في قلب سهوب آسيا الوسطى الشاسعة، يعيش كائن رشيق ورائع يجسد جمال وقوة الطبيعة.
إنه الغزال المنغولي “Mongolian gazelle” الذي يتميز بحجمه المتوسط وقرونه المقوسة.
في هذه المقالة، سنغوص في عالم هذا المخلوق المدهش، ونتعرف على خصائصه وسلوكه وحياته.
الاسم العلمي | Procapra gutturosa |
الأسماء الشائعة | الغزال المنغولي |
الفصيلة | البقريات |
الموطن | قارة آسبا |
حالة الحفظ | أقل إثارة للقلق |
محتويات
تصنيف الغزال المنغولي
على الرغم من أن الغزلان المنغولية يشار إليها عادةً باسم “الغزلان”، إلا أنها ليست غزلاناً “حقيقية” من الناحية التصنيفية.
فهذه المجموعة، التي تشمل أيضاً غزال التبت وغزال برزيفالسكي النادر، تنتمي إلى جنس “Procapra” الخاص بها، التابع لقبيلة الظباء، ضمن عائلة البقريات من رتبة مزدوجات الأصابع.
وتتميز الغزلان الثلاثة بفراء أكثر زغباً على عكس الغزلان ذات الفراء الناعم.
كما أن وجهها يشبه “أيل الماء” أكثر من الغزلان الحقيقية، مما يعكس تنوعاً فريداً في خصائصه التشريحية مقارنةً بأقربائه. [1]
موطن الغزال المنغولي
كانت الغزلان المنغولية تتواجد في مناطق واسعة تمتد عبر منغوليا وأجزاء من الدول المجاورة مثل كازاخستان وروسيا والصين. وتغطي مساحة تقدر بحوالي 1.2 مليون كيلومتر مربع.
ولكنها اليوم، وبسبب الصيد الجائر وتدهور البيئة، انحسرت أعدادها بشكل كبير.
وتتواجد فقط في سهول آسيا الوسطى شبه القاحلة في منغوليا وجنوب سيبيريا وشمال الصين. [2]
البيئة
تزدهر الغزلان المنغولية في مناطق السهوب والأراضي العشبية الجافة في منغوليا والصين وروسيا.
حيث تتكيف مع المناخ القاسي الذي يتضمن الشتاء البارد والصيف الحار.
وتتميز هذه المناطق بمعدل هطول أمطار قليل وموسم نمو قصير، مما يجعل الحياة صعبة بالنسبة لهذه الغزلان.
ويقدر النطاق العالمي للغزال المنغولي بـ 746281 كيلومتر مربع، منها 91٪ في منغوليا، و5٪ في الصين، و4٪ في روسيا.
شكل الغزال المنغولي
- يصل ارتفاع الغزال البالغ عند الكتفين إلى حوالي 75 سم، وأما وزنه فيتراوح بين 25 – 30 كجم.
- تتميز بفراء متغير اللون حسب الفصول، يكون لونه في الصيف برتقالياً مصفراً وبطن أبيض، ويكون في الشتاء أفتح لوناً.
- تتميز ببقعة بيضاء مميزة على شكل قلب على منطقة المؤخرة.
- يمتلك الذكور فقط قروناً يتراوح طولها بين 22.5 – 35.5 سم، وتكون هذه القرون مقوسة بشكل مميز.
- يولد الصغار بوزن يتراوح بين 2.8 – 3 كجم، ويبلغ طولهم من الرأس إلى الردف حوالي 51 – 56 سم.
سلوك الغزال المنغولي
تتميز الغزلان المنغولية بحياة اجتماعية نشطة، حيث تعيش في مجموعات طوال العام، لكن حجم هذه المجموعات يختلف بين الصيف والشتاء.
ففي الصيف، تتكون المجموعات عادةً من 20 – 30 فرداً، بينما تزداد أعدادها في الشتاء لتصل إلى المئات، وأحياناً إلى آلاف الأفراد.
وهذه الزيادة في حجم المجموعة خلال الشتاء يساعدها على مواجهة الظروف القاسية.
وتتمتع الغزلان المنغولية بقدرة عالية على التكيف مع البيئات الجافة، وتصل سرعتها إلى 60-65 كيلومتراً في الساعة.
كما تستطيع القفز لمسافات كبيرة، حيث يمكنها القفز إلى ارتفاع يصل إلى مترين وإلى مسافة تصل إلى 4 – 6 أمتار. [1]
التنقل الدائم
تتميز الغزلان المنغولية بتنقلها الدائم بحثاً عن الغذاء، حيث تتبع المراعي الخضراء، وخاصة خلال فترات الولادة والشتاء.
ففي الشتاء، تكون هذه الغزلان نهارية في الغالب، ولكن في الصيف، تنشط بعد شروق الشمس بقليل وقبل غروبها.
وتميل إلى السفر كثيراً، وتحدث الهجرة في الربيع والخريف، ولكن المسافة والاتجاه يختلفان حسب الطقس وتوافر الغذاء. [2]
التواصل
تستخدم الغزلان المنغولية مجموعة متنوعة من الإشارات للتواصل، بما في ذلك الإشارات البصرية ولغة الجسد.
بالإضافة إلى الأصوات المحتملة وإشارات الرائحة المهمة للتزاوج وبين الأم وصغارها.
وبالطبع، يلعب التواصل الجسدي دوراً هاماً في تفاعلاتها الاجتماعية.
وتمتلك الغزلان المنغولية حاسة بصر قوية، لكن حاستي الشم والسمع لديها أضعف نسبياً.
غذاء الغزال المنغولي
تصنف الغزلان المنغولية كـ “مجترات متوسطة التغذية”، فهي وسط بين الحيوانات العاشبة والراعية من حيث الشكل والجهاز الهضمي.
وتتكيف هذه الغزلان مع بيئتها المتغيرة بفضل نظامها الهضمي المرن، حيث تستطيع هضم الأطعمة الغنية بالألياف بكفاءة أكبر في الخريف والشتاء.
وتحتفظ بالطعام لفترة أطول لهضمه بشكل كامل خلال فترات نقص الغذاء.
وتعتمد الغزلان المنغولية بشكل أساسي على الأعشاب كمصدر غذائي، وتفضل الأطعمة ذات الجودة العالية عندما تكون متاحة.
وتلجأ إلى الشيح وشجيرات البازلاء والبصل والبقوليات في الربيع والصيف.
كما تمتلك هذه الغزلان كائنات دقيقة تساعدها على إعادة تدوير النيتروجين لتخليق البروتين، مما يعوض نقص النيتروجين في الغذاء خلال الخريف والشتاء.[2]
المفترسات
تعد الذئاب والكلاب والعقبان من أبرز الحيوانات المفترسة لغزلان المنغولية.
بالإضافة إلى بعض الحيوانات الأخرى مثل قطة بالاس والثعالب والطيور الجارحة التي تستهدف صغار الغزلان حديثي الولادة.
وتتعرض الغزلان لهجمات الذئاب بشكل خاص في أواخر الشتاء والربيع عندما تكون الذكور مرهقة بعد التزاوج، وفي أوائل الصيف عندما تكون الإناث حوامل.
ولحماية نفسها من هذه المفترسات، طورت الغزلان المنغولية استراتيجيات دفاعية فعّالة، مثل الولادة الجماعية في الربيع والتجمع في قطعان كبيرة، مما يزيد من فرص بقاء الصغار على قيد الحياة.
تكاثر الغزال المنغولي
يحدث التزاوج من منتصف نوفمبر إلى أوائل فبراير، ويتزاوج الذكر الواحد مع حوالي 13 أنثى.
وبعد فترة حمل تدوم حوالي 7 أشهر، تلد الإناث عادةً مولوداً واحداً في منتصف يونيو إلى منتصف يوليو، ونادراً ما يكون توأم.
وتتجمع الإناث قبل الولادة في قطعان كبيرة لتلد في فترة متزامنة، وهي استراتيجية لمكافحة موسم النمو القصير والحيوانات المفترسة. [2]
العناية بالصغار
تعتني الأنثى بصغارها من خلال توفير الحليب والعناية والحماية لهم لمدة عام تقريباً.
وتبقى الصغار مع القطيع حتى تصل إلى مرحلة النضج الجنسي.
حيث تصل الإناث إلى مرحلة النضج الجنسي في عمر 1.5 سنة، بينما يصل الذكور إلى مرحلة النضج الجنسي في عمر 2.5 سنة تقريباً.
ويبلغ متوسط عمر الغزال المنغولي حوالي 7 سنوات للذكور و 9 سنوات للإناث، ويعزى قصر العمر نسبياً إلى تآكل الأسنان السريع.
حالة حفظ الغزال المنغولي
يصنف الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة والموارد الطبيعية الغزال المنغولي ضمن الأنواع “الأقل إثارة للقلق”.
وكانت الغزلان المنغولية في الماضي أكثر الحيوانات البرية ذات الحوافر عدداً في المراعي الصينية، لكن أعدادها انخفضت بشكل كبير.
فبعد أن كانت أعدادها تقدر بحوالي 1.5 مليون في أربعينيات القرن العشرين، انخفضت اليوم إلى ما بين 300 ألف و500 ألف فقط.
وذلك بسبب تدهور المراعي نتيجة التوسع البشري والرعي الجائر، بالإضافة إلى الصيد المفرط والتصحر.
ورغم أن الحكومة الصينية أدرجت الغزلان المنغولية ضمن قائمة الأنواع المحمية، وسنت قوانين لمكافحة الصيد الجائر وحماية الموائل، إلا أن هذه الجهود لم تكن كافية لوقف التدهور.
ولأن هذا النوع يهاجر بين الصين ومنغوليا، فإن التعاون بين الدولتين ضروري لإنقاذ هذه المخلوقات. [2]
الدور في النظام البيئي
تلعب الغزلان المنغولية دوراً هاماً في النظام البيئي، فهي تعد مصدر غذاء للعديد من الحيوانات المفترسة في بيئتها.
كما أن أعدادها الكبيرة وأنماط رعيها يحتمل أن تؤثر على المجتمعات النباتية التي تتغذى عليها.
الأنواع المشابهة
1- غزال التبت
يعيش غزال التبت (Procapra picticaudata) في هضبة التبت، يتميز بلونه البني الرمادي، وقرون ذكوره الطويلة المدببة، وذيله القصير الذي ينتهي ببقعة سوداء.
ويعيش غزال التبت في قطعان صغيرة في المروج الألبية والسهوب المرتفعة، ويتغذى على النباتات المحلية.
ويعتبر ذئب الهيمالايا ونمر الثلج من أعدائه الرئيسيين، وتتكاثر غزلان التبت في شهر ديسمبر، وتلد الأنثى صغيراً واحداً بعد فترة حمل تدوم ستة أشهر.
وعلى الرغم من أن أعداده ليست كبيرة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، إلا أنه يواجه تهديدات بفقدان الموائل بسبب توسع الزراعة والرعي. مما جعله يصنف ضمن الأنواع القريبة من خطر الانقراض. [3]
2- غزال برزوالسكي
غزال برزوالسكي (Procapra przewalskii) كان ينتشر في الماضي على نطاق واسع في شمال غرب الصين ومنغوليا الداخلية.
ولكنه الآن يوجد فقط في منطقة صغيرة حول بحيرة تشينغهاي، ويتميز هذا الغزال بحجمه الصغير نسبياً، ويتغذى على الأعشاب والشجيرات.
ويعتبر من الحيوانات المهددة بالانقراض بسبب فقدان موطنه والمنافسة مع الماشية، ويُقدر عدد أفراده البالغين المتبقين بالمئات. [4]
وداعاً، أيها المخلوق الفريد
بعد هذه الجولة في عالم الغزال المنغولي، نأمل أن تكونوا قد استمتعتم بمعرفة المزيد عن هذا الكائن الصحراوي الرائع.
ندعوكم لمشاركة آرائكم وتعليقاتكم في قسم التعليقات.