل فقمة الفراء القطبية الجنوبية
- فقمة الفراء هي حيوان بحري متوسط الحجم، يتميز برقبة طويلة نسبياً وخطم مدبب مقارنة بفصائل الفقمات الأخرى.
- يكون الأنف قصير ولا يمتد كثيراً بعد الفم، والأذنين خارجيتين بارزتين وطويلتين.
- تمتلك زعانف أمامية طويلة وزعانف خلفية أقصر قليلاً.
- الذكور ضخمة الحجم مقارنة بالإناث، حيث يصل طولها إلى 2 متر و وزنها 133 كجم، بينما لا تتجاوز الإناث 1.4 متر و34 كجم.
- لون الذكور البالغة بني غامق، بينما الإناث والصغار رمادية فاتحة مع جوانب بطنية أفتح.
- تولد الصغار بلون بني داكن قريب للسواد، مع وجود حالات نادرة لصغار مصابة باللوكيستية (فقدان جزئي للصبغة).
سلوك فقمة الفراء القطبية الجنوبية
تتمتع فقمة الفراء القطبية الجنوبية بسرعة مذهلة على اليابسة.
حيث تتفوق على البشر في التحرك عبر الصخور الزلقة والأعشاب الكثيفة بسرعة تصل إلى 20 كم/ساعة، وتزيد هذه السرعة أثناء السباحة.
وبعد موسم التكاثر، تهاجر إلى البحر من مايو إلى نوفمبر، لكن وجهتها تبقى غامضة، بينما يظل بعض الذكور والصغار على الشواطئ طوال العام.
وعند البحث عن الطعام، تغوص هذه الفقمة إلى عمق 30 متراً لمدة دقيقتين تقريباً في كل غطسة. [1]
التواصل
تستخدم فقمة الفراء القطبية الجنوبية الأصوات بذكاء للتواصل، حيث يصدر الذكور زئيراً تهديدياً لمواجهة المنافسين أو الحيوانات المفترسة.
وأما الإناث، فتركز تواصلها على صغارها عبر نداءات عالية النبرة تتعرف بها الجراء على أمهاتها عند عودتهن من الصيد. وبالإضافة إلى استخدام الرائحة لتأكيد الهوية عند الاقتراب.
غذاء فقمة الفراء القطبية الجنوبية
تفضل هذه الفقمة الصيد ليلاً وتعتمد في غذائها بشكل رئيسي على الكريل والأسماك والحبار، مع اختلاف النسب حسب الفصل والموقع الجغرافي.
فخلال موسم التكاثر، تعتمد الإناث المرضعة في جزر مثل جورجيا الجنوبية على الكريل بشكل كبير.
بينما تستهلك الذكور مزيجاً متوازناً من الكريل والأسماك في الشتاء.
وفي جزر أخرى كـ”ماكواري” و”كيرغولين”، يتركز النظام الغذائي على الأسماك والحبار.
كما تم ملاحظة سلوكيات افتراس نادرة تجاه طيور البطريق الصغيرة، حيث تنجح الذكور البالغة فقط في اصطيادها سواء على البر أو في البحر. [2]
المفترسات
تعد الفقمة النمرية من أبرز مفترسات فقمة الفراء القطبية الجنوبية.
حيث تساهم بشكل كبير في ارتفاع معدل وفيات صغار الفقمة، خاصةً قبل الفطام بين شهري يناير ومارس.
مما يعيق نمو مستعمرات الفقمة في بعض المناطق مثل جزيرتي إليفانت وليفينجستون في جزر شيتلاند الجنوبية.
بالإضافة إلى ذلك، تُفترس هذه الفقمة أيضاً من قِبل الحيتان القاتلة وأسماك القرش.
تكاثر فقمة الفراء القطبية الجنوبية
يصل الذكور أولاً إلى مستعمرات التكاثر ويستنزفون طاقتهم للدفاع عن مناطقهم الساحلية قبل وصول الإناث بشهر.
ويخسر الذكور البالغون وزناً ويصابون بجروح أثناء النزاعات على المناطق المميزة القريبة من الماء، ما يجعلهم ينتظرون حتى سن الثامنة تقريباً لفرض هيمنتهم.
ويسيطر الذكور الأقوى على المواقع الأفضل، فيما تحتل المجموعات الأضعف مناطق أعلى الشاطئ، ويتزاوج الذكر الواحد مع 27 أنثى في المتوسط.
وتلد الإناث صغيراً واحداً بعد فترة حمل تتراوح بين 8-9 شهور، وتتزاوج بعده مجدداً خلال أسبوع.
وتعود هذه الفقمات سنوياً إلى مواقع تكاثرها السابقة، ربما لارتباطها ببقاء صغارها السابقين، مما يعزز استمرار هذا النمط الاجتماعي المعقد. [2]
العناية بالصغار
تولد صغار فقمة الفراء القطبية الجنوبية في أكتوبر أو أوائل نوفمبر بوزن متوسط يبلغ حوالي ستة كجم.
وتتجول وتتفاعل مع بعضها البعض بينما تكون أمهاتها في رحلات البحث عن الطعام.
وتبدأ بعض الصغار بالنزول إلى الماء في أوائل يناير، لكنها لا تتقن السباحة إلا بحلول مارس.
وتستخدم الأمهات الأصوات للعثور على صغارها عند عودتها إلى الشاطئ، ويتأكد الصغار من هويتها عن طريق الرائحة.
وخلال فترة الرضاعة، تخرج الإناث في رحلات متكررة للبحث عن الطعام في البحر.
وتتراوح مدتها بين1 – 13 يوماً (بمتوسط 5 أيام)، ثم تعود لإرضاع صغارها لمدة يومين قبل العودة مرة أخرى.
وتستمر الرضاعة لمدة 117 يوماً تقريباً، وتصل الصغار إلى النضج الجنسي بعد 3-4 سنوات.
في حين يعيش الذكور في البرية حتى 15 عاماً، بينما قد تعيش الإناث حتى 25 عاماً. [1]
حالة حفظ فقمة الفراء القطبية الجنوبية
انخفضت أعداد فقمات الفراء إلى أقل من 3000 فرد في القرن التاسع عشر، مما دفع إلى تصنيفها كنوع محمي بشكل خاص في عام 1964.
ومنذ ذلك الحين، شهدت أعدادها نمواً كبيراً، حيث تُقدّر اليوم بين 4 – 7 ملايين فقمة، مما يجعل خطر انقراضها ضئيلاً.
وتعيش الغالبية العظمى من هذه الفقمات في جزر جورجيا الجنوبية.
حيث تشير التقديرات إلى انخفاض أعداد الإناث البالغات بنسبة 30% بين عامي 2003 و2012.
ورغم ذلك، يصنف وضعها الحالي وفقاً للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة بأنه “أقل إثارة للقلق”، وهي محمية بموجب اتفاقيات دولية وقوانين حكومية. [2]
الدور في النظام البيئي
تلعب فقمة الفراء دوراً مهماً في النظام البيئي كحيوانات مفترسة رئيسية تتغذى على الكريل والأسماك والحبار.
مما يساعد في الحفاظ على التوازن البيئي في تلك المنطقة، كما أنها تعد فريسة للعديد من الحيوانات، مما يجعلها جزءاً حيوياً في السلسلة الغذائية البحرية.
وداعاً، أيها المخلوق الفريد
بعد هذه النظرة الشاملة على حياة فقمة الفراء القطبية الجنوبية، نأمل أن تكونوا قد استمتعتم بمعرفة المزيد عن هذه الكائنات الرائعة.
ندعوكم لمشاركة آرائكم وتعليقاتكم في قسم التعليقات.